في حالة فوز ترامب.. هل تتخلى أمريكا عن دور «شرطي العالم»؟

عودة ترامب تزيد المخاوف بشأن تقليص الالتزامات العسكرية الأمريكية بالخارج

آية سيد
في حالة فوز ترامب.. هل تتخلى أمريكا عن دور «شرطي العالم»؟

إذا قلّصت أمريكا التزاماتها العسكرية حول العالم، ستحاول الصين، وروسيا، وإيران الاستفادة من فراغ السلطة الناتج.


تثير احتمالية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، تساؤلات بشأن مستقبل القيادة العالمية الأمريكية.

وفي هذا السياق، حذر الكاتب البريطاني، جدعون راشمان، من أن عودة ترامب تزيد المخاوف بشأن تقليص الالتزامات العسكرية الأمريكية في آسيا، وأوروبا، والشرق الأوسط، إذ تواجه الولايات المتحدة تحديات متزامنة من الصين وروسيا وإيران.

فكرة قديمة

في مقال نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أمس الاثنين 13 نوفمبر 2023، أشار راشمان إلى أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يتبنى رؤية عالمية قديمة تعود إلى نهاية الحرب العالمية الثانية، ألا وهي أن بلاده والعالم الأوسع، سيصبحون أكثر أمنًا إذا لعبت الولايات المتحدة دور شرطي العالم.

في حالة فوز ترامب.. هل تتخلى أمريكا عن دور «شرطي العالم»؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن

ومن هاري ترومان إلى باراك أوباما، بنى كل رئيس أمريكي سياسته الخارجية على شبكة من التحالفات العالمية، تحديدًا حلف شمال الأطلسي (الناتو) والمعاهدة الأمنية بين الولايات المتحدة واليابان. لكن دونالد ترامب، عندما أصبح رئيسًا، خالف هذا التوافق، وعامل حلفاء مهمين، مثل ألمانيا واليابان، كمستغلين جاحدين.

وعندما أصبح بايدن رئيسًا، عاد إلى النهج الأمريكي التقليدي القائم على التحالفات. لكن، وفق راشمان، قد يصبح بايدن آخر رئيس أمريكي يتبنى فكرة أن تلعب أمريكا دور “المهيمن الليبرالي”، وهو المصطلح الأكاديمي لـ”شرطي العالم”.

عودة ترامب

في ولايته الأولى، غازل ترامب فكرة انسحاب الولايات المتحدة من الناتو. وفي ولايته الثانية، قد يمضي قدمًا في تنفيذها.

وحسب الكاتب البريطاني، إذا اتبع ترامب نسخته الأكثر تطرفًا من أيديولوجية “أمريكا أولًا”، قد تنفصل إدارة ترامب الثانية تمامًا عن فكرة أنه من مصلحة أمريكا أن تدعم الترتيبات الأمنية في أكثر 3 مناطق استراتيجية في العالم، وهي أوروبا، وشمال شرق آسيا، والخليج العربي.

تهديد ثلاثي

تواجه الولايات المتحدة منافسًا نشطًا في كل واحدة من هذه المناطق، روسيا في أوروبا، والصين في آسيا، وإيران في الشرق الأوسط. وروسيا غزت أوكرانيا، والصين شيّدت قواعد عسكرية في أنحاء بحر الصين الجنوبي وتهدد تايوان، وإيران تستخدم وكلاء، مثل حزب الله وحماس والحوثيين، لتحدي أصدقاء أمريكا في المنطقة.

ووفق راشمان، إذا قلّصت أمريكا التزاماتها العسكرية حول العالم، ستحاول الصين، وروسيا، وإيران الاستفادة من فراغ السلطة الناتج. وفي الوقت نفسه، تعمل الدول الـ3 معًا من كثب، وتروج بحماس لفكرة “العالم متعدد الأقطاب“، وهو مصطلح يرمز إلى نهاية الهيمنة الأمريكية.

موقف الأمريكيين

في الولايات المتحدة نفسها، يتآكل توافق الحزبين بشأن القيادة العالمية النشطة. وفي 2016، العام الذي انتُخب فيه ترامب، أظهر استطلاع للرأي أن 57% من الأمريكيين يوافقون على أن الولايات المتحدة يجب أن “تتعامل مع مشكلاتها الخاصة وتترك الآخرين يتعاملون مع مشكلاتهم”.

دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

وأشار راشمان إلى أن ترامب بدأ عملية الانسحاب من أفغانستان وأكملها بايدن. لكن بايدن سعى بعدها لإعادة تأكيد القيادة العالمية الأمريكية، من خلال دعم أوكرانيا وتايوان، وفي رده على حرب إسرائيل وحماس في غزة.

وعلى النقيض، انقلب ترامب وشخصيات جمهورية بارزة أخرى، مثل رون دي سانتيس، على إرسال المساعدات لأوكرانيا، في حين يظل الجمهوريون راسخين في دعمهم لإسرائيل. لكن يسار الحزب الديمقراطي يزداد عداءً لدعم إسرائيل.

قيود عملية

لفت راشمان إلى وجود قيود عملية أيضًا. فمع تصاعد التوترات الأمنية حول العالم، تجد الولايات المتحدة صعوبة متزايدة في لعب دور الشرطي في 3 مناطق رئيسة في نفس الوقت.

وحسب الكاتب البريطاني، قد تكون أحد الأسباب التي جعلت إدارة بايدن بخيلة نسبيًا في إمداد أوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى هي أن البنتاجون ربما أراد الاحتفاظ ببعض مخزونه، في حالة الاحتياج إليه في تايوان.

وكذلك فإن زيادة الإنفاق الدفاعي ليست سهلة، في وقت تعاني الولايات المتحدة من عجز في الميزانية بنسبة 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي ويقف الدين الوطني عند 123% من الناتج المحلي الإجمالي.

نقل المسؤولية

ترى إحدى المدارس الفكرية في الأوساط الأكاديمية الأمريكية أنه من أجل الحفاظ على توازن القوة في أوروبا، والشرق الأوسط وآسيا، ينبغي أن “تنقل واشنطن المسؤولية إلى القوى الإقليمية”.

لكن، وفق راشمان، الصعوبة هنا تكمن في أن القوى الإقليمية التي ستنقل إليها أمريكا المسؤولية غير مجهزة لكبح الطموحات الإقليمية لروسيا، والصين، وإيران بمفردها.

وختامًا، قال الكاتب البريطاني إنه رغم أن الولايات المتحدة ستكون آخر من يشعر بعواقب الانسحاب الأمريكي من العالم، ستصبح أمريكا في النهاية مهددة بصعود قوى غير ديمقراطية وتوسعية في أوروبا، أو آسيا، أو الشرق الأوسط.

ربما يعجبك أيضا