صدامات بين التيار الصدري والمحتجين.. والكاظمي يعجز أمام المليشيات

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

اقتحامات ليست بجديدة لساحات المعتصمين العراقيين في الناصرية، والمتهم فيها مليشيات محسوبة على الكتل الشيعية في العراق وعلى رأسها التيار الصدري، بهدف وأد الاحتجاجات المُنددة بقانون الانتخابات الجديد الذي يسمح ببقاء الكتل السياسية والمتنفذة بمفاصل الدولة العراقية، والتي جعلت حكومة الكاظمي عاجزة عن حماية العراقيين بسبب آليات ستجعل من أي حكومة قادمة رهينة المليشيات المسلحة في العراق

أحداث الناصرية

قتل خمسة أشخاص على الأقل بالرصاص وأصيب نحو 70 آخرين، أمس الجمعة، في صدامات بين متظاهرين معارضين للحكومة وآخرين من مؤيدي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في مدينة الناصرية في جنوب العراق، حسب مصادر طبية.

ولا يزال المتظاهرون المعارضون للحكومة ينصبون خيامًا في ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية، وقد حمل الناشط البارز محمد الخياط أنصار الصدر المسؤولية عن العنف.

وأظهرت مقاطع مصورة نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، احتراق عدد من خيم المحتجين في ساحة الحبوبي، معقل الاحتجاجات في الناصرية، فيما بدا مسلحون بزي مدني يتجولون قرب الساحة.

وقالت وسائل إعلام محلية إن عشرات من أنصار الصدر توجهوا إلى ساحة الحبوبي بعد صدامات جرت في وقت سابق، أسفرت عن مقتل خمسة محتجين وإصابة عشرات آخرين.

ولم يمنع حظر التجوال الذي فرضته السلطات، أنصار الصدر من التوافد على ساحة الحبوبي.

وتداول مغردون على تويتر تعليقا لـ”صالح محمد العراقي” المقرب من الصدر، يأمر فيه أنصاره بـ “إعادة هيبة الدولة والحياة الطبيعية وتنظيف ساحة الحبوبي”.

ولم تقدم الحكومة الاتحادية أي توضيح بشأن الأحداث الجارية في الناصرية، باستثناء تغريدة للمتحدث باسم وزارة الداخلية سعد معن، أعلن فيها “تعيين لواء الشرطة عودة سالم عبود قائدا لشرطة محافظة ذي قار” خلفا للعميد حازم الوائلي.

وتمثل الناصرية معقلا رئيسيًا لحركة الاحتجاج ضد الحكومة، حيث استمر المتظاهرون المعارضون للحكومة بنصب خيامهم في ساحة الحبوبي، على الرغم من انسحاب معظم المحتجين في باقي المحافظات وبغداد منذ عدة أسابيع.

استعراض للقوة قبيل الانتخابات

وقعت الصدامات بعد أن تجمع عشرات الآلاف من أنصار الصدر في الناصرية وبغداد، الجمعة، في استعراض للقوة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو المقبل.

وحجبت تظاهرات أنصار التيار الصدري حركة الاحتجاج الشبابية في معظمها التي بدأت في أكتوبر 2019 قبل أن يتراجع زخمها في الأشهر الأخيرة نتيجة التوتر السياسي وتفشي فيروس كورونا المستجد.

وبحسب مراقبين ستجري الانتخابات وفق قانون جديد بدلا من التصويت على اللوائح، إذ سيتم التصويت على الأفراد وتقليص نطاق الدوائر الانتخابية.

وبغض النظر عما ينطوي عليه قانون الانتخابات الجديد من تغييرات، فإن الأحزاب الكبيرة في العراق تثق بأنها لن تخسر السلطة في أي حال من الأحوال، وهي على يقين من أن الواقع السياسي الذي وضع السلطة في قبضتها لن يتغير ولا يمكن تغييره من خلال توسيع الدوائر الانتخابية أو تصغيرها.

وإذا ما كانت تلك الكتل قد فشلت في المرة الأخيرة في تعيين رئيس للحكومة يكون مقرباً منها، فإن ذلك لا يعني أن الأوضاع خرجت عن نطاق سيطرتها، إذ صار واضحاً أن رئيس الحكومة سيكون مقيداً بالشروط التي فرضتها تلك الكتل الحزبية على الدولة.

لكن يتوقع أغلب المراقبين تأجيل موعد الاقتراع بضعة أشهر على الأقل، ويرجح خبراء أن يستفيد الصدر ومرشحوه من قانون الانتخابات الجديد.

الكاظمي في مأزق

وعلى خلفية أحداث الناصرية، أصدر رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية مصطفى الكاظمي، قرارًا بإقالة قائد شرطة محافظة ذي قار وتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت  الجمعة، في مدينة الناصرية .

وقال الكاظمي – بحسب بيان للواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات ” إن توتير الأوضاع في العراق ليس في مصلحة البلد، و لا بديل عن القانون والنظام والعدل، ومن ضمن ذلك العدل تجاه الدماء التي أريقت في أحداث الجمعة”.

وأضاف الكاظمي ” أن الحكومة العراقية التزمت بتعهداتها وحددت موعداً للانتخابات ليكون صندوق الاقتراع هو الفيصل الوحيد لتحديد المواقف، وأن بديل هذا الصندوق هو الفوضى التي لا يقبلها دين ولا مبدأ ولا منطلق وطني”.

لقد أسقطت الاحتجاجات حكومة عادل عبدالمهدي ولكنها لم تسقط الآلية التي جعلت من عبدالمهدي رئيساً للحكومة. أما حكومة مصطفى الكاظمي التي اعتبرتها الأحزاب جائزة ترضية فإنها حكومة قاصرة تعجز عن صرف رواتب موظفيها الشهرية. لذلك لا يعول عليها في مسألة إحداث تغيير جذري في قانون الانتخابات.

وليس من الواضح أن شباب الاحتجاجات الداعين إلى تغيير النظام بالوسائل السلمية قد نجحوا في تنظيم صفوفهم بما يمكنهم من المشاركة في الانتخابات المبكرة، فالناشطون المعارضون ممن عُرفوا بوعيهم السياسي المتقدم بعيداً من الهتافات المباشرة تمت تصفية معظمهم ولم تتمكن الحكومة من فك أسر المختطفين منهم. أما مَن تبقى على قيد الحياة فإنه صار يتوخى الحذر في ظهوره واتصالاته العلنية.

وبحسب المراقبين، فإن حكومة الكاظمي كما هو حال الحكومات التي سبقتها، ليس في واردها معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية بل الكارثية، وهي غير قادرة أصلا إن أرادت التصدي للوضع الاقتصادي، كون هذه الحكومة فاقدة القدرة بالتحكم بمفاصل الدولة، والتي هي رهينة سطوة المليشيات الإيرانية وأحزابها الطائفية المسلحة خارج إطار القانون.

والحاصل الآن، بل والمتوقع أن تعمد حكومة الكاظمي إلى رهن مقدرات العراق لأمد طويل، عبر الاقتراض من المؤسسات المالية الغربية، البنك الدولي وغيره، ومن ثم وضع العراق برمته وخاصة ثرواته الطبيعية رهينة أبدية بالإرادة الغربية.

ربما يعجبك أيضا