رفع أسعار الطاقة ينذر بشتاء قارس ينتظر البريطانيين 

ولاء عدلان

رئيس الوزراء البريطاني السابق، جوردون براون: ارتفاع أسعار الطاقة بمثابة قنبلة مالية ستنفجر بوجه الأسر البريطانية بحلول أكتوبر المقبل.


قررت هيئة تنظيم الطاقة في بريطانيا، نهاية الأسبوع الماضي، رفع سقف أسعار الطاقة الاستهلاكية بنحو 80%، بدءًا من أكتوبر المقبل.

وتأتي هذه الزيادة القياسية لتضاعف أعباء الأسر البريطانية المستمرة منذ الربع الأول من العام الحالي 2022، بضغط من ارتفاع معدلات التضخم لأعلى مستوياتها في 40 عامًا، ووسط توقعات بأن يعاني أكثر من نصف البريطانيين من فقر في الوقود خلال 2023.

فواتير الطاقة تشتعل

قالت هيئة تنظيم الطاقة البريطانية، في بيان بتاريخ 26 أغسطس، إنها سترفع السقف الذي يمكن لموردي الطاقة أن يفرضوه على العملاء المحليين مقابل فواتير الكهرباء والغاز المجمعة في إنجلترا واسكتلندا وويلز إلى 3 آلاف و549 جنيهًا إسترلينيًّا أي قرابة 4 آلاف و169.9 دولار، من حدود 1971 إسترلينيًّا لكل أسرة متوسطة، مبررة هذه القفزة بالزيادة المستمرة في أسعار الغاز العالمية، وفق “فرانس برس”.

وخلال الأسبوع الماضي، سجلت أسعار الغاز في بريطانيا أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 6 جنيهات إسترلينية، أي أكثر من 7 دولارات للوحدة الحرارية، مدفوعة بتصاعد مخاوف قطع روسيا لكامل إمدادات الغاز عن أوروبا، ورغم أن بريطانيا تستورد من روسيا 5% فقط من استهلاكها السنوي من الغاز، فإنها تتأثر بالأسعار العالمية التي تغذيها العقوبات المفروضة على موسكو ثالث أكبر منتج عالمي للنفط.

download

زيادات جديدة

حذر مكتب أسواق الغاز والكهرباء في بريطانيا، يوم الجمعة الماضي، من أن أسعار الطاقة يمكن أن ترتفع بوتيرة كبيرة على مدار العام المقبل، في حين تتوقع شركة “كورن وول انسيت” للاستشارات أن يرتفع الحد الأقصى للأسعار إلى 5 آلاف و341.08 إسترليني، ما يعادل 6 آلاف و275.5 دولار في الربع الثاني، مقابل 1400 إسترليني (1644.9 دولار) في أكتوبر 2021، وفق تقرير لـ”ديلي ميل” بتاريخ 24 أغسطس.

وتتوقع الأسواق ارتفاعاً للحد الأقصى إلى 6 آلاف و500 إسترليني ما يعادل 7 آلاف و637.17 دولار بحلول إبريل المقبل، وبحسب تقديرات رئيس شركة “أوكتوبس إنرجي”، جريج جاكسون، سيقفز إجمالي فاتورة الطاقة بالمملكة المتحدة هذا العام إلى 75 مليار إسترليني، ما يعادل 88.1 مليار دولار، أي بزيادة تقدر بنحو 70.5 مليار دولار عن المعتاد سنويًّا.

أزمة وطنية

وصف عضو مجلس إدارة شركة “سكوتيش باور”، كيث أندرسون، في تصريح لـ”ديلي ميل” ارتفاع سقف أسعار الطاقة في بريطانيا بأنه أزمة وطنية بحجم جائحة كورونا، واتفق معه رئيس الوزراء السابق، جوردون براون، قائلًا لـ”الجارديان” هذا الارتفاع بمثابة قنبلة مالية ستنفجر بوجه الأسر في أكتوبر المقبل، وستدفع الملايين إلى حافة الخطر.

ويبلغ متوسط ​​دخل الأسرة البريطانية 36 ألفًا و893 دولار، وتوقعت دراسة حديثة أجرتها وحدة الأبحاث بجامعة “يورك” أن يعاني 58% من الأسر البريطانية من فقر في الوقود بحلول العام المقبل، وألا تتمكن من تدفئة منازلهم على الوجه المناسب، وأن ينفق 11.6 مليون بريطاني أكثر من ربع صافي دخلهم على الوقود بحلول يناير.

Untitledسس 1

الحكومة تحاول ولكن

توقع بنك إنجلترا في يوليو الماضي أن تدخل البلاد مرحلة الركود اعتبارًا من الربع الأخير من هذا العام، وأن ينخفض الدخل الحقيقي للأسر على نحو حاد في عامي 2022 و2023، وفي المقابل، توقعت “بلومبرج” في تحليل نشرته الأسبوع الماضي أن يتراجع الإسترليني إلى أدنى مستوياته منذ 1985 عند 1.14 دولار بنهاية العام الحالي، ما يقوّض القدرة الشرائية للبريطانيين.

وفي يوليو الماضي، تعهدت الحكومة بتقديم حزمة دعم بقيمة 15 مليار إسترليني (17.6 مليار دولار) اعتبارًا من أكتوبر، ما يرفع التكلفة الإجمالية لدعم المعيشة هذا العام إلى نحو 43.4 مليار دولار، وقبل ذلك بشهرين فرضت ضريبة أرباح بـ5.9 مليار دولار على منتجي النفط والغاز في بحر الشمال، إلا أن هذه الحلول تظل أقل من مستوى الزيادة المتوقعة لإجمالي فواتير الطاقة التي تتجاوز 70 مليار دولار.

ترحيل الأزمة

حكومة بوريس جونسون حاليًّا، هي حكومة تصريف أعمال، وبالتالي أزمة ارتفاع أسعار الطاقة سترحل إلى الحكومة المقبلة التي ستكون مطالبة بحلول جذرية للأزمة، وأبرز المرشحين لرئاسة حزب المحافظين والحكومة المقبلة، ليز تروس، على سبيل المثال تفضل حلولًا مثل إلغاء الرسوم الخضراء التي يدفعها المستهلكون لدعم استراتجية الطاقة النظيفة، والتي سترتفع إلى 176.2 دولار بحلول أكتوبر.

في المقابل، يفضل منافسها الوزير السابق، ريشي سوناك، مقترح إلغاء ضريبة القيمة المضافة 5% على فواتير الطاقة، أما رواد الصناعة فيقترحون تجميد فواتير الطاقة لمدة عامين، بما يسمح لموردي الطاقة بتغطية الفجوة بين الأسعار محليًّا وعالميًّا، عبر دعم حكومي يسدد على 20 عامًا، وهذا الحل يخفض التضخم إلا أن تكلفته قد تتجاوز 117 مليار دولار، ما يشكل عبئًا على اقتصاد مهدد بالركود خلال 2023، وفق “يورو نيوز” وديلي ميل”.

ربما يعجبك أيضا