“بيزنس بلازما المتعافين من كورونا” يثير جدلًا في مصر.. والأزهر يصدر بيانًا

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

بعد أسبوع من إعلان وزارة الصحة المصرية عن نجاح تجربة حقن الحالات الحرجة المصابة بفيروس كوفيد 19 “كورونا” ببلازما المتعافين وتحسن حالتهم، باتت “البلازما” طوق نجاة أمام المصابين، لا سيما الحالات الحرجة.

وبينما تناشد وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد المتعافين من فيروس كورونا بالتبرع بالدم في المراكز المخصصة التابعة للوزارة حتى يتسنى للأطباء فصل البلازما واستخدامها لإنقاذ الحالات الحرجة، استغل البعض حاجة المصابين وأملهم في الشفاء، وحول المشهد الإنساني إلى أغراض تجارية يحقق من ورائها ربحًا، مما أثار الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” حتى حسم الأزهر الشريف الأمر وأصدر بيانًا عاجلًا.

القصة بدأت عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي منشورًا لأحد الأشخاص قام بتأسيس مجموعة بتاريخ 5 يونيو الجاري تحت مسمى “بيع بلازما المتعافين من كورونا”، وطالب متابعوه ممن يرغبون في شراء البلازما بالتواصل معه: “اللي عاوز يشتري أو يبيع بلازما متعافين من كورونا .. يتواصل مع الأدمن”.

تواصلت “رؤية” مع صاحب المنشور لمعرفة تفاصيل الأسعار أو موقعه الجغرافي، ولكن لم يجب حتى كتابة هذه السطور.

بعد يوم من التاريخ السالف ذكره، نشر الدكتور جمال شعبان عميد معهد القلب السابق، تدوينة قائلًا: “مريض كورونا تعافى الحمد لله وبعد ما كان أقرب للموت منه للحياة يقوم أول ما يشم نفسه وربنا أنعم عليه بالشفاء إنه يبيع البلازما لمريض تاني في نفس حالته بمبلغ ٢٠ ألف جنيه”.

استغلال الأزمة

أثارت المنشورات غضب الكثير من رواد مواقع التواصل، مستنكرين استغلال حاجة المصابين واستغلال الأزمة التي تمر بها البلاد، فيما برر قلة منهم الأمر بأنه أشبه بالتعويض المادي لتكاليف علاج المتعافي، بينما أرجع آخرون الأمر إلى شبهة فساد.

فقال خالد عبدالعظيم: “المفروص كل واحد يتعالج بكتب إقرار على نفسه إن بتبرع بالبلازما أو يدفع تكلفة العلاج وخلي الأقسام تشتغل في ناس معندهمش ريحة الحياء”.

بينما سألت مروة خالد: “عندي سؤال كده، هو فيه تحليل معين بيبين إن الإنسان كان عنده كورونا وخف منها؟ لأن طالما فيه إنسان معندوش ضمير وعمل اللي موجود في البوست ده ممكن نلاقي ناس بتستهبل وتضحك على حد مريض وتقوله إحنا كان عندنا كورونا وخفينا، وهات فلوس علشان نديلك بلازما، يعني ندخل في حوارات نصب كمان لا قدر الله”.


الأزهر يحسم الأمر: الجسد ملك لله ولا يحق بيعه        

في غضون ذلك، أصدر مركز الأزهر للفتاوى الإلكترونية بيانًا يحرم فيه بيع المتعافي بلازما دمه، مؤكدًا: “جسد الإنسان ملك للخالق ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك”.

وقال الأزهر في بيانه: “أن يبيع المُتعافي بلازما دمَه مُستغلًا الجائحة فلا يجوز شرعًا؛ إذ إن جسد الإنسان بما حواه من لحمٍ ودَمٍ ملك للخالق سُبحانه لا ملكًا للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك”.

وتابع: “إنَّ ثمن الدَّم حرام لا يجوز؛ لأن الشيء إذا حُرّم أكله حُرّم بيعه وثمنه، قال سُبحانه: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ” [المائدة: 3].

“وقال ﷺ: “وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ” [أخرجه أحمد].

“وقد نَهى سيدنا رسول الله ﷺ عن ثمن الدَّم صراحةً فيما يرويه عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ، قال: “إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ..” [أخرجه البخاري].

وشدد مركز الإفتاء على حُرمةً أن يُتاجِر المُتعافي بآلام الناس فيبالغ في ثمن دمه، ويعقد عليه مزادًا سريًّا أو علنيًّا، وأن يستغل حاجة الناس ومرضهم وفاقتهم؛ فهذه والله لأخس أنواع التجارة وأذمها؛ لمنافاتها الدين والمروءة ولين القلب وكرم النفس وشكر النعمة؛ وهي صفات لا تليق بصحيح فضلًا عن أنْ يتعامل بها مريضُ الأمس مع مريضِ اليوم؛ قال الحقُّ سُبحانه في مُحكم تنزيله: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” [إبراهيم: 6].

الصحة: غير مصرح للمعامل والمستشفيات الخاصة بفصل بلازما المتعافين من كورونا

من جانب آخر، كشف الدكتور إيهاب سراج الدين مدير بنوك نقل الدم القومية بوزارة الصحة والسكان، أن المستشفيات والمعامل الخاصة غير مصرح لها بفصل بلازما المتعافين من فيروس كورونا لحقنها في المصابين، مشيرا إلى أن البنوك الــ 5 التي أعلنت عنها الوزارة هي الآمن للمتبرعين المتعافين من كورونا، وتابع: لدينا إمكانات ضخمة لتأمين البلازما وتحديد كفاءتها قبل حقنها في المصابين بكورونا.

وقال الدكتور ايهاب سراج الدين: إن بلازما المتعافين من كورونا لا يمكن حقنها للمرضى الذين يتم وضعهم على جهاز تنفس صناعي وفقط، ومن يحصلون عليه هم الحالات الحرجة والتي لم يتم وضعها علي جهاز تنفس صناعي.

وأضاف أن دعوة الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان للتبرع بالبلازما من المتعافين من كورونا، تسببت في مضاعفة حالات التبرع بين المتعافين، مشيرا إلى أن المتبرع المتعافي لا يحصل على أي مبالغ مالية وكذلك المريض الذي يتم حقنة بالبلازما يحصل على ذلك مجانا.

وكان الدكتور إيهاب سراج الدين مدير بنوك الدم القومية بوزارة الصحة  قال: إن اللجنة العلمية المكلفة بوضع البروتوكولات العلاجية للمصابين بكورونا هي الوحيدة التي تحدد المستحقين للعلاج بالبلازما، وتابع: حقن بلازما المتعافين في المصابين بالفيروس لا يصلح لكل المرضى وهناك فئة محددة يمكنها فقط العلاج بالبلازما.

وأعلنت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان، عن نجاح تجربة حقن المصابين بفيروس كورونا المستجد ببلازما المتعافين من الفيروس وذلك لعلاج الحالات الحرجة، والتي تم العمل بها في إطار جهود الدولة المصرية لإيجاد خطوط علاجية وتسابق دول العالم في إيجاد علاج للمرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد.

وأشارت الوزيرة إلى أنه تم تطبيق تجربة حقن بلازما المتعافين لبعض مصابي فيروس كورونا من الحالات الحرجة بمستشفيات وزارة الصحة والسكان، كما تم توفير البلازما لاثنين من المستشفيات الجامعية بعد طلبها، حيث أظهرت التجربة نتائج مبدأية مبشرة من خلال نسبة تعافي جيدة للمرضى وتقليل احتياج المرضى لأجهزة التنفس الصناعي مع زيادة نسب الشفاء وخروج المرضى من المستشفيات.

وناشدت الوزيرة المصرية المتعافين من فيروس كورونا بعد مرور ١٤ يومًا على شفائهم، بالتوجه إلى أقرب مركز نقل دم تابع لخدمات نقل الدم القومية بوزارة الصحة والسكان، حيث تم تفعيل العمل ب ٥ مراكز نقل دم على مستوى الجمهورية، لسحب بلازما المتعافين، تشمل المركز القومي لنقل الدم بمنطقة العجوزة بالجيزة، بالإضافة إلى عدد من المراكز الإقليمية لنقل الدم بمحافظات الإسكندرية والمنيا والأقصر وطنطا.

ومن جانبه أوضح الدكتور خالد مجاهد، مستشار وزيرة الصحة والسكان لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي للوزارة، أن التجربة تمت من خلال الفريق البحثي التابع لخدمات نقل الدم القومية، الذى يعمل ضمن اللجنة العلمية المشكلة بقرار وزير الصحة والسكان والتي تتولى وضع وتحديث بروتوكولات العلاج والإشراف على وضع وتنفيذ البروتوكولات البحثية بالتعاون مع العديد من الجهات البحثية في العالم، وذلك منذ إعلان هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عن إمكانية استخدام البلازما الخاصة بالمرضى المتعافين من فيروس كورونا المستجد لتستخدم في علاج الحالات الحرجة، نظرًا لكونها تحتوي على الأجسام المضادة للفيروس مما يعطي احتمالية لتحسن تلك الحالات خاصة مع الشواهد البحثية في العديد من دول العالم.

ربما يعجبك أيضا