كابوس إنساني.. لماذا يجب أن تغيّر الولايات المتحدة نهجها تجاه غزة؟

مطالبات بتغيير نهج الحكومة الأمريكية تجاه غزة لإنقاذ الآلاف

آية سيد
كابوس إنساني.. لماذا يجب أن تغير الولايات المتحدة نهجها تجاه غزة؟

لمنع غزة من السقوط الحر الكارثي، يجب على إدارة بايدن اتخاذ إجراءات ملموسة مثلما تفعل في الصراعات الأخرى.


ناشد عدد من رؤساء جماعات الإغاثة، الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتغيير نهجه تجاه قطاع غزة على الفور.

وفي مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أمس الاثنين 11 ديسمبر 2023، قال قادة بعض أكبر المنظمات الإنسانية في العالم، إنهم على مدار مسيرتهم في العمل الإنساني والصراعات التي مرّت عليهم، لم يشهدوا شيئًا مثل حصار غزة.

الضحايا المدنيون

اشترك في كتابة المقال رئيسة منظمة “كير” في أمريكا، ميشيل نان، والرئيسة التنفيذية لـ”ميرسي كوربس”، تجاد دوين ماكينا، والأمين العام لـ”المجلس النرويجي للاجئين”، جان إيجيلاند، ورئيسة “أوكسفام أمريكا”، آبي ماكسمان، ورئيس “اللاجئون الدوليون”، جيرمي كونيندايك، ورئيسة “انقذوا الأطفال” في أمريكا، جانتي سويريبتو.

وأشار المقال إلى أنه في الشهرين اللذين أعقبا هجوم حماس على إسرائيل، استُشهد حوالي 18 ألف فلسطيني في غزة، من ضمنهم أكثر من 7500 طفل، حسب وزارة الصحة في غزة.

وهكذا فإن عدد الأطفال الذين قُتلوا في هذا الصراع أكبر من الذين قُتلوا في كل الصراعات العالمية الكبرى العام الماضي مجتمعةً.

إنفوجراف| إسرائيل تستهدف النساء والأطفال في غزة

إنفوجراف| إسرائيل تستهدف النساء والأطفال في غزة

كابوس إنساني

في حين أن دعوات إطلاق سراح الأسرى المحتجزين لدى حماس مهمة ومبررة، حسب المقال، فإن الحق في الدفاع عن النفس لا يتطلب إطلاق العنان لهذا الكابوس الإنساني على ملايين المدنيين. فهذا ليس طريق يقود نحو المساءلة، أو التعافي، أو السلام.

ولفت المقال إلى أن قادة المنظمات الإنسانية لم يشهدوا في أي حرب خلال القرن الحالي حصار المدنيين بهذه الطريقة، دون أي سبيل أو خيار للهرب لإنقاذ أنفسهم وأطفالهم.

عجز منظمات الإغاثة

ورغم أن معظم منظماتهم تعمل في غزة منذ عقود، أوضح رؤساء منظمات الإغاثة في مقالهم أنهم لن يستطيعوا فعل أي شيء كافي لمعالجة مستوى المعاناة هناك، من دون الوقف الفوري والتام لإطلاق النار وإنهاء الحصار.

وأشاروا إلى أن القصف الجوي جعل مهمتهم مستحيلة، ومنع المياه، والوقود، والغذاء، والسلع الأساسية الأخرى خلق حاجة على نطاق واسع لا يمكن للمساعدات وحدها تعويضه.

ولذلك، يجب على قادة العالم، والحكومة الأمريكية بنحو خاص، فهم أن منظمات الإغاثة لا تستطيع إنقاذ الأرواح في ظل هذه الظروف.

تغيير النهج

لفت المقال إلى ضرورة تغيير الحكومة الأمريكية لنهجها من أجل انتشال غزة من الهاوية. وكبداية، يجب على إدارة بايدن أن تتوقف عن تدخلها الدبلوماسي في الأمم المتحدة ومنع الدعوات لوقف إطلاق النار.

ومنذ انتهاء الهدنة، ازداد القصف الإسرائيلي وحشيةً، وتضاءلت المساحات التي لم يطالها القصف. ونزح أكثر من 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون، والهجوم الإسرائيلي الجديد يُجبرهم على التكتل في مساحة صغيرة من الأرض.

مخاطر الحصار

إضافة إلى القصف، أدى حصار غزة إلى شح المواد الغذائية الأساسية، ومنع الإمدادات الطبية والكهرباء، ونقص المياه النظيفة، ما يعرقل عمل الأطباء ويزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية والمنقولة عن طريق المياه في الظروف المعيشية المزدحمة بشدة للنازحين.

وقبل الحرب، كانت الحياة اليومية لسكان غزة تحتاج إلى مئات شاحنات المساعدات يوميًا، لكن في الشهرين الأخيرين منذ بدء الحرب، دخل عدد هزيل من المساعدات المطلوبة.

الذخائر غير المنفجرة.. تهديد خطير قد يجعل غزة غير صالحة للسكن

آثار الدمار في غزة جراء العدوان الإسرائيلي

وحتى إذا سُمح للمزيد بالدخول، قال رؤساء منظمات الإغاثة إن عملهم في غزة يعتمد على ضمان أن تتحرك فرقهم بأمان حتى تتمكن من بناء المستودعات، والملاجئ، والعيادات الطبية، والمدارس، والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي. لكن اليوم، لم تعد طواقم الإغاثة آمنة.

حياة الآلاف على المحك

في ظل الحديث الدائر في واشنطن عن اليوم التالي للحرب، لفت المقال إلى أنه إذا استمر القصف العنيف والحصار، فلن يأتي هذا اليوم في غزة، محذرًا من أن حياة مئات الآلاف على المحك.

وحتى الآن، لم تحقق الدبلوماسية الأمريكية الأهداف التي أعلن عنها بايدن، المتمثلة في حماية المدنيين الأبرياء، والالتزام بالقانون الإنساني، وإدخال المزيد من المساعدات، ولمنع غزة من السقوط الحر الكارثي، يجب على إدارة بايدن اتخاذ إجراءات ملموسة مثلما تفعل في الصراعات الأخرى.

الحاجة إلى التحرك الفوري

أشار المقال إلى أنه كما وصف وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، استهداف الكهرباء والمياه والتدفئة في أوكرانيا بأنها ممارسات وحشية في حق الشعب الأوكراني، يجب أن تفعل إدارة بايدن الشيء نفسه مع غزة.

وبينما أعلنوا عن إجراءات لردع العنف ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، يتعين أن يفرض بلينكن وزملاؤه ضغطًا مماثلًا لوقف العنف ضد المدنيين في غزة أيضًا.

وختامًا، لفت المقال إلى أن الأحداث المروعة في غزة تشكل رواية عالمية، وإذا لم تتغير، ستكشف عن إرث من اللامبالاة في وجه المعاناة، والتحيز في تطبيق قوانين الصراع، وإفلات الجهات الفاعلة التي تنتهك القانون الإنساني الدولي من العقاب. ولذلك يجب أن تتحرك الحكومة الأمريكية الآن وتقاتل من أجل الإنسانية.

ربما يعجبك أيضا