برعاية طالبان.. حملة اغتيالات تهدد عملية السلام في أفغانستان

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

قضاة وصحفيون ومفكرون مستهدفون في حملة اغتيال تهدف إلى إعادة الإسلاميين إلى السلطة في أفغانستان، سلسلة الاغتيالات وقعت في الشهور الأخيرة، وطالت صحفيين، ونشطاء، وشخصيات سياسية ومن بينهم قاضيتان تعملان في المحكمة الأفغانية العليا، قتلا رمياً بالرصاص، في كابول.

وتحوم شكوك حول دور حركة طالبان في الاغتيالات الأخيرة. لكن الحركة لم تعلن عن أي دور، إلا أن حملة الاغتيالات تهدد بتقويض عملية السلام في ظل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

موقف بايدن من اتفاق السلام

ويعد إبرام اتفاق السلام مع «طالبان» إنجاز دبلوماسي يحسب للإدارة الأمريكية السابقة الذي حققته في إبرام اتفاقية السلام مع حركة طالبان المسلحة، على أمل أن تنهي هذه الاتفاقية سنوات من الحرب والدمار في البلاد، إلا أن هذا الإنجاز كان مهدداً بالانهيار في كل مرة يسمع فيها دوي انفجار في أفغانستان، حتى أتى الوقت الذي تغيرت فيه الإدارة الأمريكية برمتها، وأصبحت ترى الإدارة الجديدة أن الانسحاب من هذا الاتفاق بات هو الخيار الأقرب خلال الفترة القادمة».

وفي أحدث تصريح لوزارة الدفاع الأمريكية التي طالما انتقدت هذا الاتفاق منذ البداية، قالت إن إدارة الرئيس جو بايدن ترى أن من الصعب المضي قدماً نحو تسوية عبر التفاوض مع حركة طالبان في أفغانستان، بدون التزام الحركة بتعهداتها في اتفاق العام الماضي، لكنها أوضحت أن واشنطن ستظل ملتزمة بهذا المسعى». واعتبر جون كيربي المتحدث باسم البنتاجون للصحفيين أول من أمس، أنه بدون التزام حركة طالبان بتعهداتها بنبذ الإرهاب، ووقف الهجمات على قوات الأمن الأفغانية، فإنه سيكون من الصعب رؤية مسار محدد للمضي قدماً في تسوية عبر التفاوض معها، مضيفاً: «لكننا لا نزال ملتزمين بها حتى الآن، ولم تتخذ الإدارة الحالية قراراً نهائياً بشأن عدد جنودها في أفغانستان في المستقبل، لكن حركة طالبان لم تف بوعودها الواردة في اتفاق السلام مع الولايات المتحدة، بما في ذلك خفض العنف وإنهاء ارتباطاتها مع تنظيم القاعدة».

وشكك كيربي في التزام حركة طالبان بالوفاء بتعهداتها، ومن الصعب رؤية سبيل للتوصل إلى تسوية عبر التفاوض خلال الفترة الحالية».

بدوره، قال أنطوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي للرئيس الأفغاني أشرف غني، الخميس الماضي، إن الولايات المتحدة تراجع ما إذا كانت طالبان قد أوفت بالتزاماتها بقطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية، وتقليل العنف والدخول في مفاوضات ذات مغزى مع الحكومة الأفغانية وأصحاب المصلحة الآخرين، بموجب اتفاق السلام المبرم في فبراير (شباط) العام الماضي في الدوحة».

نصوص اتفاق السلام

ووفقًا للاتفاقية الموقعة مع طالبان، خفضت الولايات المتحدة تدريجيا عدد القوات المتمركزة في أفغانستان من 14 ألف جندي إلى 2500 جندي، والانسحاب الكامل من البلاد بحلول فبراير القادم إذا استوفت الحركة بتعهداتها، ورغم محادثات السلام الجارية بين الحكومة الأفغانية وطالبان في الدوحة منذ منتصف (أيلول) سبتمبر العام الماضي، إلا أن العنف في أفغانستان لا يزال مستمراً، وترفض طالبان حتى الآن قبول وقف إطلاق النار، وتهدف المحادثات إلى إنهاء عقود من الحرب، لكن لم يتم تحقيق تقدم.

وبحسب الاتفاقية المبرمة بين حركة طالبان المسلحة وإدارة الرئيس ترامب، فإنه يتعين على الولايات المتحدة الأميركية أن ترفع بعض أعضاء الحركة من قائمة العقوبات في أغسطس (آب) العام الماضي 2020، وبعد ذلك السعي من قبل واشنطن في الأمم المتحدة برفع العقوبات عنهم، بيد أن عدم إيفاء الحركة بتعهداتها في الاتفاقية، فقد تم تعليق تنفيذ هذا البند، وتعليق بند سحب القوات بالكامل خلال 14 شهرا من إبرام الاتفاق.

كما نصت الاتفاقية على توقف طالبان عن تهديد القوات الأميركية، ووقف التعامل مع التنظيمات الإرهابية وإيوائهم أو دعمهم، أو أي أمر يدعو إلى تهديد القوات الأميركية ومصالحها في الأراضي الأفغانية، والدخول في مناقشات مباشرة مع الحكومة الأفغانية في مستقبل البلاد، والوصول إلى سلام دائم بينهما.

فشل محادثات السلام

وتطرقت صحيفة «واشنطن تايمز» الأمريكية إلى فشل محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية برعاية الولايات المتحدة، وقالت: «قدّم الرئيس الأفغاني أشرف غني تقييمًا قاتمًا لمحاولة حكومته الدخول في محادثات سلام مع طالبان»، مؤكدًا أن العنف قد بلغ ذروته في أفغانستان في الأشهر الأخيرة، حيث “وجد المسلحون عذرًا تلو الآخر” لعدم قبول المحادثات.

وتصريحات غني، خلال مؤتمر عبر الهاتف لمعهد أسبن، تتزامن مع مراجعة إدارة بايدن لسياسة الولايات المتحدة تجاه أفغانستان، حيث أدت موجة من الهجمات الإرهابية الأخيرة إلى تقويض صفقة “الحد من العنف” الرئيسة التي توصلت إليها إدارة ترامب السابقة مع طالبان منذ ما يقرب من عام.

وقال غني: إن اتفاق شباط / فبراير 2020، أطلق حركة تبادل كبير للأسرى بين طالبان والحكومة الأفغانية، وبعد ذلك “كان هناك توقع بإجراء محادثات سلام حقيقية”، لكن هذا لم يُحدث أيّ زخم جاد، كما قال، معربًا عن أسفه لأن “السلام لم يتم إضفاء الطابع الاجتماعي على قادة طالبان”.

وعلى العكس من ذلك، فإن عناصر طالبان كانوا “يلتقطون صورًا مع المفجّرين الانتحاريين”، كما قال الرئيس الأفغاني، مؤكدًا أنه “يجب على طالبان الموافقة على إنهاء ملاذهم” للجماعات الإرهابية إذا أريد لعملية السلام المتعثرة أن تستمر”.

وسمح الاتفاق بعقد أول مفاوضات سلام مباشرة بين «طالبان» وسلطات كابول التي بدأت في أيلول في الدوحة، لكنها لم تتوصل إلى أية نتائج ملموسة.

ولم تحل مفاوضات السلام الأخيرة دون تصاعد أعمال العنف منذ بضعة أشهر في كابول وعدة أقاليم أفغانية حيث تحصل اغتيالات موجّهة تستهدف صحافيين وشخصيات سياسية وناشطين في مجال حقوق الإنسان.

ربما يعجبك أيضا