في 2017.. تونس حبيسة أكبر انتكاسة اقتصادية بتاريخها

حسام عيد – محلل اقتصادي

لم تستطع تونس التعافي من أزمتها في 2017، فلا تزال ترضح تحت ضغوط كبيرة، من بينها، تباطؤ النمو، واعتمادها بشكل شبه أساسي على الديون الخارجية في تمويل ميزانية الدولة وتوفير النفقات العامة.

تباطؤ النمو

اقتصر نمو اقتصاد تونس على نحو 1% خلال 2016، لكن صندوق النقد الدولي توقع في آخر تقارير “الرؤية الاقتصادية العالمية”، الصادر في أكتوبر الماضي أن يصعد النمو خلال 2017 إلى 2.3%.

وبحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء، بلغ نمو اقتصاد البلاد 1.9% خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2017.

وتستهدف تونس نمو الناتج المحلي الإجمالي 3% العام المقبل، مع كبح عجز الموازنة إلى 4.9% بعد أن بلغ 6% خلال العام الجاري.

ويمثل الدعم نحو 16% من إجمالي المصروفات التونسية، بينما تستحوذ الأجور على النسبة الأكبر بـ 66.6%، وخدمة الدين العمومي على 36%.

تفاقم البطالة

بحسب الإحصائيات الرسمية التي نشرها المعهد الوطني الرسمي للإحصاء، فإن نسبة البطالة في تونس بلغت 15.3% خلال الربع الثالث من العام الحالي، وهي النسبة ذاتها في الربع الثاني.

وزاد عدد العاطلين في صفوف حاملي الشهادات العليا من ربع مليون عاطل إلى 270 ألفاً، ما يشكل ضغطاً مضاعفاً أمام الحكومة لزيادة الاستثمار وخلق فرص عمل.

الاستثمارات الأجنبية دون المأمول

ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المتدفِّقة إلى تونس خلال عشرة أشهر من العام الحالي بنحو 11.7%، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، لتصل إلى 1.7 مليار دينار تونسي (نحو 722 مليون دولار أميركي).

ومثلت الاستثمارات المباشرة أغلبية الاستثمار الأجنبي المتدفق في هذه الفترة، بقيمة 1.6 مليار دينار، بينما توجهت النسبة الباقية إلى الاستثمار في الأوراق المالية.

لكن مستوى الاستثمارات الأجنبية ما زال دون المأمول، وذلك بسبب مخاطر الاستثمار في المناطق الفقيرة في البلاد، بجانب عدم التعافي الكامل للاقتصاد الغربي من موجة التباطؤ التي بدأت مع الأزمة العالمية، خصوصاً أن تونس تعتمد في مجال الاستثمار الخارجي بشكل رئيسي على الاستثمارات الأوروبية.

ارتفاع العجز التجاري

كشفت إحصائيات صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء في ديسمبر تفاقم عجز الميزان التجاري ليبلغ 14.4 مليار دينار (5.76 مليار دولار) خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2017 مقابل 11.6 مليار دينار (4.64 مليار دولار) خلال نفس الفترة من سنة 2016.

وفسر المعهد تفاقم العجز، بالتطور الهام للواردات رغم الزيادة المعتبرة للصادرات، فقد سجلت الواردات ارتفاعا بنسبة 19.2% مقابل زيادة بنسبة 17.3% للصادرات.

أعلى نسبة تضخم منذ 2014

سجلت نسبة التضخم في تونس أعلى مستوى لها منذ بداية السنة الحالية، وقدرت بما لا يقل عن 6.3%، وهي النسبة الأعلى المسجلة منذ سنة 2014.

ويقف تعطل معظم محركات الاقتصاد التونسي على غرار الإنتاج وخلق الثروة زيادة نسق التصدير وجلب الاستثمارات الخارجية، وراء تدهور المقدرة الشرائية للتونسيين والزيادة المسجلة على مستوى معظم أسعار المواد الاستهلاكية.

تآكل احتياطي النقد الأجنبي

تهاوى احتياطي النقد الأجنبي إلى حدود 12.5 مليار دينار (5 مليارات دولار)، ليقترب من دائرة الخطر، إذ لا بد من توفير كتلة نقدية أجنبية تُغطي نحو 90 يومًا من التوريد لتمويل احتياجات الاقتصاد المتهالك بفعل الاضطرابات التي تشهدها البلاد منذ انتفاضة يناير 2011.

وتراجع سعر صرف الدينار التونسي في الأشهر الأخيرة إلى مستويات قياسية هي الأدنى منذ سنوات، ليصل إلى 2.51 دينار / دولار واحد، مقارنة مع 1.34 دينار قبيل يناير 2011.

إصلاحات وعرة

كشفت الحكومة التونسية في نهاية نوفمبر الماضي عن حزمة تدابير قاسية ستعمل على تنفيذها العام المقبل لخفض العجز وتقليص الدين الخارجي تدريجيا الذي سجل مستويات غير مسبوقة حيث بلغ 75% من الناتج المحلي الإجمالي.

لكن مع ذلك ستحتاج تونس إلى تمويلات خارجية بقيمة 7.5 مليار دينار (3 مليارات دولار) في 2018 من بينها إصدار سندات.

وتشمل الإصلاحات زيادة في ضريبة القيمة المضافة بنحو واحد بالمئة وزيادة الضرائب على البنوك 5%، وسيتم رفع الضريبة على عدة سلع وخدمات مثل العطور والمكالمات الهاتفية، إضافة إلى فرض ضريبة على الإقامة بالفنادق.

ومن المتوقع أن يصرف صندوق النقد شريحة ثالثة من قرض قيمته الإجمالية 2.8 مليار دولار مطلع 2018 مع تقدم الإصلاحات.

ربما يعجبك أيضا