تاريخ كسوة الكعبة.. يبدأ بالسعودية ولا ينتهي بمصر

رؤية
تاريخ كسوة الكعبة.. يبدأ بالسعودية ولا ينتهي بمصر 

تحمل كسوة الكعبة تاريخًا طويلًا في مصر، واحتفالات مميزة تصحبها طبل ومزامير ورجال الدين الصوفية.


مشاعر من الألفة والمحبة يحملها المصريون تجاه كسوة الكعبة، بعدما استمرت مصر في صناعة الكسوة لأكثر من قرنين من الزمان.

كانت الكسوة تُصنع في مصر، وتقام احتفالات بعد صناعتها عرفت باسم “احتفال المحمل”، يمر الاحتفال عبر شوارع مصر بالجمال قاطعًا إياها حتى الوصول إلى السعودية، وامتلأت الشوارع خلال ذلك الوقت بالمصريين الذين كانوا يودعون الكسوة الشريفة.

تاريخ كسوة الكعبة في مصر

صنعت مصر كسوة الكعبة منذ عهد الخلفاء الراشدين، تحديدًا في عهد عمر بن الخطاب، وصارت مصر وقتها دولة إسلامية بعد فتحها على يد عمرو بن العاص عام 641 ميلادية، واستمرت في صناعتها خلال عهدي عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، وكانت الكسوة تُصنع من قماش القباطي، أحد أنواع الأقمشة المصرية، ولونها أبيض.

بعد ذلك، توقفت مصر عن صناعة كسوة الكعبة منذ الدولة الأموية، بدءًا من عهد معاوية بن أبي سفيان، وانتقلت صناعتها إلى بلاد الشام، وعادت مصر مجددًا في عهد الدولة الفاطمية، وأبدع المماليك فيما بعد في صناعتها بسبب تطورهم وإبداعهم في صناعة النسيج.

احتفالات المحمل الشريف في مصر المصدر صفحة أهل زمان

احتفالات المحمل الشريف في مصر – المصدر: صفحة أهل زمان

بداية احتفالات المحمل.. وكيف كان يحتفل المصريون؟

بدأت احتفالات المحمل في عهد الملكة شجر الدر، التي حكمت مصر خلال دولة المماليك، والمحمل بالأساس عبارة عن هودج فارغ، قيل إنه كان ينتمي لشجر الدر، أما الكسوة فكانت توضع في صناديق مغلقة، وتحملها الجمال متجهة إلى أرض الحجاز.

اقرأ أيضًا: حجاج بيت الله يتوجهون إلى عرفات غدًا لقضاء يوم التروية

تدريجيًّا أصبح لاحتفالات المحمل شكلًا مميزًا، ظهر تحديدًا في عهد الظاهر بيبرس، رابع سلاطين دولة المماليك، وصاحب المحمل احتفالات بالطبل والزمر، وكان المصريون يزينون المحال التجارية، ويرقصون بالخيول، وكانت الدولة ممثلة في والي مصر أو نائبه يحضر خروج المحمل بنفسه، وتستمر الاحتفالات في القاهرة نحو 3 أيام.

مكونات المحمل.. والحضور الصوفي

يتكون موكب المحمل من جمل يحمل كسوة الكعبة، ورائه تسير جمال تعلوها المياه وأمتعة الحجاج، ولتأمين المحمل يحرس الجنود الموكب.

اقرأ أيضًا: كيف تغتنم يوم عرفة؟

ولا يقتصر المحمل على ذلك، بل يصحبهم أيضًا رجال الطرق الصوفية يدقون الطبل ويرفعون الرايات، وأصبحت الاحتفالات تقليدًا بعد ذلك إلى أن انتهى صناعة الكسوة في مصر عام 1962، خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

الرئيس المصري محمد نجيب وورائه كسوة الكعبة

تاريخ الكسوة في السعودية

بجانب مصر وبلاد الشام اللذين توليا مهمة صناعة كسوة الكعبة، فإن صناعة الكسوة بدأت من حيث انتهت، ففي مكة كانت تصنع الكسوة التي تعد ضمن مظاهر الاهتمام ببيت الله الحرام، وكانت نفقة الكساء من بيت مال المسلمين أحيانًا، وأحيانًا يتكفل بها بعض الأثرياء، ولم يخصص لون محدد لكسائها أيام الرسول، أحيانًا تكسى باللون الأبيض أو الأحمر أو الأسود أو الأخضر. ومنذ عام 1962 إلى الآن تولت السعودية صناعة كسوة الكعبة، وخصصت دارًا لصناعتها، نقل في عام 1976م إلى حي أم الجود.

اقرأ أيضًا: 3 خطوات لتفادي الجفاف أثناء تأدية مناسك الحج 2023

ولا يعتبر ذلك المصنع أول دار لكسوة الكعبة، بل سبقه مؤسسة أنشأت في حي أجياد في عام 1927م، وبعدها انتقلت إلى مصنع آخر في حي جرول، ثم ثانية إلى مصنع الكسوة في حي أم الجود منذ عام 1976 حتى الآن، وفيه انتقلت الإدارة من وزارة الحج والأوقاف إلى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في عام 1995، وأطلق على المصنع اسم مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة في عام 2016.

كسوة الكعبة المشرفة تغير مرة سنويًا

كسوة الكعبة المشرفة تغير مرة سنويًا

مراحل صناعة كسوة الكعبة

حاليًّا تصنع كسوة الكعبة من الحرير الأسود المنقوش عليه آيات من القرآن من ماء الذهب، وتكسى بها الكعبة، وتتغير مرة سنويًّا، خلال موسم الحج صبيحة يوم عرفة، في التاسع من شهر ذي الحجة، وبعد إزالة الكسوة القديمة تقطع إلى قطع صغيرة، وتُمنح كهدايا إلى شخصيات عامة إسلامية، منها قطعة مُنحت إلى الأمم المتحدة عام 1982 ميلادية.

اقرأ أيضًا: صور| قبل التكنولوجيا.. كيف كانت رحلة الحج قديمًا؟

وتمر صناعة الكسوة بعدة مراحل، الأولى هي مرحلة الصبغ، ثم صبغ القماش باللون الأسود للطبقة الخارجية، أما البطانة الداخلية باللون الأخضر، بعدها ينتقل إلى قسم المختبر، ومنه إلى قسم النسيج اليدوي لتطريز الكسوة، وتستغرق حياكتها عدة شهور.

مكونات الكسوة وتكلفتها

تتكون الكسوة من 5 قطع، يغطي كل وجه من أوجه الكعبة، والخامسة هي ستارة باب الكعبة، ويبلغ ارتفاعها 14 مترًا، وحزامها يبلغ 47 مترًا، ويكتب على الحزام أدعية مثل “يا حي يا قيوم”، “يا رحمن يا رحيم”، “الحمد لله رب العالمين”.

اقرأ أيضًا: لماذا نصوم يوم عرفة؟

وتقدر تكلفة إنتاجها نحو 20 مليون ريال سعودي، ما يجعله الثوب الأغلى في التاريخ.

ربما يعجبك أيضا