حرب غزة.. هل تكتب نهاية النظام الدولي القائم على القواعد؟

الأمين العام لمنظمة العفو الدولية: النظام القائم على القواعد في طريقه إلى الزوال

آية سيد
القصف الإسرائيلي على غزة

عواقب التخلي عن النظام القائم على القواعد واضحة للعيان، وتتمثل في المزيد من الاضطراب والعدوان والصراع والمعاناة.


حذرت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار، من أن الحرب على غزة، وموقف الغرب تجاهها، يشيران إلى نهاية النظام القائم على القواعد.

وفي مقال لها بمجلة فورين أفيرز الأمريكية، اليوم الخميس 15 فبراير 2024، قالت كالامار إن التواطؤ الدبلوماسي الغربي في الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة هو نتيجة لسنوات من التآكل في سيادة القانون الدولي ونظام حقوق الإنسان العالمي.

انتهاك القانون الدولي

أشارت كالامار إلى أن الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة تتسم بنمط من جرائم الحرب وانتهاكات القانون الدولي. وردًا على هجوم 7 أكتوبر، هجّرت إسرائيل الفلسطينيين قسريًا، بفرض أوضاع تركت مئات الآلاف منهم دون الاحتياجات الإنسانية الأساسية.

ونفذت إسرائيل هجمات عشوائية، وغير متناسبة، ومباشرة على المدنيين و”أهداف مدنية”، مثل المستشفيات والمدارس، ما أدى إلى مقتل حوالي 28 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال.

إنفوجراف| إسرائيل تستهدف النساء والأطفال في غزة

إنفوجراف| إسرائيل تستهدف النساء والأطفال في غزة

وفرضت إسرائيل حصارًا مطولًا على الفلسطينيين، وحرمتهم من الوصول إلى الطعام والمياه والمأوى والرعاية الطبية، في إجراء يرتقي إلى مستوى العقاب الجماعي. وفي الوقت ذاته، ازداد عنف القوات والمستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية زيادة ملحوظة.

تواطؤ غربي

تدعم الولايات المتحدة، والكثير من الدول الغربية، إسرائيل، عن طريق تقديم المساعدات العسكرية، ومعارضة دعوات وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة، ووقف تمويل وكالة الأونروا، ورفض دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، رغم استمرار المذبحة.

حصيلة الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل

الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل

وحسب كالامار، هذا التواطؤ الدبلوماسي ناتج عن تآكل سيادة القانون الدولي ونظام حقوق الإنسان العالمي. وبدأ هذا الانحلال بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، عندما شرعت الولايات المتحدة في “حربها على الإرهاب”، تلك الحملة التي رسخت فكرة أن كل شيء مباح في ملاحقة “الإرهابيين”.

ولمواصلة حربها في غزة، تستعير إسرائيل الاستراتيجية والتكتيكات من إطار عمل الحرب على الإرهاب، وتفعل ذلك بدعم من الولايات المتحدة.

ذريعة «الحرب على الإرهاب»

على مدار الـ20 عامًا الماضية، تبنت الحكومات حول العالم، أو قلّدت، عقيدة وطرق “الحرب على الإرهاب”. ووفق كالامار، استُخدمت هذه الطرق لتوسيع نطاق إجراءات “الدفاع عن النفس” ولملاحقة أي أشخاص أو جهات تُعتبر مندرجة تحت تعريف “التهديد الإرهابي” الفضفاض.

وهكذا فإن حصيلة الضحايا المدنيين الاستثنائية في غزة، تحت مسمى الدفاع عن النفس ومكافحة الإرهاب، هي نتيجة منطقية لإطار العمل هذا، الذي حرّف، وفكك إلى حد كبير، القانون الدولي، ومعه مبدأ العالمية، الذي ينص على أننا جميعًا، دون استثناء، ننعم بحقوق إنسان متساوية.

وأشارت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية إلى الضربات الجوية الأمريكية على أفغانستان، والعراق، وباكستان، والصومال، وسوريا، التي أسفرت عن حصيلة ضخمة من الضحايا المدنيين. وعلى مدار الـ20 سنة الماضية، اتبعت عدة حكومات طرقًا مماثلة، مثلما فعلت روسيا بقصفها لأهداف في سوريا وتفعل الآن في أوكرانيا، والصين بقمعها للأقليات العرقية المسلمة.

نهاية النظام الدولي

لفتت كالامار إلى أن الأحداث في غزة، وخطر الإبادة الجماعية، وفداحة الانتهاكات التي تُرتكب، والمبررات الواهية للمسؤولين الغربيين، تُنذر بتغيير في العصر. فالنظام القائم على القواعد، الذي حكم الشؤون الدولية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، في طريقه إلى الزوال، وربما لا يوجد مجال للعودة.

تقديرات استخباراتية أمريكية: إسرائيل لم تحقق أهدافها الحربية في غزة

ضحايا العدوان الإسرائيلي على جنوبي قطاع غزة

وعواقب هذا التخلي عن النظام واضحة للعيان، وتتمثل في المزيد من الاضطراب والعدوان والصراع والمعاناة. وحسب كالامار، سيكون الضابط الوحيد للعنف هو المزيد من العنف.

وستتسبب نهاية النظام القائم على القواعد في انتشار الغضب في كل طبقات المجتمع، في جميع أنحاء العالم، باستثناء أولئك المستعدون للاستفادة من انهيار النظام الدولي.

تجنب السيناريو الأسوأ                        

اقترحت كالامار بعض الخطوات لتجنب وقوع السيناريو الأسوأ. ويجب أن تبدأ بالوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية لإسرائيل وحماس، وإطلاق سراح جميع الأسرى المدنيين لدى حماس وجميع الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل بطريقة غير قانونية، ورفع الحصار عن غزة.

ويجب تطبيق التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية لمنع الإبادة الجماعية في غزة. وكذلك يجب على إسرائيل وأكبر داعم لها، الولايات المتحدة، قبول أن الهدف العسكري المعلن المتمثل في تدمير حماس أدى إلى تكلفة فادحة في أرواح المدنيين والبنية التحتية، وهو ما لا يمكن تبريره بموجب القانون الدولي.

واختتمت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية مقالها بالقول إنه بات من المهم أكثر من أي وقت مضى أن يتصرف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحسم لإصدار لوائح الاتهام بشأن الجرائم التي ارتكبها جميع أطراف الصراع.

ربما يعجبك أيضا