«فاينانشال تايمز»: اقتصاد الصين لن يتجاوز نظيره الأمريكي حتى 2060

آية سيد
اقتصاد الصين لن يتجاوز نظيره الأمريكي

بافتراض أن الولايات المتحدة تنمو بمعدل 1.5%، بمعدلات تضخم مماثلة وسعر صرف مستقر، لن تتجاوز الصين أمريكا كأكبر اقتصاد في العالم حتى 2060، هذا إن حدث.


مع بداية ولايته الثالثة، حدد الرئيس الصيني، شي جين بينج، هدف تعزيز اقتصاد الصين وجعلها دولة متقدمة متوسطة المستوى على مدار العقد المقبل.

ولكن الاتجاهات الأساسية، المتمثلة في التركيبة السكانية السيئة والديون الثقيلة وتراجع نمو الإنتاجية، تشير إلى أن إمكانات النمو الكلية للدولة تساوي نصف ذلك المعدل، وفق ما جاء في مقال لرئيس مؤسسة “روكفيلر إنترناشيونال”، الكاتب والمستثمر روتشر شارما.

معدل النمو

في المقال، الذي نُشر بصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، الاثنين 24 أكتوبر 2022، قال شارما إن تداعيات نمو الصين بمعدل 2.5% لم تُستوعَب بالكامل في أي مكان، بما في ذلك بكين. وذكر شارما أنه بافتراض أن نمو أمريكا 1.5%، بمعدلات تضخم مماثلة وسعر صرف مستقر، فلن تتجاوز الصين أمريكا كأكبر اقتصاد في العالم حتى 2060.

ولفت الكاتب إلى أن النمو في المدى الطويل يعتمد على المزيد من العمال الذين يستخدمون المزيد من رأس المال، ويستخدمونه بمزيد من الكفاءة (الإنتاجية). ولكن الصين، التي تعاني تقلص عدد السكان وتراجع النمو في الإنتاجية، كانت تنمو عبر ضخ المزيد من رأس المال في الاقتصاد بمعدل غير قابل للاستدامة.

دولة متوسطة الدخل

الصين الآن دولة متوسطة الدخل، ووفق شارما، يبلغ دخل الفرد حاليًّا 12،500 دولار، أي خُمس دخل الفرد في أمريكا. ويوجد اليوم 38 اقتصادًا متقدمًا، وجميعها تجاوزت مستوى الدخل البالغ 12،500 دولار للفرد في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، بصورة تدريجية.

وبحسب الكاتب، 19 دولة منها فقط نمت بمعدل 2.5% أو أسرع على مدار العقد التالي، وفعلت ذلك بدفعة من المزيد من العمال، وفي المتوسط، نما عدد السكان في سن العمل 1.5% سنويًّا. ولكن دولتين فقط، وهما ليتوانيا ولاتفيا، كان لديهما قوى عاملة متقلصة.

حالة فريدة

أشار شارما إلى أن الصين حالة مختلفة، لأنها ستكون أول دولة كبيرة متوسطة الدخل تحافظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 2.5%، رغم تراجع عدد السكان في سن العمل، الذي بدأ في 2015. وفي الصين، يُعد هذا التراجع حادًّا، ويتجه إلى الانكماش بمعدل سنوي يبلغ 0.5% في العقود المقبلة.

وقال شارما إنه في 19 دولة التي حافظت على معدل نمو 2.5%، بعد الوصول إلى مستوى دخل الصين الحالي، بلغ متوسط الديون (التي تشمل الحكومة والمنازل والشركات) 170% من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن لم يصل مستوى الديون في أي منها إلى مستوى الصين.

الديون الصينية

قبل الأزمة المالية في 2008، استقرت ديون الصين عند 150% تقريبًا من الناتج المحلي الإجمالي، وبعدها، بدأت في ضخ الائتمان لتعزيز النمو. وبحلول 2015، ارتفعت الديون إلى 220% من الناتج المحلي الإجمالي. وعادةً، يؤدي الانغماس في الديون إلى تباطؤ حاد.

وبحسب الكاتب، تباطأ اقتصاد الصين في العقد الثاني من الألفية، من 10% إلى 6%. وتجنبت الصين التباطؤ الأشد بفضل ازدهار قطاع التكنولوجيا، وعبر إصدار المزيد من الديون. ووصل إجمالي الدين إلى 275% من الناتج المحلي الإجمالي، وموّل معظمه الاستثمارات في فقاعة العقارات.

نمو الإنتاجية

هبط نمو الإنتاجية بمقدار النصف إلى 0.7% العقد الماضي، وانهارت كفاءة رأس المال. والآن، يتعين على الصين استثمار 8 دولارات لتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بقيمة 1 دولار، وهو ضعف المستوى الذي كان عليه قبل عقد، والأسوأ في أي اقتصاد كبير.

والحفاظ على نمو الإنتاجية الأساسية 0.7% بالكاد يعوض تراجع عدد السكان. ومن أجل الوصول إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 5%، ستحتاج الصين إلى معدلات نمو رأس مال قريبة من تلك التي كانت موجودة في العقد الثاني من الألفية. ولكن معظم ذلك المال ذهب إلى بنية تحتية مادية، مثل الطرق والكباري والإسكان.

فشل التوقعات

وفق شارما، يوجد إجماع على أن الصين قادرة على تحقيق أي هدف تحدده الحكومة، ومن المرجح أن ينخفض النمو إلى أقل من 3%. وفي 2010، اعتقد الكثير من المتنبئين البارزين أن اقتصاد الصين سيتجاوز الاقتصاد الأمريكي في القيمة الاسمية بحلول 2020.

وبحلول 2014، ادعى بعض خبراء الاقتصاد أن الصين كانت أكبر اقتصاد في العالم من حيث تعادل القوة الشرائية. وادعى هؤلاء المنظّرون أن اليوان كان مقدرًا بأقل من قيمته الحقيقية، ومن المحتم أن يرتفع مقابل الدولار، ما يكشف هيمنة الاقتصاد الصيني. ولكن بدلًا من هذا، انخفضت قيمة عملة الصين ولا يزال اقتصادها أصغر بمقدار الثلث من اقتصاد أمريكا.

توقعات متفائلة

ذكر الكاتب أن معدل 2.5% توقع متفائل، يقلل من المخاطر التي يواجهها النمو، مثل التوترات المتزايدة بين الصين وشركائها التجاريين الرئيسين، وتدخل الحكومة المتزايد في القطاعات الخاصة الأكثر إنتاجية، مثل التكنولوجيا، والمخاوف المتصاعدة بشأن عبء الديون.

واختتم شارما مقاله بأن معدل نمو 2.5% له تداعيات كبرى على طموحات الصين، في أن تصبح قوة عظمى اقتصادية، ودبلوماسية وعسكرية، لا سيما في ظل الأجواء الاقتصادية المتردية على مستوى العالم.

ربما يعجبك أيضا