تخفيض اليوان.. تحفيز صيني لاقتصاد أمريكا!

حسام عيد – محلل اقتصادي

في خضم الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، سمحت الصين لعملتها المحلية بأن تُتداول عند مستويات الـ 7 يوان لكل دولار، مستويات هي الأدنى منذ 2008، وذلك كرد فعل على فرض تعريفات جمركية إضافية على بضائعها الواردة إلى أمريكا.

لكن الولايات المتحدة بدورها صنفت الصين كدولة متلاعبة بالعملة، وهو أمر يلوح معه في الأفق تحفيز للاقتصاد الأمريكي عبر تدفق الشركات ورؤوس الأموال الأجنبية.

أمريكا تصنف الصين “متلاعبة بالعملة”

بدأت وزارة الخزانة الأمريكية في محادثات مع الصين لتصحيح العملة، مشيرة إلى أنه إذا قامت الصين بالتدخل في سعر صرف عملتها بشكل مقصود سيكون هناك عقوبات قد تصل إلى إلغاء عقود حكومية.

ويعود قانون مراجعة العملات إلى عام 1988 حين أقره الكونجرس الأمريكي بعد تصنيف كوريا الجنوبية وتايوان كدول متلاعبة بالعملة، فالنمور الآسيوية كانت تستغل ضعف عملاتها في هذه الفترة حتى تحقق المزيد من فائض الصادرات، بالإضافة إلى دعم صادراتها مقابل صادرات الدول المنافسة، وتحديدًا صادرات الولايات المتحدة وأوروبا، وهذا ما استدعى وقفه من قبل أمريكا.

وليست هي المرة الأولى التي تصنف فيها الصين دولة متلاعبة بالعملة، فالبداية كانت في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عام 1994، فيما وضعتها إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب في مايو 2019 على قائمة المراقبة، ثم أُعيد تصنيفها كدولة متلاعبة بالعملة في أغسطس 2019.

وينطبق بالفعل على الصين تعريف “التلاعب بالعملة”، فالفائض التجاري مع أمريكا بلغ 120 مليار دولار خلال النصف الأول من 2019، متجاوزًا المعدل المطلوب على الأقل وهو 40 مليار دولار.  

أزمات صينية متغيرة

يمكن اعتبار الإجراءات التي تقوم بها الصين في الآونة الأخيرة مع تصاعد الحرب التجارية مع منافستها التقليدية، أمريكا، إدارة لأزمات اقتصادية داخلية، فهناك تغير شهري في الاحتياطيات الأجنبية، وحتى تسمح الصين بالانخفاض أو الارتفاع في قيمة عملتها، فهي تحتاج لاستخدام احتياطياتها من النقد الأجنبي، الذي بطبيعة الحال سجل تراجعًا خلال 2019 إلى 3.104 تريليون دولار.

وكان آخر تخفيض لقيمة اليوان في عام 2019، حينما ضخت الصين 500 مليار دولار، ثم توقفت الصين عن هذه الآلية بشكل كبير، حسبما أفاد معهد التمويل الدولي.

إرباك الأسواق

– تراجع قيمة العملة الصينية إلى 6.9996 يوان للدولار الواحد، بعد يومين من وصف واشنطن لبكين بأنه متلاعبة بالعملة، يسبب إرباكًا كبيرًا للأسواق، وذلك لعدة أمور، فالصين تستورد معظم صادراتها من النفط الخام مقومة بالدولار الأمريكي وهذا يرفع تكلفة الاستيراد.

– ديون الشركات الصينية والتي تمثل هاجسًا كبيرًا لمستثمري العالم، مقومة في الأساس بالدولار الأمريكي، ما يعني تزايد أعباء تلك الديون، ومن ثم التأثير سلبًا على الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، وكذلك على الاقتصاد العالمي.

– في الماضي، كانت الصين تحقق الصين نموًا برقم من خانتين، لكن في 2018 سجل اقتصاد الصين نموًا بمعدل 6.6% وهو الأبطأ في 27 عامًا، ومن المستهدف أن يتراوح النمو السنوي في 2019 بين 6 – 6.5%.

– التنين الصيني آخذ في التحول من اقتصاد صناعي إلى اقتصاد خدمي ورأسمالي، وبطبيعة حال تباطؤ معدل النمو، فمن المتوقع تراجع الصادرات الصينية 2.6%.

– مع اشتداد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، وضعت الصين خطة لمواجهة تباطؤ النمو الاقتصادي من خلال تحفيز الاستهلاك المحلي، وإقرار تخفيضات ضريبية، ورفع استثماراتها في البنية التحتية.

الفائدة المخفضة سلاح ترامب

دحض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المخاوف من حرب تجارية طويلة الأمد مع الصين، قائلاً إن الولايات المتحدة “في موقف قوي للغاية”، وذلك بعد يوم من تصعيد إدارته للتوترات عبر تصنيف بكين على أنها دولة تتلاعب بالعملة.

وقال ترامب على “تويتر”، “كميات هائلة من المال من الصين وأجزاء أخرى من العالم تتدفق على الولايات المتحدة بفضل الأمان والاستثمار وأسعار الفائدة! نحن في موقف قوي للغاية. الشركات أيضاً تأتي إلى الولايات المتحدة بأعداد كبيرة. جميل أن نرى هذا!”.

وجدد ترامب مطالبته لمجلس الاحتياطي الاتحادي، بأن يخفض أسعار الفائدة بخطى “أكبر وأسرع” لتحسين قدرة الولايات المتحدة على منافسة الدول الأخرى.

وأكد ترامب أن الصين لا تمثل أزمة، فالولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى والأموال تصب في أمريكا والصين تخسر آلاف الشركات لصالح الدول الأخرى، وعملتها محاصرة.
 
فالعملة الأضعف “اليوان” تخلق حوافز للعائلات والشركات لنقل أموالهم إلى خارج البلاد وإلى عملات أقوى “الدولار الأمريكي”.

ربما يعجبك أيضا