خسارة لروسيا وليس اتفاق سلام.. تقارب السعودية وإيران بأعين محللي الغرب

عمر رأفت
الدور الصيني بالاتفاق السعودي الإيراني .. ما بين غزوة دبلوماسية أولى ناجحة في الشرق الأوسط وتهديد للنفوذ الأمريكي

وصف عدد من الخبراء للمجلس الأطلسي دور الصين في اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران، بأنه ديناميكي ومثير للاهتمام، ويهدد النفوذ الأمريكي.


كشف استئناف العلاقات بين السعودية وإيران عن تغير قواعد اللعبة بالشرق الأوسط، والتأثير المتزايد للصين في المنطقة.

وشمل الاتفاق الذي رعته بكين، وتعود بموجبه العلاقات الدبلوماسية تدريجيًّا بين الرياض وطهران، إعادة فتح سفارتي البلدين وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، بعد نحو 7 سنوات من القطيعة والتصارع.

اقرأ أيضًا: خبير بالشؤون الإسرائيلية لـ«رؤية»: عودة علاقات السعودية وإيران صدمة لإسرائيل

دور مثير للاهتمام

تحدث عدد من الخبراء في المجلس الأطلسي، وهو مؤسسة بحثية غير حزبية مؤثرة في مجال الشؤون الدولية، عن الدور الصيني في هذه الاتفاقية التي أعادت علاقات كانت متوترة.

وقال مدير مبادرة “سكوكروفت” الأمنية للشرق الأوسط، والمسؤول السابق في مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، جوناثان بانيكوف، إن الدور الذي لعبته الصين في هذه الاتفاقية مثير للاهتمام.

وأضاف بانيكوف في رأيه للمجلس الأطلسي، أن الولايات المتحدة تتفهم قرار السعودية، مرجعًا استئناف العلاقات مع إيران إلى سياسة هادئة مستمرة منذ سنوات بالمملكة، وإلى النمو الكبير في التجارة بين البلدين خلال عام 2022، ورغبة السعوديين في خفض درجة التوتر مع إيران.

الدور الصيني بالاتفاق السعودي الإيراني .. ما بين غزوة دبلوماسية أولى ناجحة في الشرق الأوسط وتهديد للنفوذ الأمريكي

الدور الصيني في تقارب السعودية وإيران.. غزوة دبلوماسية تهدد النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط

بكين وعلاقاتها بدول الخليج

وفق بانيكوف، قد نشهد الآن ظهور الدور السياسي للصين في المنطقة، وينبغي أن يكون هذا تحذيرًا لصانعي السياسة الأمريكيين، مشددًا على أن حلفاء واشنطن محبطين، ما قد يؤدي إلى ترك فراغ يمكن لبكين استغلاله، ومن ثم تقويض الأمن التجاري والطاقة والأمن القومي للولايات المتحدة.

وقال الزميل غير المقيم لبرامج الشرق الأوسط ومبادرة سكوكروفت الأمنية للشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، جوناثان فولتون، إنه كان من غير المقبول صعود الصين خلال الفترة الماضية، خاصة في علاقاتها بدول الخليج.

وأضاف فولتون للمجلس الأطلسي، أن بكين تمكنت من تكثيف العلاقات مع دول الخليج، بطريقة دبلوماسية لم تقدر عليها دول أخرى، مشيرًا إلى أن التناقض الواضح هو “في الولايات المتحدة التي لا تتمتع بنفوذ إيجابي في طهران”.

الدور الصيني بالاتفاق السعودي الإيراني .. ما بين غزوة دبلوماسية أولى ناجحة في الشرق الأوسط وتهديد للنفوذ الأمريكي

الدور الصيني في تقارب السعودية وإيران.. غزوة دبلوماسية تهدد النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط

خطوة دراماتيكية

أشار فولتون إلى أن “عودة العلاقات بين السعودية وإيران قد تسفر عن شيء إيجابي، ولكن هذا سابق لأوانه”، واصفًا الوساطة الصينية في هذه الاتفاقية بأنها “الغزوة الدبلوماسية الأولى للصين في الشرق الأوسط”.

ووصف الزميل غير المقيم في برنامج الشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي، مارك كاتز، وساطة الصين في هذه الاتفاقية بأنها خطوة دراماتيكية، مشيرًا إلى أن اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وإيران، بعيد كل البعد عن أن يكون اتفاق سلام، نظرًا إلى الخلافات العديدة بينهما.

وأضاف كاتز أن ما فعلته بكين يمكن أن يجعلها تلعب دورًا أكثر فاعلية من واشنطن في حل الخلافات بين هؤلاء الخصوم في الشرق الأوسط، على أقل تقدير، حيث سينظر القادة إلى الصين على أنها وسيط بديل للولايات المتحدة.

نجاح حقيقي للدبلوماسية الصينية

أوضح كاتز أن هذا يمكن أن يؤثر في النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط، لكن مع ذلك قد تستفيد الولايات المتحدة فعليًّا من استعادة العلاقات بين السعودية وإيران، إذا أدى ذلك إلى تحسين فرص حل أو تخفيف الخلافات بينهما في اليمن ولبنان والعراق وأماكن أخرى.

وأشار إلى أن الخاسر الأكبر في كل هذا قد يكون الدب الروسي، لأن موسكو لطالما قدمت نفسها بديلًا عن واشنطن كوسيط فعال في الشرق الأوسط، ولأن روسيا تعمل بنحو فعال مع إيران على العكس من الولايات المتحدة، لكن من الواضح أن الصين تستطيع ذلك أيضًا.

وشدد الزميل غير المقيم في مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط وسفير فرنسا السابق في سوريا، ميشيل دوكلوس، على أن “وساطة بكين تعتبر نجاحًا حقيقيًّا للدبلوماسية الصينية”.

الدور الصيني بالاتفاق السعودي الإيراني .. ما بين غزوة دبلوماسية أولى ناجحة في الشرق الأوسط وتهديد للنفوذ الأمريكي

قوة إيجابية وسلمية

أضاف دوكلوس للمجلس الأطلسي، أن الصين نفذت غزوة دبلوماسية في منطقة كانت في السابق حكرًا على الولايات المتحدة، وأظهرت مهارات في الوساطة لم تظهر من قبل. واعتبر أن الدافع وراء هذه الخطوة هو سعي الصين لتكون قوة إيجابية وسلمية تسعى لحلول بناءة، والوصول إلى وضع يتيح لها تحريك الأمور أكثر فأكثر.

ولفت دوكلوس إلى أنه يمكن بطريقة ما اعتبار الوساطة الصينية تحركًا مكملًا لما يسمى “خطة السلام” أو “ورقة الموقف” التي قدمتها بكين بشأن الحرب الروسية الأوكرانية.

وأشار إلى أن الصين وقوى أخرى لم تعد بحاجة بعد الآن إلى الاعتماد على الإجراءات الغربية، فضلًا عن أن بكين تتبع سيناريو روسيا بتنظيم تعاون من خلال عملية آستانة مع تركيا وإيران، بشأن إدارة الأزمة السورية.

دبلوماسية أكثر حزمًا

تساءل دوكلوس: هل هذا التغير الدبلوماسي الصيني بداية لانخراط سياسي أعمق لبكين في منطقة الشرق الأوسط؟ وهل يمكن أن تصبح الوساطة الصينية الناجحة الأولى نموذجًا لدبلوماسية صينية أكثر حزمًا، ليس فقط في الشرق الأوسط بل على المستوى العالمي؟

وقال إن الجواب العقلاني والمتزن هو أن من السابق لأوانه الحكم على دبلوماسية الصين الحالية، ومع ذلك ينتظر الشرق الأوسط نوعًا من الوساطات الخارجية التي لا تأتي من الغرب، ويبدو أن بكين في وضع مثالي لفعل هذا الأمر.

ربما يعجبك أيضا