«فورين أفيرز»: الصين على حافة الهاوية.. وهكذا يمكن إدارة سقوطها

أحمد ليثي
الصين

الإعلام الأمريكي يصور بكين على أنها عملاق، لكنها تتأرجح على حافة الهاوية منذ 10 سنوات.


كان أكتوبر 2022 من أكثر الشهور أهمية في تاريخ الصين الحديث، عندما تخلص الرئيس شي جين بينج من منافسيه القلائل، وأمّن لنفسه ولاية ثالثة كزعيم للحزب الحاكم.

وبعد بضعة أسابيع من نهاية المؤتمر الـ20 للحزب الشيوعي الصيني،اندلعت احتجاجات بأنحاء البلاد، أعلنت الحكومة على إثرها عدة قرارات مهمة، كان أبرزها تخفيف بعض سياسات “صفر كوفيد” الصارمة.

الصين على حافة الهاوية

يرى جوناثان تيبرمان، في مقاله نشرته مجلة “فورين أفيرز” يوم الاثنين 19 ديسمبر 2022، أن الإعلام الأمريكي يصور بكين على أنها عملاق، لكنها تتأرجح على حافة الهاوية بعد 10 سنوات من الإصلاحات التي نفذها شي، ما جعل البلاد هشة وضعيفة، وفاقم مشاكلها الأساسية.

وعلى الرغم من أن عددًا متزايدًا من المحللين الغربيين ألقوا الضوء على هذه الحقيقة، فإن صناع السياسة الأمريكيين، على رأسهم جو بايدن، لا يزالون على إصرارهم بأن التنافس الأمريكي الصيني سيستمر، حتى مع تصاعد الأزمات الداخلية في بكين.

دولة فاشلة

قال تيبرمان إن صين ضعيفة ستكون أكثر خطورة من صين مزدهرة، ليس فقط على الدولة نفسها، ولكن على العالم أيضًا، وقد يكون تعامل الولايات المتحدة مع دولة فاشلة أكثر صعوبة من التعامل مع أخرى مزدهرة.

وأضاف، في مقاله، أن وضع سياسة أمريكية جديدة لإدارة سقوط الصين لن يكون أمرًا سهلاً، وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت الإدارة الأمريكية بدأت العمل على وضع خطة للتعامل مع هذا الموقف، لكن الكاتب رأى  أن ما زال بالإمكان التحرك عبر إجراء عدد من التغييرات السهلة.

من دولة أوتوقراطية إلى منفتحة

حتى أواخر السبعينات، كانت الصين دولة أوتوقراطية استبدادية، حسب الكاتب الأمريكي، لكن في عهد دينج شياو بينج، فتحت بكين أسواقها تدريجيًا، ووزعت مهام السلطة التنفيذية، وفرضت ضوابط داخلية، وعززت النقاش الداخلي، واستخدمت البيانات لاتخاذ القرارات، واتبعت سياسة خارجية غير مهددة.

ونوه الكاتب بأن هذه الإصلاحات جنّبت البلاد مصيرًا عانت منه الكثير من الأنظمة القمعية، مثل المجاعات وعدم الاستقرار، الذي عانت منه الصين خلال فترة حكم ماو، لكن في عهد دنج وزيمين، ازدهرت ونما اقتصادها بمعدل 10% سنويًّا بين عاميّ 1978 و2014، ما أدى لانتشال 800 مليون صيني من براثن الفقر.

تفكيك الإصلاحات

قالت المقال إنه منذ توليه السلطة عام 2012، سعى شي جين بينج بمنهجية لتفكيك الإصلاحات التي نفذها أسلافه، لكن لسوء الحظ، كانت الإصلاحات التي استهدف تفكيكها، هي نفسها التي جعلت من الصين أمة عظيمة.

وعلى مدار  10 سنوات، عزز شي سلطاته وألغى الحوافز البيروقراطية، وفرض قوانين أمنية صارمة جديدة، ونظام مراقبة عالي التقنية، وقمع المعارضة. وعزل بلاده عن التأثيرات الأجنبية، وحول إقليم شينجيانج الغربي إلى معسكر اعتقال ضخم للإيغور المسلمين، وشن حربًا، العام الماضي، على المليارديرات الصينيين، وزاد من قوة الشركات المملوكة للدولة.

انهيار الاقتصاد

وفق المقال، انهار الاقتصاد الصيني مع تطبيق الحكومة سياسة “صفر كوفيد”، التي وضعت أكثر من 313 مليون شخص تحت رحمة الإغلاق الاقتصادي، وولت أيام نمو إجمالي الناتج السنوي بـ10%، وتتوقع الحكومة أن يبلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي 5.5% هذا العام.

وأشار إلى أن قيمة اليوان وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 14 عامًا، وتراجعت مبيعات التجزئة وأرباح الشركات والإنتاج الصناعي والاستثمار العقاري. وفي الوقت نفسه، ارتفعت معدلات البطالة بقدر ملفت، لتبلغ 20% بين الشباب خلال الصيف الماضي.

تراجع الحلم الصيني

رجح جوناثان تيبرمان أن يستمر الغضب الشعبي، مع تفاقم الوضع وتراجع الحلم الصيني.، مشيرًا إلى أن محللين سياسيين يتوقعون ثورة في الصين بسبب تفوق آلية القمع الفعّالة للغاية، خصوصًا أن المعارضة تظهر من بين الطبقة الحاكمة نفسها.

وحذر الأستاذ السابق في المدرسة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، كاي شيا، من أن المنافسين الذي أطاح بهم شي قد يتحولون إلى أعداء له على المدى الطويل، فعمليات التطهير التي نفذها أذلت ما يصل إلى 5 ملايين مسؤول.

مشكلات خارجية

أشار التقرير إلى أن شي سيواجه مشكلات خارجية على كل الجبهات، لأنه سعى إلى مواجهة الولايات المتحدة، بدلاً من المهادنة التي كان يتبعها سلفه، ما يعني أنه قد يسرّع الاستيلاء على الأراضي في بحر الصين الجنوبي والشرقي وتهديد تايوان.

وتراجعت مكانة بكين في جميع أنحاء العالم بعد دعمها موسكو في الحرب الروسية الأوكرانية، وتقديم القروض الربوية للدول التي تقع ضمن مبادرة “الحزام والطريق”، في حين لجأت الدول الواقعة على أطراف الصين إلى تطوير جيوشها، وتوقيع اتفاقيات جديدة، مثل الحوار الأمني الرباعي، الذي يربط أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة.

ربما يعجبك أيضا