«رفاق بوتين».. من هم حلفاء الرئيس الروسي؟

آية سيد
«ذي إيكونوميست»: نفوذ روسيا الجيوسياسي ليس كما يبدو

تنقسم الدول التي لها روابط بروسيا إلى 3 فئات، «ائتلاف الفاشلين»، و«مجتمع الذكرى السوفيتية»، و«محور الانتهازيين».


أطلقت مجلة ذي إيكونوميست البريطانية مؤشرًا لتقييم نفوذ روسيا الجيوسياسي وعلاقاتها بالدول الأخرى.

وأطلقت المجلة على المؤشر اسم “مؤشر رفاق بوتين”، في إشارة إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مشيرة إلى أن نفوذ  موسكو أقل مما يبدو عليه، ويقتصر على عدد محدود من الحلفاء، وفق تقرير نشرته اليوم الخميس 16 مارس 2023.

نفوذ ظاهري

في 23 فبراير 2023، قبل يوم من الذكرى الأولى لاندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، رفضت 39 دولة تأييد قرار للأمم المتحدة بإدانتها. ورغم العقوبات، التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، تماسك اقتصاد روسيا بطريقة مدهشة، حسب المجلة البريطانية.

وقال التقرير إن نفوذ روسيا الجيوسياسي يبدو نظريًا مذهلًا، لأن قواتها ومرتزقتها منتشرون في 16 دولة على الأقل. وعلى مدار العقد الماضي، مثلت روسيا أكثر من نصف واردات السلاح في 22 دولة مختلفة، منها الصين والهند، وضاعفت الموارد الطبيعية والتكنولوجيا قوتها. فكانت روسيا مزود الغاز المهيمن لأكثر من 12 دولة.

صورة مختلفة

أعدت ذي إيكونوميست مؤشرًا أسمته «مؤشر رفاق بوتين»، بالتعاون مع مجموعة من الهيئات ومراكز الأبحاث المرموقة. واعتمد التصنيف على 11 مقياسًا مختلفًا لتقييم الدعم في 3 مجالات، الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي. ويقدم المؤشر إطار عمل لتقييم كيف تختار الدول التصرف تجاه روسيا، وما إذا كانت عُرضة للقسر الروسي.

«ذي إيكونوميست»: نفوذ روسيا الجيوسياسي ليس كما يبدو

مؤشر مجلة ذي إيكونوميست

وأوضحت المجلة أن 6 دول وضعتها على رأس التصنيف، هي تلك المرتبطة بروسيا عبر السياسة والتاريخ والجغرافيا، مثل أرمينيا وبيلاروسيا وإيران وقيرغيزستان. وتأتي بعدها مجموعة من الدول ذات الروابط الفضفاضة، مثل الصين والهند، والدول الصغيرة مثل بوليفيا ومالي.

5 حلفاء رسميون

قسّمت المجلة البريطانية الدول التي لها روابط بروسيا إلى 3 فئات: «ائتلاف الفاشلين»، و«مجتمع الذكرى السوفيتية»، و«محور الانتهازيين». وقالت إن روسيا تمتلك 5 حلفاء رسميين في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، هي أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان، وقيرغيزستان وطاجيكستان.

ورغم أن المعاهدة تُلزمها بمساعدة بعضها البعض في حالة التعرض لهجوم، أشارت المجلة إلى أن أيًا من تلك الدول لم تدعم الحرب الروسية الأوكرانية بقوات. وسمحت بيلاروسيا باستخدام أراضيها كقاعدة عسكرية، لكن دون إرسال قواتها، في حين حاول الأعضاء الآخرون إبعاد أنفسهم عن الحرب.

وأوضحت أن أرمينيا رفضت استضافة المناورات الحربية للمنظمة هذا العام، ويبدو أنها توازن رهاناتها عندما يتعلق الأمر بالرعاة السياسيين، عن طريق دعوة بعثة من الاتحاد الأوروبي لمراقبة حدودها مع أذربيجان، في حين كازاخستان التي كانت حليفًا مقربًا لروسيا، لم يمنع هذا رئيسها من انتقاد الحرب أمام الرئيس الروسي، في أثناء زيارة إلى سان بطرسبرج، يونيو الماضي.

الدعم العسكري

لفتت المجلة أنه بخلاف بيلاروسيا، فقط إيران وكوريا الشمالية أرسلتا سلاحًا إلى روسيا. وتعتقد الحكومة الأمريكية أن كوريا الشمالية أرسلت عددًا “كبيرًا” من قذائف المدفعية. في حين أرسلت إيران مسيّرات للمساعدة في قصف أوكرانيا، وأرسلت مستشارين عسكريين لمساعدة الروس في تشغيل المسيّرات.

لكن قالت ذي إيكونوميست إن طهران منقسمة بشأن درجة تقربها من موسكو، فالمتشددون في الحرس الثوري الإيراني يأملون أن تقابل موسكو دعمهم بطائرات مقاتلة حديثة وصواريخ مضادة للطائرات، في حين يشعر المعتدلون نسبيًا في وزارة الخارجية الإيرانية بالقلق بشأن استعداء الغرب أكثر، أو التغاضي عن غزو الدول المجاورة.

وأشارت إلى أنه في مقابل هذه الدول الـ3 المستعدة لتسليح روسيا، يوجد تحالف غربي من 31 دولة أكد علنًا أنه يرسل الأسلحة إلى أوكرانيا.

اقرأ أيضًا: مُسيرات بقوة تدميرية أكبر.. هل تساند إيران روسيا في معركة الربيع؟

عزلة دبلوماسية

على الصعيد الدبلوماسي، تبدو روسيا شبه معزولة، وفق تقرير المجلة، الذي أشار إلى أن 4 دول فقط، وهي بيلاروسيا ونيكاراجوا وكوريا الشمالية وسوريا، صوتت باستمرار ضد قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة سلوك روسيا في أوكرانيا، منذ 2014، في حين صوتت 6 دول أخرى، منها بوليفيا ومالي وإريتريا، لصالح روسيا مرتين على الأقل.

وتوجد الكثير من القواسم المشتركة بين دول “ائتلاف الفاشلين”، حسب التقرير، فجميعها ليست أنظمة ديمقراطية سليمة. ويعتمد بعضها على قوات روسيا أو مرتزقتها، من أجل بقاء الحكومات، في حين يعتمد عليها البعض الآخر من أجل الدعم الدبلوماسي في مجلس الأمن. كما أن الائتلاف ينكمش.

الذكرى السوفيتية

تظل 30 دولة أخرى محايدة ظاهريًا وتميل إلى الامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة في ما يتعلق بأوكرانيا. وحسب المجلة، تشكل مجموعة فرعية من هذه الدول “مجتمع الذكرى السوفيتية”.

وبينما لا تقدم أي مساعدة دبلوماسية أو عسكرية حقيقية، تميل هذه الدول نحو روسيا، وتفعل أشياء مثل إجراء تدريبات عسكرية مع قواتها المسلحة، أو ترديد حُججها بأن توسع الناتو، أو أوكرانيا نفسها، هما المسؤولان عن الحرب.

دوافع خفية

تمتلك هذه الدول دوافع مختلفة لدعم روسيا، التي تشمل التعاطف بسبب الروابط التاريخية مع الاتحاد السوفيتي، أو لأن الأحزاب الحاكمة تدين بالفضل لموسكو لمساعدتها في تمويل الانتخابات أو التأثير فيها، خاصة في إفريقيا. وكذلك بسبب مبيعات الأسلحة الروسية للدول المحرومة من الإمدادات الغربية، أو دعم موسكو لمشروعات الطاقة النووية في بعض الدول.

لكن وفق المجلة، فشلت المحاولات الروسية في كسب النفوذ في بعض الحالات، مثل مدغشقر، التي انقلبت على موسكو بعد محاولة التأثير في الانتخابات الرئاسية لصالح مرشحين موالين لها في 2019، وموزمبيق، حيث أعدم الإرهابيون 5 مقاتلين من مجموعة فاجنر الروسية.

محور الانتهازيين

راى هذه المجموعة العقوبات الغربية فرصة لتعزيز تجارتها مع روسيا بشروط مربحة، وفق التقرير البريطاني، وبعد انهيار واردات البضائع الروسية بأكثر من 40% في الأشهر الأولى التي أعقبت الحرب، تعافت إلى حد كبير في سبتمبر الماضي، بعد تدخل الصين وتركيا لاستبدال الصادرات الأوروبية والأمريكية.

ولفتت المجلة إلى أن الهند أحد المستفيدين من التجارة مع روسيا. ورفضت نيودلهي إدانة الحرب وزادت وارداتها من النفط الروسي المخفض، كما أنها تظل مشتريّا رئيسًا للأسلحة الروسية.

اقرأ أيضًا: الهند وروسيا ينجحان في إضعاف الدولار.. هل نتجه نحو نظام مالي جديد؟

مقاومة النفوذ الروسي

اقترحت ذي إيكونوميست عدة خطوات لمكافحة نفوذ موسكو في الدول الفقيرة. والخطوة الأولى هي عدم المبالغة في تضخيم أهمية الدعم الناعم، الذي تقدمه هذه الدول لروسيا، خاصة عندما لا يتجاوز الامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة.

وفي الوقت نفسه، يمكن للغرب اتخاذ خطوات غير مكلفة لمواجهة انتشار فاجنر في إفريقيا، عن طريق تسليح قوات الأمن الإقليمية والحكومات الصديقة، ودعمها كي لا تلجأ إلى روسيا.

وعند التعامل مع “محور الانتهازيين”، يحتاج الغرب إلى معايرة خطوطه الحمراء بحرص، وتوضيحها وعدم الاعتراض على التجارة المتزايدة البعيدة عن البضائع العسكرية والتكنولوجية. ويبنغي أن يبقى الغرب مستعدًا اقتصاديًا لردع بكين وغيرها عن إرسال السلاح والذخيرة لموسكو.

ربما يعجبك أيضا