الانقلابات العسكرية في إفريقيا.. كيف تؤثر في الاستراتيجية الأمنية الأمريكية؟

آية سيد

شاهد القادة الأمريكيون باستياء على مدار العام الماضي كيف أطاح القادة العسكريون في عدة دول إفريقية حليفة بالحكومات المدنية واستولوا على السلطة.


شهدت قارة إفريقيا موجة من الانقلابات العسكرية مؤخرًا، كان آخرها الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو، 24 يناير 2022، ومحاولة انقلاب في غينيا بيساو، فبراير 2022.

ووفقًا لتقرير أوردته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في 9 إبريل 2022، هذه الانقلابات عطلت الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة في تجنيد الجيوش المحلية لمواجهة المتطرفين الإسلامويين والتهديدات الأمنية الأخرى. وكانت الولايات المتحدة قد درّبت آلاف الجنود الأفارقة.

إخفاق استراتيجي

كان هذا الإخفاق الاستراتيجي واضحًا في الأسابيع الأخيرة في قاعدة فورت بينينج، فاستضاف الجيش الأمريكي التجمع السنوي لكبار قادة القوات البرية من أنحاء إفريقيا، بحسب التقرير. ومنع الجيش الأمريكي الدعوات عن قادة الانقلاب في مالي وبوركينا فاسو، وهما دولتان في غرب إفريقيا تخوضان صراعات وجودية مع تنظيمي القاعدة وداعش.

وبالإضافة إلى هذا، لم يُسمح للجنود الغينيين، الذين أطاحوا بحكومتهم المدنية في سبتمبر الماضي، بالمشاركة في فعاليات فورت بينينج ولم يعودوا مُدرجين في تدريبات العمليات الخاصة التي تقودها أمريكا. كما لم ترحب قمة فورت بينينج بالمجلس العسكري السوداني، بسبب خروجه عن مسار التحول إلى الحكم الديمقراطي، وإثيوبيا التي يوجد خلاف بين جيشها وأمريكا بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان في حربه ضد التيجراي.

من يستفيد من انسحاب أمريكا؟

لفت التقرير إلى أن خصوم أمريكا من القوى العظمى يسعون إلى الاستفادة من الانسحاب الأمريكي من إفريقيا. وفي مايو الماضي، جرى حرمان الكوماندوز الماليين من التدريب الأمريكي بعد إطاحة جيش مالي بالرئيس. ولهذا استعان المجلس العسكري المالي بمرتزقة روس من فاجنر جروب المرتبطة بالكرملين لتوفير الأمن. وبحسب التقرير، فقد أدى الانقلاب ووجود العملاء الروس إلى خلاف حاد بين مالي وفرنسا.

بالإضافة إلى إعلان باريس أنها ستسحب آلاف الجنود الموجودين في مالي لمحاربة داعش والقاعدة. وزعمت منظمة هيومان رايتس ووتش، هذا الأسبوع، أن الروس وحلفاءهم الماليين اعتقلوا وذبحوا 300 رجل مدني، في بلدة مورا الشهر الماضي. ولكن وزارة الدفاع المالية صرّحت بأنها قتلت 203 إرهابيين في العملية واعتقلت 51 آخرين، وصادرت أسلحة وذخيرة. ثم أعلن الجيش عن فتح تحقيق في المجزرة المزعومة.

انقلاب بوركينا فاسو

درّبت أمريكا جنودًا من بوركينا فاسو، التي تواجه هجمات من داعش وائتلاف جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابع للقاعدة، وفقًا للتقرير. وفي 2020، كان العقيد بول هنري داميبا ضمن فرقة جيش بوركينا فاسو عندما انتقلت التدريبات التي تقودها أمريكا إلى موريتانيا، كما سبق وحضر دورة استخبارات عسكرية ترعاها أمريكا في السنغال وبرنامجًا للتدريب على حفظ السلام بوزارة الخارجية الأمريكية.

وفي بداية هذا العام، كان الجيش الأمريكي قلقًا من انتشار العنف المسلح في بوركينا فاسو، لدرجة إرسال فريق قوات خاصة إلى العاصمة واجادوجو لتقديم المشورة للقادة المحليين. وكانت القوات الخاصة قد وصلت لتوّها عندما أحاط الجنود البوركينيون بالقصر الرئاسي واعتقلوا الرئيس روش مارك كريستيان كابوري، وأعلنوا أن مجلسًا عسكريًّا سيتولى السلطة. ثم بعد ثمانية أيام اختاروا داميبا رئيسًا.

ما جدوى التدريب الأمريكي؟

وفقًا للتقرير، يقول الضباط الأمريكيون إن عملهم مع نظرائهم الأفارقة يشمل مناقشة لأهمية السيطرة المدنية على الجيش والالتزام بسيادة القانون. لكن المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، مايكل شوركين، تساءل عما إذا كانت المحاضرات الأمريكية تستطيع مواجهة الضغوط السياسية التي قد تواجهها جيوش إفريقيا وسط التمرد الشرس، والانقسامات العرقية والحكومات المدنية الفاسدة.

ولفت التقرير إلى أن القوات الخاصة الأمريكية كانت في وسط تدريب القوات الخاصة الغينية العام الماضي، عندما هرب جنود محليون للإطاحة بالرئيس المدني للبلاد. وعندما أدركوا أنهم في وسط تمرد، احتمى الكوماندوز الأمريكيون في السفارة الأمريكية بالعاصمة كوناكري، وأعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم” تعليق كل التدريبات مع جيش غينيا.

الجيش الأمريكي لا يتابع الضباط بعد التدريب

نشر موقع ريسبونسبل ستيت كرافت تقريرًا للكاتب نيك تيرس، في 30 مارس 2022، يتساءل فيه عن سبب الانقلابات العسكرية المتكررة في غرب إفريقيا. وطرح تيرس السؤال على القائد العام لقوة المهام الأمريكية بجنوب أوروبا وإفريقيا، الجنرال أندرو روهلينج، فأجاب روهلينج “سياسة أمريكا تعزيز حقوق الإنسان والقيم والقانون المدني والديمقراطي في جميع البلاد. والتدريبات تجلب هذه القيم إلى الواجهة”.

وبحسب التقرير، لا تتابع أفريكوم ما يصبح عليه الضباط الذين دربتهم ولا تعلم من منهم نفذ انقلابًا. وقالت المتحدثة باسم أفريكوم، كيلي كاهلان، “أفريكوم لا تتابع الأفراد الذين حصلوا على التدريب الأمريكي بعد إنهاء التدريب، كما أننا لا نحتفظ بقاعدة بيانات بهذه المعلومات”، في إشارة إلى الضباط الأفارقة الذين أطاحوا بحكوماتهم أو عدد المرات التي حدث فيها ذلك.

 

ربما يعجبك أيضا