«تهديد وجودي».. الفساد يهدد استمرار المساعدات الغربية لأوكرانيا

فضائح الفساد والخلافات الداخلية تهدد استمرار الدعم الغربي لكييف

آية سيد
«تهديد وجودي».. الفساد يهدد استمرار المساعدات الغربية لأوكرانيا

يستخدم المتشككون داخل الاتحاد الأوروبي الفساد كأحد الحُجج ضد استمرار المساعدات لأوكرانيا.


في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، تشتد حاجة كييف إلى إمدادات الأسلحة الغربية.

لكن وقائع الفساد التي كُشف عنها مؤخرًا بشأن وزارة الدفاع الأوكرانية تزيد الوضع تعقيدًا في بلد يواجه أزمة وجودية، ويثير الشكوك لدى الحلفاء الغربيين، ما يهدد استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وفق تحليل نشره موقع “ذا كونفرزيشن” الأسترالي، الخميس الماضي 1 فبراير 2024.

فساد مستشري

أشار أستاذ الأمن الدولي بجامعة برمنجهام، ستيفان وولف، وأستاذة الأمن الأوروبي بأكاديمية أوديسا للقانون في الجامعة الوطنية بأوكرانيا، في تحليلهما، إلى الفضيحة التي أحاطت بوزارة الدفاع الأوكرانية، حيث دُفع ثمن 100 ألف قذيفة هاون بقيمة 40 مليون دولار ولم يجري تسليمها.

وفي غضون أيام من ظهور هذه الأنباء، حققت أوكرانيا أفضل تصنيف لها في مؤشر مدركات الفساد السنوي الصادر عن منظمة الشفافية الدولية. وهذا التحسن في تصنيفها يُظهر أن الجهود التي بذلها الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، لتضييق الخناق على الفساد أدت إلى بعض التحسينات.

إنفوجراف| المساعدات الأمريكية لأوكرانيا

المساعدات الأمريكية لأوكرانيا

لكن، على الجانب الآخر، تُعد فضيحة الذخيرة مؤشرًا واضحًا على كيف أن الفساد أصبح مستشريًا ومعتادًا عندما يتواطأ مسؤولون دفاعيون بارزون ومديرو شركة أسلحة لحرمان بلدهم من الإمدادات العسكرية الحيوية في الوقت الذي يواجه أزمة وجودية.

تداعيات فضيحة الفساد

لطالما كان الفساد مشكلة في أوكرانيا، لكن على مدار الـ10 سنوات الأخيرة، تحسنت الدولة باستمرار. إلا أنها تظل الدولة الأوروبية الأكثر فسادًا، باستثناء روسيا وأذربيجان. ورغم هذا الفساد المستشري، صمدت أوكرانيا على مدار عامين من الصراع، وأظهرت مرونة هائلة أمام العدوان الروسي.

لكن هذه الفضائح، والتصور العام بأن أوكرانيا لا تزال تصارع مع الفساد اليومي، أصبحوا تهديدات وجودية في وقت أصبح بقاء أوكرانيا معتمدًا إلى حد كبير على الإمداد المستمر للمساعدات العسكرية والمالية الغربية، وفق التحليل.

شكوك غربية

يستخدم المتشككون داخل الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم المجر وسلوفاكيا والأحزاب الشعبوية اليمينية مثل حزب البديل من أجل ألمانيا، الفساد كأحد الحُجج ضد استمرار المساعدات لأوكرانيا. وبنحو مماثل، يجادل الجمهوريون في الولايات المتحدة بأن غياب الرقابة قد يعني أن المساعدات الأمريكية تذهب إلى جيوب المسؤولين الفاسدين.

ولفت التحليل إلى أنه مع احتدام هذا الجدل، وتداخله مع الحملات الانتخابية للبرلمان الأوروبي والرئاسة الأمريكية، فإن أي دليل على إساءة استخدام الأموال يجعل من الأصعب على داعمي كييف الدوليين ربح الحُجة لاستمرار الدعم.

إنفوجراف| أكبر 10 دول مانحة للمساعدات العسكرية لأوكرانيا

أكبر 10 دول مانحة للمساعدات العسكرية لأوكرانيا

ومن المرجح أيضًا أن يغذي هذا إحساس الانهزامية الذي يحيط بالمناقشات العامة بشأن أوكرانيا منذ فشل الأداء الأوكراني في ميدان المعركة في 2023 في الارتقاء إلى مستوى تطلعات كييف أو توقعات الغرب.

نقاط ضعف زيلينسكي

حسب التحليل، يزداد زيلينسكي ضعفًا على المستوى المحلي بسبب فضائح الفساد للمسؤولين رفيعي المستوى. وبينما عزز الرئيس الأوكراني وكالات مكافحة الفساد وكان صريحًا بشأن المشكلات التي تواجهها كييف، قد يصور منتقدوه المحليون حملات التضييق المستمرة على أنها ذات دوافع سياسية، ما يعمق الانقسامات السياسية.

ويظل من غير الواضح ما إذا كان زيلينسكي سيستبدل القائد العام للجيش، الجنرال فاليري زالوجني، أم أنه لا يملك السلطة لفعل ذلك، بعدما توترت العلاقة بين الاثنين في الأشهر الأخيرة، جزئيًا بسبب فشل الهجوم المضاد في تحقيق نجاحات كبيرة في ميدان المعركة. وتوجد تكهنات بأن زالوجني قد يدخل الحياة السياسية وينافس زيلينسكي على الرئاسة.

القشة الأخيرة

خلص التحليل إلى أن فضيحة الفساد والخلاف داخل هيكل السلطة الأوكرانية لن يفعلا شيئًا لاستعادة الثقة الغربية بشأن ما إذا كانت أوكرانيا لديها مسارًا موثوقًا لتجنب الهزيمة، ناهيك عن تحقيق النصر. ومن دون تلك الثقة، يصبح تقديم المزيد من المساعدات محل شك.

وفي حين أنه من المستبعد أن يؤدي الفساد في حد ذاته إلى انهيار أوكرانيا، فإنه، في خضم الحرب، قد يكون القشة الأخيرة التي تقصم ظهر كييف، بسبب آثاره غير المباشرة في الداخل والخارج.

ربما يعجبك أيضا