دعم بايدن لنتنياهو.. هل يقوده نحو خسارة الانتخابات؟

دعم بايدن غير المشروط لإسرائيل قد يؤدي لخسارته انتخابات 2024

آية سيد
الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

يتشارك بايدن المسؤولية عن إحدى أكبر الكوارث الإنسانية التي صنعها البشر على مدار النصف قرن الماضي.


منذ اندلاع حرب إسرائيل على قطاع غزة، أظهر الرئيس الأمريكي جو بايدن دعمًا غير مشروط لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته.

وأصبحت هذه الحرب واحدة من أكبر السلبيات السياسية لرئاسة بايدن، وقد تكون أحد أسباب خسارته للانتخابات الرئاسية في 2024، وفق ما جاء في تحليل نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، أمس الاثنين 18 ديسمبر 2023.

تداعيات دعم إسرائيل

في التحليل، رأى ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق، بول بيلار، أن هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، أربك استراتيجية إدارة بايدن للسياسة الخارجية، التي افترضت أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيظل مُهمشًا، ما يسمح للإدارة بتولية المزيد من الانتباه للمناطق الأخرى من العالم.

ولفت إلى أن الجزء الأكبر من تداعيات الهجوم من صنع بايدن نفسه نتيجة احتضانه الفوري وغير المشروط لحكومة نتنياهو، وهو ما وجد بايدن صعوبة في التراجع عنه عندما بدأت تلك الحكومة في إلحاق الموت والخراب وأشكال المعاناة الأخرى بسكان غزة.

أسلحة-زودت-بها-أمريكا-إسرائيل-في-حرب-غزة (1)

أسلحة-زودت-بها-أمريكا-إسرائيل-في-حرب-غزة (1)

والآن، يتشارك بايدن المسؤولية عن إحدى أكبر الكوارث الإنسانية التي صنعها البشر على مدار النصف قرن الماضي، وأضاف بيلار أن استراتيجية بايدن، المُتمثلة في محاولة كبح حكومة نتنياهو عن طريق البقاء قريبًا منه، فشلت إلى حد كبير.

ماذا خسر بايدن؟

حسب ضابط الاستخبارات السابق، خسر الرئيس الأمريكي تأييد معظم قاعدته في الحزب الديمقراطي، الذي سيحتاج دعمهم للفوز في الانتخابات، كما أن هذه الأحداث وجهت ضربة للمصالح الأمريكية، التي كانت واضحة بشدة في ظل ارتفاع الغضب والاستياء من الولايات المتحدة.

وإضافة إلى هذا، أصبحت واشنطن مُنعزلة بنحو متزايد في الدبلوماسية الدولية، وخسرت دعم الدول الأخرى للأهداف الأمريكية.

كيف تأثر نتنياهو؟

يواجه نتنياهو مشكلات سياسية داخلية، فهجوم حماس حطم صورة رئيس وزراء إسرائيل كـ”سيد الأمن”، وهذا انعكس مباشرة في استطلاعات الرأي اللاحقة للهجوم، التي أظهرت تراجعًا في دعم الإسرائيليين لنتنياهو وحزب الليكود.

ولتغيير هذا الوضع وإنقاذ مكانته السياسية، أشار بيلار إلى أن نتنياهو يمتلك حافزًا قويًا لمواصلة عدوان إسرائيل المدمر على غزة، ولتجاهل المناشدات الأمريكية المتعلقة بضبط النفس في العمليات العسكرية أو الحاجة إلى حل سياسي يكفل للفلسطينيين حق تقرير المصير.

الاستفادة من الوضع

حتى إذا لم يستطع نتنياهو استعادة سُمعته كـ”سيد الأمن”، يستطيع تصوير نفسه الآن كقائد يعارض بقوة، عبر قوة السلاح والدبلوماسية العنيدة، أي إقامة لدولة فلسطينية.

ولفت بيلار إلى أن الخلاف الناتج مع إدارة بايدن ليس سلبيًا لنتنياهو، بل إيجابيًا. فهذا الخلاف يُظهر للناخبين الإسرائيليين إصرار رئيس الوزراء على الوقوف في وجه الضغط الأمريكي الرامي إلى السماح بإقامة دولة فلسطينية.

وإلى جانب هذا، لا يزال تيار النفوذ في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية يتدفق في ذات الاتجاه، ولا تزال المساعدات العسكرية الأمريكية تصل إلى إسرائيل، والديناميكيات في السياسة الأمريكية التي أبقت على تدفق المساعدات تردع بايدن عن ربط الدعم بشروط هادفة.

دعم بايدن لنتنياهو.. هل يقوده نحو خسارة الانتخابات؟

العدوان الإسرائيلي على غزة

محاكمة الفساد

حسب المحلل الأمريكي، فإن محاكمة الفساد التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي تقدم حافزًا إضافيًا له كي يواصل سياساته المتشددة التي تنطوي على حرب تشتت الانتباه عن أي شيء آخر، وتلك السياسات تساعد في إرضاء العناصر الأكثر تطرفًا في ائتلافه اليميني وإبقائه متماسكًا.

وبالنسبة لآثار تلك السياسات في السياسة الداخلية الأمريكية وكيف تُضعف موقف بايدن السياسي، أشار بيلار إلى أنها بمثابة جائزة لنتنياهو، الذي سيسعد لرؤية دونالد ترامب يهزم بايدن في انتخابات 2024.

وبغض النظر كيف جاهد بايدن لإظهار الدعم لإسرائيل، فهذا لا يضاهي تدفق الهدايا التي حصلت عليها إسرائيل من ترامب، ومنها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، وكان التحالف السياسي بين ترامب ونتنياهو موسعًا، لدرجة أن كل منهما ظهر في الدعاية الانتخابية للآخر.

إحراج بايدن

وفق بيلار، نتنياهو لديه سجل طويل من إحراج بايدن والانتقاص منه، وعقب ساعات من زيارة بايدن لإسرائيل في 2010، عندما كان نائبًا للرئيس، وإعلانه عن الدعم الأمريكي غير المشروط لأمن إسرائيل، أعلنت الحكومة حينها، التي كان يقودها نتنياهو، عن بناء المزيد من المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية.

وبعد أن أصبح بايدن رئيسًا في 2021، زعم نتنياهو كذبًا، بناءً على مقطع فيديو مجتزأ بطريقة مُضللة، أن بايدن غفا أثناء اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، نفتالي بينيت.

الموقف الافتراضي

في ختام التحليل، أوضح بيلار أن بايدن يجسد نموذج السياسي الأمريكي القديم، ولذلك، لجأ غريزيًا إلى الموقف الافتراضي التقليدي للساسة الأمريكيين لتجنب المشكلات، وهو التعبير عن نفس القدر من الحب لإسرائيل مثل أي خصم سياسي.

لكن على خلفية الفظائع في غزة، هذا الموقف لا ينجح الآن مع بايدن، وإذا خسر انتخابات العام المُقبل، سيكون أحد الأسباب هو احتضانه لسياسي أجنبي لا يحب المصالح الأمريكية أو آفاق بايدن السياسية.

ربما يعجبك أيضا