في يوم النصر.. بوتين «الغاضب» يعود إلى الماضي فهل يكذّبه الحاضر؟

في وقت تحتدم فيه المعارك بين روسيا وأوكرانيا، احتفت موسكو، أمس 9 مايو 2023، بيوم النصر بمناسبة هزيمة النازية.

وكما أسهم الاتحاد السوفيتي في هزيمة “النازية” بزعامة هتلر في الماضي، يشدد الكرملين اليوم على عزمه دحر ما يسميه “النازية في أوكرانيا”، وعادةً ما تصف موسكو القوميين الأوكرانيين بهذا الوصف، متهمةً إياهم بمعاداة روسيا تاريخيًّا وثقافيًّا.

بوتين بين الماضي والحاضر

إن الحضارة الإنسانية اليوم تمر بـ”لحظة تحوّل”، هذا ما شدد عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الثلاثاء، خلال احتفال مهيب بالذكرى الـ78 للانتصار على ألمانيا النازية، وشهد الاحتفال الذي جرى في الساحة الحمراء بموسكو الآلاف من الجنود الروس، وعربات مدرعة وآليات عسكرية، وأعلام روسيا والاتحاد السوفيتي مرفوعة على الأكتاف.

استعراض مهيب بالجنود والأسلحة الفتاكة.. ما قصة احتفال "يوم النصر" الذي يقام سنوياً في #روسيا منذ 78 عاماً؟#العربية pic.twitter.com/BXUyxobQ4Y

— العربية (@AlArabiya) May 9, 2023

وألقى الرئيس الروسي خطابًا قصيرًا ومكثفًا ربط فيه الماضي بالحاضر والتاريخ بالواقع، معتبرًا أن روسيا -وقديماً الاتحاد السوفيتي- في مواجهة مع ذات العدو، خاصةً أنه استعار لغة الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفيتي.

قوات روسية

وعقب خطاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اجتاز الآلاف من الجنود الساحة الحمراء الشهيرة، ملوحين بالأعلام الروسية والسوفيتية، في حين تعزف الموسيقى الوطنية، وقد تخلل الحفل عرضًا عسركيًّا، وإلقاءً للأغاني الوطنية.

استعراض عسكري

شارك في العرض أكثر من عشرة آلاف فرد و125 قطعة من المعدات العسكرية، وشهدت الساحة الحمراء مرور مدرعات من طرازي “تيغر” و”تايفون-أو”، منظومات صواريخ “إس-400” للدفاع الجوي، وناقلات جنود مدرعة “بي تي إر -82 آ”، وصواريخ عملياتية تكتيكية “أسكندر-إم”.

وهذا بالإضافة إلى منظومات صواريخ أرضية متنقلة “يارس”، وكذلك ناقلات جند مدرعة جديدة من طراز “بوميرانج” وفقًا لـ موقع “روسيا اليوم”.

أعلام روسيا والاتحاد السوفيتي

دبابات روسية تشارك في الاحتفال

حديث عن النخب «المعولمة»

متحدثًا عن هذا “العدو” قال الرئيس الروسي: “نرى أي أيديولوجية فوقية بطبيعتها مثيرة للاشمئزاز وإجرامية وفتاكة”، مشددًا على أن ما سماها “النخب العولمية الغربية تؤكد كالسابق استثنائيتها”.

آليات روسية في ذكرى يوم “النصر”

وأضاف بوتين “وتحرض هذه النخب الناسَ، بعضهم ضد بعض، وتفتت المجتمع وتثير الصراعات الدامية والانقلابات” وتزرع الكراهية والرهاب الروسي والقومية العنيفة، وتدمر القيم الأسرية والتقليدية التي تجعل من الإنسان إنسانًا.

الحرب في أوكرانيا

تحدث بوتين عن الحرب في أوكرانيا، مخاطبًا الجيش الروسي، وقال إن مستقبل روسيا يقع على عاتق أبنائها، متابعًا: “نخوض اليوم معارك حاسمة بالنسبة لمصير وطننا الأم، قد وسمت دائمًا بالوطنية والشعبية والقدسية”.

مثّل الحضور القوي للآليات العسكرية رسالة “للقوى المعادية”

وأضاف أن كل ذلك كي تستمر في فرض وإملاء إرادتها على الشعوب وكذلك حقوقها وقواعدها، التي بماهيتها، منظومة للنهب والعنف والقمع. وشهد الاحتفال الذي أُجري وسط العاصمة الروسية، موسكو إجراءات أمنية مشددة.

اقرأ أيضًا: روسيا تواجه «إشكالية» في مناطق تسيطر عليها بأوكرانيا

ما سر خصوصية الذكرى هذا العام؟

تكمن الأهمية الرمزية لذكرى يوم النصر أنه يأتي في وقت خسرت فيه روسيا الآلاف من أبنائها، وفقًا لوكالة أنباء رويترز، وهو الأمر الذي قد يقود إلى اضطرابات اجتماعية خطيرة، خاصةً أن التاريخ الروسي حافل بسوابق شهدت الإطاحة بالزعيم الروسي إثر الهزائم العسكرية.

موسكو اليوم

وخلال حقبة الإمبراطورية الروسية، والاتحاد السوفيتي، جرت الإطاحة بزعماء روس، إثر هزائم ونكثات عسكرية، ويخشى بوتين أن يتكرر هذا خلال عهد الاتحاد الروسي في ظل جريان سيرورة المعارك على نحوٍ لا يرضي رجل الكرملين.

محبط وغاضب ويائس

حديث بوتين وصفه الإعلام الغربي بـ”المحبط واليائس والغاضب”، وذلك بسبب تعرّض روسيا لسلسلة من الهجمات العسكرية بطائرات دون طيار، ولكنّ الضربة الأبرز كانت الأسبوع الماضي، حيث وصلت مسيرتين إلى مبنى الكرملين الواقع وسط موسكو، في حين قالت روسيا إنه محاولة لاغتيال بوتين.

اقرأ أيضًا: فيديو يظهر هجومًا على الكرملين.. هل أصيب بوتين؟

بوتين

وعلاوةً على ذلك، تعثرت ما تسميها روسيا “العملية العسكرية الخاصة”، فالتقدم شديد البطء “والقتال يجري على كل متر”، وفقًا للجيش الأوكراني، كما أن الأيام القليلة الماضية شهدت تصريحات متتالية لقائد مجموعة فاجنر شبه العسكرية الخاصة، تضمنت تهديدًا بالانسحاب من باخموت بسبب نقص الذخيرة العسكرية.

اقرأ أيضًا: أوكرانيا: روسيا تخطط للاستيلاء على باخموت في هذا الموعدهمية خاصة

احتفال بطابع خاص

وفقًا لـ”بي بي سي”، يكتسب الاحتفال هذا العام أهمية خاصة للجيش الروسي، حيث إنه قد يستغل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المناسبة للإعلان عن تحقيق مكاسب كبيرة في الحرب في أوكرانيا.

ويعود يوم النصر إلى ذكرى هزيمة تحالف عريض أوروبي – أطلسي – سوفيتي لألمانيا النازية عام 1954، حيثُ وقعت برلين بعد سقوطها في يد الحلفاء اتفاق استسلام غير مشروط قاد إلى نهاية أكبر نزاع مسلح عرفه العالم في أوروبا، قبل أن تستسلم اليابان كذلك.