تحول تاريخي| نيوزيلندا تعلن استراتيجيتها الدفاعية.. ماذا جاء فيها؟

محمد النحاس

في ظل المنافسة المحتدمة بين الغرب والصين، تسعى نيوزيلندا لإعادة تشكيل استراتيجيتها الدفاعية وسياستها الأمنية لمعالجة جملة من التحديات التي تواجهها. 

ويوم الجمعة 4 أغسطس 2023، قدمت نيوزيلندا أول استراتيجية للأمن القومي وتشمل أولى مراحل المراجعة الدفاعية، وقد جاء فيها إبداء العزم على تعزيز المقدرات الدفاعية، وتحديث القوات المسلحة، فما أبعاد هذه الاستراتيجية؟

قدرات غير مواتية

شددت المراجعة الأمنية على أن الوضع الدفاعي الحالي لنيوزيلندا ليس مواتيًّا للاستجابة للتحديات المستقبلية التي تواجه نيوزيلندا، حسب ما ذكر تقرير نشرته مجلة (ريسبنسبول ستيت كرافت) الأمريكية المتخصصة في الشؤون الدفاعية. 

وحسب التقرير تضم الاستراتيجية 3 وثائق رئيسة تشمل مراجعة للأمن القومي، وتحديد وثيقة تحدد السياسة الدفاعية، وثالثة عن أسس تصميم القوة المستقبلية لإعادة تشكيل قدرات الجيش النيوزيلندي، بما يتناسب مع التحديات التي تواجه البلاد.

تحسين القدرات الدفاعية

تمثل الاستراتيجية التي جاءت ككل في أكثر من 12 ألف كلمة في 82 صفحة، تغيرًا كبيرًا في السياسة الخارجية والدفاعية للبلاد، حسب تقرير المجلة الأمريكية.

أحد الموضوعات الرئيسة لسياسة الدفاع الجديدة في دفع الجيش النيوزيلندي ليصبح “قادرًا على القتال”، ويوسع أنشطته في منطقة المحيط الهادي المتنازع الواقعة شمال نيوزيلندا.

وبحسب الوثيقة، “تحسين فعالية قدراتنا القتالية وغيرها من القدرات العسكرية” يعني إنفاق المزيد على كل من الأفراد والعتاد. 

حاجة ملحة واستجابة ضرورية

في حديثه مع وسائل إعلام محلية، قال وزير الدفاع النيوزيلندي، أندرو ليتل، إن بلاده بحاجة إلى الاستثمار في قوة ذات قدرات قتالية، موضحًا “لا يمكنها الاعتماد على أنها بعيدة جغرافيًّا عن مواضع الصراعات”. 

ولفت ليتل إلى أن التغييرات في البيئة الأمنية المحلية والدولية تعني أن “ردنا واستعدادنا يجب أن يتغير أيضًا”، مشيرًا إلى الحاجة الملحة إلى إعداد الكوادر اللازمة، والإمكانات، والعلاقات الدولية لحماية الأمن القومي لبلاده، حسب ما نقل موقع دويتشه فيله

الإنفاق الدفاعي 

تنفق نيوزيلندا سنويًّا نحو 1.4% من ناتجها المحلي الإجمالي على جيشها، حسب تقديرات البنك الدولي، لكن هذا الرقم سوف يرتفع خلال الفترة المقبلة.

ففي ميزانيته الأخيرة التي أعلنها شهر مايو، أعلن حزب العمال ضخًا قدره 747 مليون دولار نيوزيلندي، من أجل تعزيز الإنفاق الدفاعي السنوي البالغ 5.3 مليار دولار نيوزيلندي. 

ليس معدل الإنفاق ما يتغير فحسب، فلم يكن من المقرر تقديم مراجعة للسياسة الدفاعية حتى منتصف عام 2024، لكن وزير الدفاع، أندرو ليتل، سرّع من توقيت إصدارها في استجابة للتحديات المختلفة، بعد تعيينه في وقت سابق من العام الجاري، إثر استقالة رئيسة الوزراء، جاسيندا أرديرن. 

الصين والتغير الجيوسياسي

ذكرت الاستراتيجية الجديدة، الصين نحو 12 مرة، وعلى الرغم من هذا، فمن الواضح أن المواضع الأخرى التي لا تذكر بكين صراحةً تعدها هدفًا رئيسًا، حسب المجلة الأمريكية المتخصصة بالشؤون الدفاعية. 

ومن الواضح استخدام استراتيجية الأمن القومي لـ”لغة حازمة” عادةً ما تستخدمها القوى الغربية المتنافسة مع الصين، إذ ذكرت أن “صعود الصين هو محرك رئيس للتغيير الجيوسياسي”، وأن الصين باتت أكثر صرامةً وأقدر على تحدي القواعد والأعراف الدولية القائمة، وتستخدم “الإكراه الاقتصادي” لتحقيق مآربها. 

حسب تقرير ريسبنسبول ستيت كرافت، هذه المسارات قد تبدو تقليدية للتعامل الأسترالي والأمريكي مع الصين، لكن بالنظر إلى نيوزيلندا التي حافظت على علاقات متزنة إلى حد كبير مع الصين، فمضمون الاستراتيجية يعكس تحولًا تاريخيًّا. 

اقرأ أيضًا: رئيس وزراء نيوزيلندا: منطقة المحيط الهادي باتت أقل أمانًا

اقرأ أيضًا: نيوزيلندا والاتحاد الأوروبي يبرمان اتفاقية تجارة حرة

ربما يعجبك أيضا