طريق حرير خليجي.. ماذا نعرف عن قطار الاتحاد بالإمارات؟

حسام أحمد

تستعد دولة الامارات لدخول حقبة جديدة من التنمية والعمران خلال الـ50 سنة المقبلة، ومن أهم ملامح هذه الحقبة "قطار الاتحاد" الذي سيربط الإمارات السبع ببعضها البعض، كما يستهدف ربط دولة الإمارات  بدول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم الحصول على موقع هام ضمن سلاسل التوريد العالمية. نستعرض في هذا التقرير  قصة طريق الحرير الخليجي.  


يعد مشروع قطار الاتحاد غير مسبوق لأسباب عدة أبرزها  البيئة الجغرافية القاسية التي يمر بها المشروع. فهو يشق الصحراء لربط الإمارات السبع، والوصول إلى نقاط حدودية على أطراف الإمارات، وبالتالي فإن عملية تمهيد مسار القطار تعني التعامل مع أوضاع إنشائية غاية في الصعوبة والتعقيد، حيث سيتطلب المشروع شق جبال وبناء أنفاق أسفل جبال أخرى، وتشييد جسور سكة حديد بحرية، وتمهيد طرق صحراوية تتسم  بوجود رمال خفيفة ومتحركة دائماً بما سيحتم على الجهات المنفذة للمشروع ابتكار حلول جديدة، بما يعني جهد مضاعف.

 

ماذا نعرف عن القطار ومساره؟

شركة الاتحاد للقطارات هي المنفذة لقطار الاتحاد، وكانت المرحلة الأولى للمشروع قد انطلقت  في ديسمبر/ كانون الأول 2015 بالتشغيل التجاري لنقل أكثر من 15 مليون طن من الكبريت. وامتدت المرحلة الأولى لمسافة 264 كم، ربطت مناطق شاه وحبشان بميناء الرويس، وتشتمل على 7 عربات للمسافرين و10 عربات شحن بضائع لكل قطار.

وبدأت أعمال المرحلة الثانية عام 2020 على مسافة 605 كم انقسمت إلى  4 حزم، وتضمنت بناء 35 جسرًا و37 نفقًا، وفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية “وام”. وتشير التوقعات إلى أن المشروع بمراحله المعلنة سيكتمل في العام 2026.

ويمتد قطار الاتحاد لمسافة 1,200 ويتضمن عددًا كبيرًا من المرافق التي تشمل المخازن والمحطات وغيرها، وسيمتد القطار عند اكتماله من الغويفات في المنطقة الغربية من إمارة أبو ظبي إلى الفجيرة على الساحل الشرقي، كما سيصل في مراحله المتقدمة غربًا إلى السعودية وشرقًا إلى حدود سلطنة عمان.

ومن المستهدف أن يكون القطار ضمن شبكة سكك حديدية أوسع، تربط كل دول مجلس التعاون الخليجي الست، وفقًا للبوابة الرسمية للحكومة الإماراتية.

 

الدور المتوقع لقطار الاتحاد في حركة سلاسل التوريد العالمية

“سيرسخ القطار التفوق اللوجستي للإمارات عالمياً” كان ذلك ما قاله الشيخ محمد بن راشد حاكم إمارة دبي نائب رئيس دولة الإمارات في معرض حديثه عن الأهمية العالمية لقطار الاتحاد.وبات يوصف مشروع قطار الاتحاد بأنه “طريق حرير خليجي

سيتمكن قطار الاتحاد من ربط 4 موانئ وبناء أكثر من 7 مراكز لوجيستية حول الإمارات. كما أن وصول قطار الاتحاد إلى منفذ الغويفات مع السعودية جنوباً، وإلى إمارة الفجيرة شمالاً سيسهل من عملية ربط جنوب البلاد بشمالها، فوصول القطار  إلى ميناء الفجيرة  سيجعله يقترب من أحد أهم الموانىء العالمية بالقرب من المحيط الهندي.

كما قامت شركة الاتحاد للقطارات بتوقيع مذكرة تفاهم مع ميناء خليفة لبناء محطة للقطار داخل ميناء خليفة لنقل الشحنات الضخمة، ولهذا الغرض تم بناء أول جسر بحري للسكك الحديدية في الإمارات بطول كيلو متر واحد لتيسير دخول القطار إلى محطته داخل الميناء  وبالتالي يصبح ميناء خليفة من أول الموانىء في منطقة الخليج الذي سيتضمن محطة قطارات  وبالتالي يكون مشروع قطار الاتحاد بصدد تخليق مسار جديد في سلاسل التوريد العالمية بشكل يسرع من حركة التجارة الخليجية نحو العالم.

مع الوضع في الاعتبار أن السكك الحديد هي الخيار الأمثل في سيولة وسرعة حركة سلاسل التوريد كونها أسرع من حركة سفن الشحن وأقل في التكلفة من الطائرات. وحيث أن الموقع الاستراتيجي للإمارات في حركة التجارة العالمية عبر موانئها المختلفة براً وبحراً وجواً، يجعلها ركن أساسي في مسار مبادرة الحزام والطريق الصينية، ويجعل هناك حالة من التكامل بين طريق الحرير الخليجي الذي يقوده قطار الإمارات وبين المبادرة الصينية.

 

 ما هي العوائد الاقتصادية المستهدفة من المشروع؟

تصل استثمارات مشروع قطار الاتحاد إلى 50 مليار درهم، مع الوضع في الاعتبار أن 70% من هذه الاستثمارات محلية.وتحقيقاً لمستهدف المكون الوطني داخل هذا المشروع الضخم، فإن الإمارات كانت قد أعلنت  عن تدشين أول دبلوم مهني للسكك الحديدية  عام 2017 بهدف إعداد كوادر وطنية تكون مسؤولة عن عملية تشغيل قطاع السكك الحديدية. حيث يوفر الدبلوم فرصة الالتحاق بواحد من 4 تخصصات مهنية في قطاع السكك الحديد وهي التدريب لمهن كابتن قطار، ومراقب حركة القطارات، وفني صيانة عربات القطار، وفني أنظمة السكك الحديدية. وكانت أول دفعة من الطلبة الإماراتيين قد تخرجوا بالفعل عام 2020 والتحقوا بقطاعات تشغيل مختلفة بمشروع قطار الاتحاد. ومن المتوقع . أن يوفر المشروع أكثر من 9 آلاف وظيفة في قطاعاته المختلفة بحلول عام 2030.

وتُقدر العوائد السياحية للمشروع بـ23 مليار درهم خلال الـ50 عامًا المقبلة، كما ستبلغ عوائد خفض الانبعاثات حسب هذه الخطة نحو 21 مليار درهم وفقا لقناة CNBC. ، لتتمكن الإمارات من تخفيض البصمة الكربونية والوصول إلى أحد أهم أهداف عام الخمسين من حيث تحقيق الحياد الكربوني. فمنذ انطلاق العمليات التشغيلية في 2016 وحتى يناير 2021، قامت شركة أدنوك الإماراتية (شركة بترول أبوظبي) بنقل أكثر من 34 مليون طن من حبيبات الكبريت عبر أكثر من 3,400 رحلة قطار، ما يعني تقليل عدد رحلات الشاحنات على الطرق بمقدار 2 مليون رحلة، وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بإجمالي 315,000 طن

ومن المستهدف أن يصل حجم النقل إلى 85 مليون طن عبر الشبكة بحلول عام 2040، ويستهدف المشروع نقل نحو 37 مليون راكب سنويًّا بحلول 2030.

 

ربما يعجبك أيضا