خبراء لـ«رؤية»: البنوك المركزية تكثف مشتريات الذهب لحماية العملات

يبدو أن التوترات في الشرق الأوسط تجعل من الذهب الملاذ الآمن للبلدان خلال الفترة المقبلة، إذ تعتبره البنوك المركزية أصلًا ذو سيولة عالية ونافذة مربحة لتنوع الاحتياطي لديها، لذلك تهرول العديد من المصارف صوب المعدن الأصفر لدعم عملتها وتأمين جزء من ممتلكاتها حتى هدوء العاصفة.

ويتهافت المستثمرون على الذهب كأداة تحوط في أوقات الأزمات، باعتباره من الأصول الآمنة التي تزداد قيمتها من آن لآخر، لكن يحذر الخبراء المستثمرون الأفراد من التعامل مع الذهب بمبدأ المضاربة كما هو الحال في أسواق الأسهم لأنه أداة استثمار طويلة الأجل ويمكن اعتبارها متوسطة الأجل حال حدثت قفزات كبيرة بالأسعار.

مشتريات الدول من الذهب

وفق أحدث تقرير عن اتجاهات الطلب على الذهب والصادر عن مجلس الذهب العالمي، في 1 نوفمبر 2023، سجل صافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب منذ بداية 2023 وحتى الآن نموًا 14% مقارنة بالعام 2022.

وقال التقرير: «اشترت البنوك المركزية على مستوى العالم صافي 800 طن من الذهب حتى الآن هذا العام، وهو أعلى مستوى مسجل في فترة التسعة أشهر».

وقال خبراء في تصريحات لـ«شبكة رؤية الإخبارية»، إن الذهب يشهد فترة ازدهار كبيرة خلال الفترة المقبلة، لاسيما مع عدم الوصول إلى حل بشأن الحرب في غزة، فضلًا عن التكهنات بقرب إنهاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسة التشدد النقدي أو على الأقل تثبيت أسعار الفائدة.

نظام مالي عالمي جديد

قال المحلل الاقتصادي الدكتور ياسر عمارة، إنه تلوح في أفق المشهد الاقتصادي ملامح نظام مالي عالمي متعدد الأقطاب من جانب تكتلات اقتصادية قوية يعود فيه الذهب قاعدة رئيسة لتحديد القوة الشرائية للعملة مع رغبة الكثير من الدول تقليل ربط عملتها بالدولار، أو أن يعد المعدن الأصفر مكونًا ومحددًا لجزء كبير لقوة العملة.

وأضاف عمارة، الذي يعد عضوًا في مجلس إدارة الاتحاد المصري للأوراق المالية، أنه يتضح ذلك من اتجاهات البنوك المركزية لشراء الذهب خاصة الصين والهند وروسيا وتركيا ومصر، ما يؤكد هيمنته على السلع العالمية، مقارنة بالأنواع الأخرى من المعادن والسلع سواء النفط أو النحاس وغيرهما.

وأوضح عمارة، أنه لا يمكن التشكيك في اعتبار الذهب أهم ملاذ عالمي آمن، خاصة أنه لم تخسر أي دولة الرهان عليه خلال الفترة الماضية، بعد الارتفاعات القياسية التي سجلها على المستوى الدولي، متوقعًا أن يزداد الإقبال عليه الحقبة المقبلة للحفاظ على القوة الشرائية للنقود.

سعر الفائدة على الدولار

يرى محلل أسواق المال والسلع سيد عويضي، أن الذهب أصبح محل اهتمام العديد من البلدان خلال الفترة الأخيرة، إذ بدأ ذلك مع جائحة كورونا ثم الأزمة الروسية الأوكرانية، مما دفع مختلف البنوك المركزية لتعزيز مشترياتها من المعدن الأصفر كنوع من تشكيل الاحتياطيات لديها كونه عامل مهم لدعم عملة البلاد ومواجهة التضخم.

وأشار إلى أن التغيرات الجيوسياسية تؤثر بالفعل على سعر الذهب خلال الفترة المقبلة، وكذا على سعر الفائدة على الدولار من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، موضحًا أن الفيدرالي يتعامل مع المؤشرات الاقتصادية المتاحة والمعلن عنها رسميًا والتي لا تزال تسير وفق توقعات السلطات النقدية.

توقعات سعر الذهب

تابع عويضي: “رغم التكهنات بقرب انتهاء مرحلة رفع الفائدة قريبًا، لكن لا يمكن الجزم بذلك إلا في الاجتماع المقبل للفيدرالي الأمريكي وبالمقارنة مع العوامل الجيوسياسية بالشرق الأوسط، لكنه يؤكد أن البنوك المركزية ستواصل مشترياتها، وبشكل خاص الأسواق الناشئة مع التوقعات بقفزات أكبر لسعر الذهب عالميًا في المستقبل القريب”.

البنوك العالمية الأكثر شراء للذهب خلال الربع الثالث من العام الجاري، جاءت بالترتيب، الصين، بولندا، سنغافورة، ليبيا، الهند، قطر، الفلبين، العراق، البنك المركزي الأوروبي، كما جاءت تركيا والهند من بين المشترين الرئيسيين للمعدن الأصفر خلال الشهر الماضي، وفق مجلس الذهب العالمي.

مستوردي الذهب المصري

سعر الذهب عالميًا

شهدت تداولات الذهب خلال الأسبوع المنقضي هبوطًا طفيفًا بنحو 0.7% ليغلق عند المستوى 1992 دولارًا للأونصة، وذلك بعد سلسلة من المكاسب امتدت لثلاثة أسابيع نجح المعدن الأصفر خلالها تحقيق مكاسب قدرها 174 دولارًا للأونصة.

وهبوط الأسبوع الفائت تحقق رغم ضعف الدولار الأمريكي الذي تأثر سلبًا باجتماع الفيدرالي وتقرير الوظائف الأمريكي.