في عيدها الوطني.. كيف أصبحت الإمارات «واحة للسلام العالمي»؟

محمد النحاس

تتخذ الإمارات جملة من الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية، لتحقيق التوازن بين القوى العالمية، فضلًا عن أن هذه المقاربة المتزنة تقلل في نهاية المطاف، من احتمالية نشوب صراع عالمي.


تتبع دولة الإمارات العربية المتحدة نهجًا متوازنًا في هندسة علاقاتها الخارجية، فعلى مدار السنوات الماضية أسهمت أبوظبي في تعزيز الأمن بالمنطقة.

وعززت السياسة الخارجية للإمارات هذا النهج المتوازن من خلال الشراكات الدولية الفعالة، لتكون “واحة السلام العالمي”، فكيف رسمت أبوظبي سياسة دولية تراعي بعدها الإقليمي وتسهم في تعزيز السلام العالمي؟

السياسة الخارجية وتعزيز النمو

أقرت الإمارات العام الماضي، وثيقة “مبادئ الخمسين“، التي ترتكز على 10 أسس، تمثل نهج الدولة على مدار 50 عامًا المقبلة، وأبرز تلك المبادئ هو ترسيخ الاتحاد عن طريق التطوير المستمر، والعمل على خدمة الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانته عالميًّا، وعدّ التنمية الاقتصادية هي المصلحة الوطنية الأعلى.

وتؤسس المبادئ أيضًا لتوظيف السياسة الخارجية لخدمة مصلحة الوطن العليا، والاستثمار في التعليم وتطوير المهارات بما يضمن تفوق الدولة. وتمثل السياسة الدولية للإمارات رافدًا من روافد تحقيق الاستقرار الداخلي والسلام العالمي.

وترى السياسة الإماراتية أن “حسن الجوار أساس أمن وسلامة الدولة”، لذلك تسعى لتعزيز علاقتها مع المحيط الجغرافي والثقافي وتطوير العلاقات مع جيرانها على المستويين الشعبي والسياسي، بما يعزز مكانتها الاقتصادية.

الأخوة الإنسانية

يسعى الاتحاد، وفق الوثيقة، لتحقيق السلام العالمي، ذلك أنه يرى التسامح والانفتاح من القيم الأساسية والمرتكزات الأصيلة للمنظومة الأخلاقية للدولة، والعمل على تعزيز “الأخوة الإنسانية” من خلال تقديم المساعدات الإنسانية للدول المحتاجة، وبناء مؤسسات عابرة للقارات، تُسهم في ترسيخ هذه القيم.

ويشدد الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة، في تغريدة على تويتر، على أن “المبادئ العشرة لدولة الإمارات، خلال الخمسين عامًا المقبلة، تمثل مرجعًا لجميع مؤسساتها لتعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهارًا، لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم”.

سياسة متزنة

مؤكدًا ذلك، قال الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، سمير رمزي، إن دولة الإمارات تتبع سياسة خارجية متزنة بين القوى الدولية، فرغم أن أبوظبي تمثل حليفًا استراتيجيًّا لواشنطن، فإنها تتمتع بعلاقات طيبة ومتينة مع الصين وروسيا أيضًا، بما يحقق توازنًا فعالًا للدولة الخليجية بين القوى الدولية المختلفة.

ولفت رمزي، في حديث مع “شبكة رؤية الإخبارية” إلى أن الدولة الخليجية، تتخذ جملة من الأداوت الدبلوماسية والسياسات والاقتصادية، لتحقيق التوازن بين القوى العالمية، وهذه المقاربة المتزنة تقلل، في نهاية المطاف، من احتمالية نشوب صراع عالمي، وفي هذا السياق زار الشيخ محمد بن زايد روسيا، الشهر الماضي.

ترسيخ السلام العالمي

يسهم الاتحاد في تعزيز الأمن والسلام العالمي، فيشارك في المبادرات الدولية لخدمة هذه الأهداف، وكان أحدثها الدورة التاسعة لمنتدى الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، الذي أقيم على مدار يومين تحت شعار “نحو تحالف من أجل السلام لنتعايش جميعًا كإنسانية واحدة” بالمغرب.

واعتمدت الأمم المتحدة مبادرة قدمتها الإمارات بشأن الاحتفال بـ”يوم عالمي للأخوة الإنسانية” في 4 فبراير، الذي صادف الذكرى الثانية لتوقيع اتفاقية وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك بأبوظبي، فضلًا عن إرساء أسس الحوار بين الأديان وبناء دور عبادة للأديان السماوية في مجمع مشترك.

وبحسب خبير العلاقات الدولية، سمير رمزي، عملت الدولة الخليجية على تعزيز السلام العالمي، من خلال مقاربة سياسية وأخرى اقتصادية، فالإمارات أحد أبرز الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية للدول الفقيرة والنامية، ولا ينفك هذا الإطار عن هدف “تعزيز السلام العالمي”، علاوةً على دور الدبلوماسية الإماراتية في هذا الصدد.

طاقات نظيفة

وتتبنى دولة الإمارات العربية المتحدة “المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي 2050″، وهي مباردة تتفق مع أهداف اتفاق باريس للمناخ، وتتولى وزارة التغير المناخي والبيئة، جهود إحلال الطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات الدفيئة والتحول الأخضر مع الحفاظ على مستويات عالية من النمو الاقتصادي.

ويشير رمزي إلى سعى الإمارات لإحلال الطاقة النظيفة، والاستبدال بالوقود الأحفوري مصادر طاقة صديقة للبيئة، مثل الطاقة الشمسية، وغاز الهيدروجين، وذلك بغرض مكافحة التغير المناخي والحفاظ على البيئة، علاوةً على التعاون بين اليابان والإمارات لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وفي عام 2009 استضافت الإمارات، المقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وانضمت إلى اتفاقية باريس للمناخ 2015، ونظمت مؤتمر أبوظبي للمناخ 2019، ورعت حوار أبوظبي للمناخ 2021، ومن المقرر استضافة cop28، العام المقبل، كما ذكر رمزي في حواره مع شبكة رؤية الإخبارية.

التكنولجيا والذكاء الاصطناعي

عملت الإمارات على الاستثمار في مجالي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، من خلال جملة من المؤسسات المتخصصة والمبادرات التي تعزز هذا الاتجاه، بما يجذب الشركات العالمية، ويوطن التكنولجيا الحديثة في بنيان الدولة، فقد تبنت أبوظبي “استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي”.

ويعمل مركز دبي المالي العالمي ومكتب الذكاء الاصطناعي، على إقرار مجموعة من القوانين والسياسات المؤسسية، ما يجعل من الإمارات المركز الإقليمي التقني الأبرز في المنطقة. وتعد الإمارات أولى دول المنطقة التي تتبع هذا النهج.

ويعمل الأداء الحكومي على تحسين مناخ الاستثمار، وجذب كبرى الشركات العالمية، وتوطين التكنولجيا الحديثة، لافتًا إلى أن هذه المقاربة تنم عن نظرة ثاقبة لدى صناع القرار،بالإضافة إلى أن الإمارات كانت الدولة الأولى بالمنطقة التي تُنشئ وزارة خاصة بالذكاء الاصطناعي.

الاتجاه شرقًا

تعمل الإمارات على تنويع الشراكات العالمية والإقليمية، بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية، ويُعزز الأمن والسلام العالميين والاستقرار بالمنطقة، في إطار “استراتيجية الخمسين” وفي هذا السياق وقّعت الإمارات مع الهند مجموعة من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة.

وتشمل الاتفاقيات التعاون التقني بين الجانبين، ولا تغفل الشراكات الثقافية بين الدولتين الآسيويتين. وتسعى الدولة الخليجية كذلك إلى تعزيز دورها الجيوسياسي بالمنطقة، وذلك عن طريق التحالف الرباعي “I2U2” والذي يشمل الولايات المتحدة والهند، وإسرائيل.

ويسهم التحالف الرباعي في ربط نيودلهي بالشرق الأوسط وتعزيز سلاسل الإمداد الغذائية والتعاون في مجالات التكنولوجيا، وفق تقرير لمعهد الشرق الأوسط ، ووقعت الإمارات هذا العام أيضًا مع اليابان اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، لتعزيز العلاقات الثنائية على المستويات كافة.

ربما يعجبك أيضا