مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية :قرارات بوتين قد تمثل نهاية اتفاقات مينسك

بسام عباس

آعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، ووقع بوتين مرسوما بشأن اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا.

وأضاف بوتين، في خطاب وجهه للشعب الروسي مساء الاثنين حول مسألة الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، إن سكان منطقة دونباس البالغ عددهم 4 ملايين نسمة “يتعرضون لإبادة جماعية، وذلك فقط بسبب رفضهم للانقلاب على السلطة في أوكرانيا المدعوم غربيا عام 2004، وقاوموا العنصرية القومية العدوانية والنازية الجديدة من زمن الكهوف اللتين تم رفعهما إلى مستوى الحركة الحكومية، ويناضلون من أجل حقوقهم الأساسية للعيش في أرضهم والتحدث بلغتهم الأم والحفاظ على ثقافتهم وتقاليدهم”، وفقًا لوكالة تاس الروسية.

و اثار القرار الروسي ردود فعل واسعة حيث وصف البيت الأبيض القرار بالمؤسف و فعل بشكل فوري مجموعة من العقوبات على المناطق الانفصالية محل النزاع.

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وصف القرار بانه انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا، فيما اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل القرار “انتهاك صارخ للقانون الدولي واتفاقات مينسك”.

من جهته أدان الأمين العام للناتو، القرار الروسي واصفاً إياه بتقويض لجهود حل النزاع.

وبحسب محللين،  قد يشكل الاعتراف بهاتين المنطقتين نهاية عملية السلام في شرق أوكرانيا واتفاقات مينسك الموقعة بفضل وساطة فرنسية وألمانية وتنص على عودة هذه المناطق على المدى البعيد إلى سيادة كييف.

في هذا الصدد، تناول المحلل السياسي “أندرو لوهسن” في تحليل له نشره مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أسباب هذا الاعتراف وتداعياته على الساحة الإقليمية والدولية.

لماذا تقدم روسيا على هذا الاعتراف الآن؟

أوضح لوهسن أن الإعلان يأتي في وقت يبدو أن الوسائل الروسية الحالية للضغط على أوكرانيا– والممثلة في اتفاقات مينسك– قد فقدت فعاليتها، فاعتراف روسيا باستقلالها سيكون بمثابة التخلي عن وسائل الضغط.

وأضاف أن الاعتراف باستقلال الجمهوريات الانفصالية سيعني فعليًا انسحاب كييف من اتفاقيات مينسك، ومع عدم تقدم عملية مينسك، ربما يجد الكرملين أنه من الأنسب فك ارتباطه من هذا الإطار، الذي يقوم على فهم أن منطقتي دونيتسك ولوهانسك ستظلان جزءًا من الدولة الأوكرانية.

تحقيق الأهداف الروسية دون حرب

أوضح الكاتب أن هذا الاعتراف يتيح مزايا عديدة لروسيا، منها أن توسيع الاعتراف الرسمي بالمنطقتين ربما يمنح بوتين مجالاً لتغيير الوضع الراهن لصالح روسيا دون إشراك القوات الروسية التي يبلغ قوامها 127 ألف جندي والتي تحاصر أوكرانيا حاليًا.

وأضاف أن الاعتراف بالجمهوريات الانفصالية ربما يؤدي إلى تعزيز صورة بوتين كحامي للشعب الروسي، كما أن الاعتراف بهما كدولتين مستقلتين، سيحقق لبوتين هدفه المتمثل في بناء “أوكرانيا الموالية لروسيا” التي تقبل وتحتفل بالاندماج مع جارتها الأكبر ومن المفترض أن يكون لها الحق في الدفاع عنها.

التداعيات السلبية للاعتراف

ربما يكون الجانب السلبي الأكبر للاعتراف على روسيا– بحسب الكاتب– هو أنها ستفقد الإمكانية التي توفرها اتفاقيات مينسك للتأثير على مسار السياسة الأوكرانية من الداخل، وبينما تبدو العملية عالقة في الوقت الحالي، يمكن لروسيا أن تقرر أن احتمال إجبار أوكرانيا يومًا ما على تنفيذ الاتفاقات وفقًا لفهم روسيا لها يستحق التمسك بها.

في المقابل، فإن اعتراف موسكو بهذه بالجمهوريات سيلغي أي التزامات من جانب أوكرانيا لتوفير وضع خاص للمناطق ومنح ممثليها مكانة رفيعة في صنع القرار، وربما ينقل البلاد إلى التحول الحاسم نحو الغرب.

وأضاف أندرو لوهسن أن الاعتراف بالجمهوريات الانفصالية يبعد روسيا عن تحقيق مطالبها السياسة الأخرى التي قدمتها للغرب، والتي تتمثل في إنهاء توسع الناتو، ومنع الوجود الحالي للتحالف في وسط وشرق أوروبا، ومنع نشر الأسلحة الهجومية بالقرب من روسيا، ووقف المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا، بالإضافة إلى التفاوض على هيكل أمني أوروبي جديد يتضمن دورًا أكبر لموسكو.

وذكر الكاتب أن الاعتراف يأتي بتكلفة اقتصادية كبيرة على روسيا، التي ربما تكون غير مستعدة لتحمل التزامات مالية إضافية في وقت يبدو فيه مستقبلها الاقتصادي هشًا.

 الخيارات السياسة لأوكرانيا والغرب

قال الكاتب إن على إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن،أن تجري مناقشات فورية مع نظرائها في كييف وعواصم أوروبية أخرى لتطوير خطط للاستجابة لهذه الخطوة. لافتًا إلى أن الغرب ركز، حتى الآن، على ردع العمل العسكري الروسي في أوكرانيا، ولكن ليس من الواضح تمامًا كيف سيرد على اعتراف الكرملين بدونتسك ولوهانسك كدولتين مستقلتين.

وأفاد الكاتب بأنه يجب على الأمريكيين و الاتحاد الأوروبي الاستمرار في التأكيد على اهتمامهم بالتوصل إلى حل سلمي للنزاع في شرق أوكرانيا وإيجاد حل دبلوماسي للمأزق بشأن المطالبات الروسية الأخيرة، كما ينبغي على المسؤولين الأوكرانيين الاستمرار في التأكيد على التزامهم بخدمة جميع المواطنين الأوكرانيين، وبناء مجتمع شامل وديمقراطي.

ربما يعجبك أيضا