كيريباتي توجه ضربة لمنتدى جزر الباسيفيك.. كيف ترد الولايات المتحدة؟

آية سيد
رئيس كيريباتي

ردًا على انسحاب كيريباتي من منتدى جزر الباسيفيك، تقدمت الولايات المتحدة بحوافز للقادة الإقليميين من أجل مواجهة جهود بكين للهيمنة على المنطقة.


في وقت يشهد منافسة جيواستراتيجية شرسة بين الولايات المتحدة والصين في منطقة الهندوباسيفيك، أعلنت دولة كيريباتي انسحابها من منتدى جزر الباسيفيك المنعقد في فيجي.

ورغم اعتقاد البعض أن بكين تقف وراء هذا القرار، فإن وزارة الخارجية الصينية وصفت هذا الادعاء بأنه “لا أساس له من الصحة” في أثناء إفادة صحفية دورية، يوم الاثنين الماضي. وردًا على هذا، تقدمت الولايات المتحدة، أمس الثلاثاء، بحوافز لقادة جزر الباسيفيك.

ماذا تضمنت الحوافز الأمريكية؟

بحسب ما جاء في تحليل للكاتبة هيلاري وايتمان على شبكة سي إن إن، في 13 يوليو 2022، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة “تصعد اهتمامها بجزر الباسيفيك”، وشملت الحوافز المزيد من التمويل لمصائد الأسماك، ومساعدات إضافية، وعروض لإقامة سفارات أمريكية جديدة في دول المنطقة، ومنها كيريباتي، التي يبدو أنها تنضم إلى ركب المتقربين إلى الصين، بجانب جزر سليمان.

ولفتت الكاتبة إلى أن هذه الإجراءات ستطرح شخصيًا على قادة الباسيفيك، اليوم الأربعاء، في خطاب افتراضي لنائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، بهدف التشديد على جهود واشنطن لتأكيد أهمية منطقة الباسيفيك للاستراتيجية الأمريكية.

تأثير انسحاب كيريباتي في الاستراتيجية الأمريكية

ليس من الواضح ما إذا كان قرار كيريباتي بالانسحاب من منتدى جزر الباسيفيك أثر في حجم الالتزام الأمريكي تجاه المنطقة. هذا لأن الولايات المتحدة كانت تعدّ بمزيد من المشاركة في المنطقة لشهور، في حين سعت الصين لإبرام مجموعة من الاتفاقات مع قادة الباسيفيك.

وبحسب وايتمان، قرار كيريباتي بالانسحاب في الوقت الذي تُحكِم علاقاتها مع الصين يوضح عمق التحديات الدبلوماسية في المنطقة، والضغط الذي يتعرض له قادة الباسيفيك. وعلى الرغم من نفي بكين ضلوعها في قرار كيريباتي، ترى الأستاذة المتخصصة في سياسات الصين في الباسيفيك بجامعة كانتربيري، آن ماري برادي، أن نفوذ الصين واضح.

وقالت ماري برادي، بناءً على ملاحظاتها لنشاط الصين في الباسيفيك: “يبدو أن كيريباتي تلقت توجيهات بعدم حضور المنتدى”. وأضافت، “إن توقيت الإعلان يوضح أنه يهدف إلى زعزعة وحدة الباسيفيك، في الوقت الذي كان يوشك على التوصل إلى رد جماعي على محاولة الصين إقامة معاهدة أمنية في المنطقة”.

الأهمية الاستراتيجية لكيريباتي

يحمل موقع كيريباتي أهمية خاصة للصين والولايات المتحدة، وتعتبر الجزر محطة ترانزيت عسكري محتملة، كم كانت في أثناء الحرب العالمية الثانية. وبحسب وايتمان، استخدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها المدرج الوحيد في مطار كانتون الذي يسمى الآن مطار جزيرة كانتون، محطة مهمة للتزود بالوقود للطائرات التي تدخل الباسيفيك وتغادره.

وفي 1979، وقّعت الولايات المتحدة على معاهدة “تاراوا” التي تمنحها حق الاعتراض على استخدام أطراف ثالثة للمنشآت الأمريكية السابقة في كانتون والجزر الأخرى. ولفتت برادلي إلى وجود طرق للتحايل على هذا البند. وأوضحت أن الصين “تبحث عن موقع للمنشآت العسكرية في الباسيفيك”، وكما فعلت في المناطق أخرى كانت طريقتها تعتمد على “الموانئ والمنشآت الجوية ذات الاستخدام المزدوج”.

جهود الصين في كيريباتي

أخبرت وزارة الخارجية الصينية شبكة “سي إن إن”، أمس الثلاثاء، أن الصين “تبحث إمكانية تحديث مطار كانتون مع كيريباتي” بطلب من حكومة كيريباتي لتسهيل السفر داخل الدولة. وأضاف المتحدث باسم الوزارة أن الصين تشارك في “التعاون ذي المنفعة المتبادلة” مع جزر الباسيفيك “بناءً على مفهوم المجتمع الذي يقوم على المصير المشترك، والصدق والنية الحسنة”.

وأوضح المتحدث أن “الصين تقدم المساعدة في حدود إمكانياتها دون أي شروط سياسية”. وقال إن الهدف هو “تنمية الاقتصاد وتحسين الديمقراطية”. ومن ناحية أخرى، قالت المحاضِرة في مركز دراسات الدفاع والأمن بجامعة ماسي بنيوزيلندا، آنا باولز، إن “الصين مهتمة كثيرًا بالوصول إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة لكيريباتي التي تعد الأكبر في العالم، وإلى مصائد الأسماك”.

رد الخارجية الأمريكية

من جانبه، أفاد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لشبكة “سي إن إن” بأن الحكومة الأمريكية ترحب بالمساهمات في التنمية الإقليمية، ما دامت تلتزم “بالمعايير العالية”. وقال إنه “بينما تنامت مشاركة الصين في المنطقة، شهدنا مجموعة من السلوكيات المثيرة للمشكلات”.

وبحسب المتحدث، شملت هذه السلوكيات “تمسك الصين بمطالبها البحرية غير القانونية والعسكرة المستمرة لبحر الصين الجنوبي، والأنشطة الاقتصادية الافتراسية مثل الصيد غير القانوني، وغير المبلغ عنه وغير المنظم، والاستثمارات التي تقوض الحوكمة الجيدة وتشجع الفساد، وانتهاكات حقوق الإنسان”.

لماذا انسحبت كيريباتي من المنتدى؟

أعلن رئيس جمهورية كيريباتي، تانيتي ماماو، 4 أسباب وراء انسحابه من منتدى جزر الباسيفيك، وفق ما أوردت صحيفة الجارديان البريطانية، في 12 يوليو. وترتكز هذه الأسباب على اعتقاده بأن المنتدى لم يعالج مخاوف الدول الميكرونيسية على نحو مناسب، رغم تهديدها بالانسحاب من المنتدى منذ أكثر من عام.

وفي هذا السياق، قالت زعيمة المعارضة في كيريباتي، الدبلوماسية السابقة تيسي لامبورن، إن قرار كيريباتي بالانسحاب من المنتدى كان “خطوة متطرفة مدفوعة بضغط من الصين”، واصفةً أسباب ماماو بأنها مجرد “أعذار”.

وقالت لامبورن إن إدارة ماماو ضعيفة ومدينة بشدة لقوة عظمى تحاول جاهدةً كسب موطئ قدم قوي في المنطقة. ورأت أن عزلة كيريباتي عن عائلة الباسيفيك تصب في مصلحة الصين، في الوقت الذي أصبح التضامن الإقليمي أهم من أي وقت مضى في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.

ربما يعجبك أيضا