ترامب يقدم عرش الاقتصاد العالمي “قربانًا” للتنين الصيني

حسام عيد – محلل اقتصادي

شهدت أول زيارة رسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الصين منذ توليه مقاليد الحكم في البيت الأبيض، توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات، وبالتالي يمكن القول أن الصين هي المحطة الأساسية في جولة ترامب الأسيوية، التي بدأت بزيارة اليابان وأتبعها بالتوجه إلى كوريا الجنوبية التي أمضى فيها يومين.

ويعتبر ترامب الصين خطرًا اقتصاديًا على الولايات المتحدة فقبل وبعد انتخابه صرح أكثر من مرة بأن بكين تسرق الوظائف من الأمريكان، وذلك عبر نقل العديد من الشركات الأمريكية لمصانعها للصين من أجل العمالة الرخيصة.

الاتفاقيات الموقعة

كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، عن سلسلة من الاتفاقات التجارية بقيمة إجمالية قدرها 253.4 مليار دولار، مما يصب لصالح الرئيس الأمريكي في سعيه لإعادة التوازن إلى المبادلات بين البلدين.

جزء من هذه الاتفاقيات عبارة عن مذكرات تفاهم غير ملزمة، لكن في الوقت ذاته تنوعت الاتفاقيات في قطاعات متعددة، ما بين الطاقة والسيارات والطيران والصناعات الغذائية والإلكترونيات.

بدورها، أبرمت ثلاث هيئات رسمية صينية هي مجموعة “سينوبيك” النفطية الكبيرة و”الصندوق الاستثماري الصيني” و”بنك أوف تشاينا” اتفاقا لاستغلال حقول من الغاز الطبيعي المسال في ألاسكا، ينص على استثمارات تصل إلى 43 مليار دولار.

وأعلن مكتب حاكم الولاية الأمريكية أن هذا الاتفاق سيستحدث “ما يصل إلى 12 ألف وظيفة أمريكية” ويخفض العجز التجاري الأمريكي تجاه الصين بمقدار “10 مليارات دولار في السنة”.

كما وقعت شركة “كوالكوم” الأمريكية لأشباه الموصلات وهي من مزودي مجموعة “آبل”، بروتوكلات اتفاق مع ثلاث من كبرى شركات الهواتف الذكية الصينية تشياومي وأوبو وفيفو.

وأفادت كوالكوم، أنها قد تبيع هذه الشركات الثلاث أشباه موصلات “بنحو 12 مليار دولار” خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ومن جانبها، وقعت شركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات اتفاقات تجارية بقيمة 37 مليار دولار في الصين.

من جهته، سينشئ مصرف الأعمال “جولدمان ساكس” مع الصندوق الاستثماري الصيني “صندوق تعاون” يطمح إلى استثمار خمسة مليارات دولار في شركات أمريكية تتعامل مع الصين، بهدف معلن هو “تحسين الميزان التجاري”.

الاقتصادات الأكبر على مستوى العالم

الاتفاقيات الموقعة تجري بين أكبر اقتصاديين على مستوى العالم، وتحافظ دول العالم الأول كل عام على مكانها بقائمة أقوى الدول اقتصاديًا من خلال المحافظة على تعادل القدرة الشرائية والناتج الإجمالي المحلي والعالمي، وفيما يلي نستعرض أكبر خمس اقتصادات على مستوى العالم:

الولايات المتحدة الأمريكية؛ تعتبر أكبر الدول الاقتصادية من ناحية القيمة الاسمية وثاني أكبر اقتصاد من حيث تعادل القوة الشرائية والتي تمثل 22٪ من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي و17٪ من الناتج العالمي الإجمالي.

ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة 18.558 تريليون دولار.

الصين؛ اقتصادها هو الثاني من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي ولكنه الأول من حيث تعادل القوة الشرائية، كما يعتبر الاقتصاد الصيني الأسرع حول العالم العام الماضي، ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 11.2 تريليون دولار.

اليابان؛ اقتصاد اليابان هو ثالث أكبر اقتصاد في العالم من قبل الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، ورابع دولة على مستوى العالم كأكبر اقتصاد من حيث تعادل القوة الشرائية.

ويصل الناتج المحلي الإجمالي لليابان إلى 4.9 ترليون، ورغم أنه شهد تراجعًا طفيفًا خلال السنوات الماضية إلا أن إجمالي الناتج المحلي للفرد ظل مستقرًا.

ألمانيا؛ اقتصادها الأكبر في أوروبا والرابع على مستوى العالم، بالإضافة إلى أن ألمانيا عضو مؤسس في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي.

ويقوم النموذج الاقتصادي الألماني على مفهوم السوق الاقتصادي الاجتماعي، والناتج المحلي الإجمالي الألماني قيمته 3.5 تريليون دولار أمريكي.

بريطانيا؛ ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، ويعتبر اقتصاد المملكة المتحدة هو الأسرع بين مجموعة الدول الصناعية السبع لأربع سنوات متتالية.

وتبلغ قيمة الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا 2.6 تريليون دولار.

هل يتفوق الاقتصاد الصيني على الأمريكي؟

في الوقت الراهن، ينمو الاقتصاد الصيني بوتيرة أسرع من تلك الموجودة في الاقتصاد الأمريكي، وبالتالي ربما اقترب العالم من مرحلة يتفوق فيها الاقتصاد الصيني على نظيره الأمريكي.

متوسط النمو؛ يبلغ 6.5% في الصين، و2.5% في أمريكا، لكن هذه الأرقام ستختلف بحلول 2030، حيث سيبلغ الناتج الإجمالي الحقيقي للصين 27.1 تريليون دولار، مقابل 26.3 تريليون دولار لنظيره الأمريكي، ومن ثم يصبح الاقتصاد الصيني الأكبر عالميًا.

لكن بعض خبراء الاقتصاد أشاروا إلى أن قياس الناتج المحلي على أساس أسعار الصرف الحقيقية هو قياس غير عادل نظرا لاختلاف أسعار الصرف بين دولة وأخرى، وبالتالي تكلفة السلع في دولة معينة قد تختلف في دولة أخرى وهذا ما يؤدي إلى اختلال في قياس الناتج المحلي الإجمالي.

وهذا ما أدى إلى ظهور قراءة أخرى، وهي قياس الناتج المحلي الإجمالي على مستوى تعادل القوة الشرائية، بما يعني تعديل سعر الصرف لكي تتساوى القدرة الشرائية في كل دولة مع نظيرتها، وبالتالي إذا تم قياس الناتج المحلي لأمريكا ومقارنته بنظيره في الصين، سنلاحظ أن الناتج المحلي للصين يتفوق على أمريكا على مستوى القوة الشرائية، حيث سيبلغ 58.5 تريليون دولار في الصين مقابل 34.1 تريليون دولار لأمريكا وذلك بحلول عام 2050، كما ستتغير معها حصة البلدين من الاقتصاد العالمي، حيث ستستحوذ الصين على 20% بينما ستتناقص حصة أمريكا إلى 12% من الاقتصاد العالمي.

الصين.. القوة التجارية الأكبر بالعالم

في 2009 كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي المسيطرة تجاريا على مستوى العالم، بحجم 2.6 تريليون دولار، في حين كانت حصة الصين من حجم التجارة العالمية عند 2.4 ترليون دولار.

لكن في عام 2016، تغيرت المعادلة التجارية العالمية، حيث بلغ حجم تجارة الصين 3.8 تريليون دولار مقابل 3.6 تريليون دولار لأمريكا.

فيما بلغ حجم الفائض التجاري الصيني مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال الـ 10 أشهر الأولى من العام الجاري 222.98 مليار دولار، ولامس أعلى مستوياته في شهر سبتمبر الماضي عند 28.08 مليار دولار، لكنه تراجع إلى 26.62 مليار دولار.

الصين وأمريكا على مؤشر التنافسية العالمي

الترتيب؛ لم تزل الأرقام تميل إلى صالح الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تأتي في المرتبة الثانية من حيث الاقتصادات الأكبر تنافسية على مستوى العالم، بينما تحتل الصين المرتبة الـ 27.

حجم السوق؛ تحتل الصين المرتبة الأولى من حيث حجم السوق، بينما تأتي أمريكا في المرتبة الثانية.

الابتكار؛ الاقتصاد الأمريكي لم يزل ابتكاريًا بدرجة أكبر، حيث يأتي في المرتبة الثانية، بينما الاقتصاد الصيني يحتل المرتبة 28 عالميًا، وذلك يعود إلى مستويات الدخل المرتفعة في أمريكا.
 

ربما يعجبك أيضا