كيف تتعامل الحكومة اليمينية الجديدة في إيطاليا مع الاتحاد الأوروبي؟

أحمد ليثي

رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة تدرك أنها غير قادرة على التحرك بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي، لكن محللون يقولون إن تجنب التوترات مع التكتل قرار لن يعود لميلوني فقط.


اكتسبت رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة، جورجيا ميلوني، سمعة سيئة، عندما كانت في المعارضة، بسبب خطاباتها “نازية الطابع”، المناهضة للاتحاد الأوروبي.

وذكرت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، في تقرير نشرته يوم الأحد 23 أكتوبر 2022، أن ميلوني اتهمت الاتحاد الأوروبي بالعمل ضد مصالح إيطاليا، لكنها تواجه تحديًا كبيرًا، اليوم، لموازنة علاقات بلادها مع التكتل.

علاقات ميلوني بالاتحاد الأوروبي

نقلت “فاينانشال تايمز” عن محللين، لم تسمهم، أن علاقة حكومة جورجيا ميلوني ببروكسل، ستكون بمثابة اختبار حاسم لمصداقية اليمين الإيطالي، وصلابة الاتحاد الأوروبي، في وقت تتصارع فيه أوروبا مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والشعور المتنامي بالقلق من مخاطر الركود الاقتصادي.

وقالت مديرة برنامج الاتحاد الأوروبي في معهد الشؤون الدولية في روما، نيكوليتا بيروزي للصحيفة: “إنها (ميلوني) على مفترق طرق، خاصة أنها من داخل اليمين الإيطالي، المتشكك في الاتحاد الأوروبي، مثل حزب فورزا إيطاليا بزعامة سيلفيو برلسكوني، البالغ 86 عامًا.”

اتحاد فدرالي

صرحت ميلوني، في وقت سابق، بأن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون اتحادًا فدراليًا، بحيث تستعيد دول الاتحاد سيادتها على أرضها، ولا تتنازل عن المزيد منها. وفي العام 2020، امتنع حزبها عن التصويت في البرلمان الأوروبي للموافقة على صندوق التعافي، البالغ 750 مليار يورو، وتعد إيطاليا المستفيد الرئيس منه.

وبحسب تقرير “فاينانشال تايمز”، يعتقد المحللون أن تعيينات ميلوني الوزارية الأولية علامة على سعيها لتهدئة المخاوف في بروكسل وعبر عواصم الاتحاد الأوروبي، بشأن الاتجاه الذي يسير فيه ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

ميول شعبوية

قالت بيروزي لـ”فاينانشال تايمز”: “لديها ميول قومية شعبوية يمكن أن تكون عامل جذب، ولكن من المرجح أنها ستتجنب مسار تصادمي مع الاتحاد الأوروبي، مثل رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، بعد تعيين جيانكارلو جيورجيتي وزيرًا لماليتها، الذي خدم في حكومة دراجي كوزير للتنمية الاقتصادية.”

وشن حزب جيورجيتي حملة لخفض ضريبة الدخل إلى 15%، معلنًا أنها ستمول من الدين العام الإضافي، في حين يعد قانون الميزانية المقبل أول اختبار للعلاقة بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي، لأن أي خطوة، من هذا القبيل، ستكون بمثابة انعكاس للانضباط المالي الذي حدده دراجي.

استقرار روما من استقرار بروكسل

أشارت ميلوني إلى عزمها الحفاظ على استقرار إيطاليا، فعينت الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، أنطونيو تاجاني، وزيرًا للخارجية، والعضو السابق في البرلمان منذ عام 2014، رافاييل فيتو، وزيرًا لشؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة الجديدة.

وتعتقد بيروزي أن مثل هذه التعيينات علامة على أن ميلوني تدرك أنها غير قادرة على التحرك بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي، وتريد تقديم استثمارات في صناديق التعافي، وتجنب المواجهة، ولكن محللين يقولون إن تجنب التوترات مع الاتحاد الأوروبي قرار لن يعود لميلوني فقط.

علاقات مشحونة

يقول محللون لم تسمهم “فاينانشال تايمز” إن التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، الشهر الماضي، والتي تشير إلى أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي ستراقب احترام إيطاليا لحقوق الإنسان، كانت علامة مبكرة على أن العلاقة بين روما وحلفائها قد تصبح مشحونة.

وحذرت فون دير لاين من أن إيطاليا يمكن أن تخضع لنفس الحجز العقابي لأموال الاتحاد الأوروبي، مثل المجر وبولندا، إذا سارت الأمور في اتجاه صعب، ولكنها أعلنت، يوم الأحد، إجراء مكالمة أولى جيدة مع جوجيا ميلوني، وشددت على أنها ستعمل مع إيطاليا على مواجهة التحديات الماثلة، من أوكرانيا إلى أزمة الطاقة.

ترجيب على مستوى القمة

قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتز، إنهما جاهزان للعمل مع حكومة ميلوني الجديدة، في حين ذكرت تقارير إعلامية إيطالية أن ماكرون قد يجتمع مع ميلوني، مساء الأحد، ووصف رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، انتصار حزب ميلوني بأنه يوم عظيم لليمين الأوروبي.

وقالت أستاذة النظرية السياسية بجامعة كولومبيا، نادية أوربيناتي، في تصريحات للصحيفة البريطانية: “إيطاليا عضو مؤسس في الاتحاد الأوروبي، وهي أول من ينتخب حكومة يقودها حزب يميني متطرف، أنه حدث كبير، لكنه شيء سيتعين على الجميع التعامل معه”.

وقف التكامل

قالت أوربيناتي إن العلاقات بين الأحزاب اليمينية في إيطاليا وأوروبا الشرقية من المحتمل أن تعرقل أي تكامل إضافي في الاتحاد الأوروبي، مضيفة: “في هذا الوقت من الأزمة، من المتوقع أن يركز كل بلد على مصلحته الوطنية، بدلًا من المصلحة المشتركة للاتحاد الأوروبي، والباب مفتوح لتغييرات كبيرة في المشروع الأوروبي كما نعرفه”.

من جهتها، تعتقد بيروزي أنه يمكن تجنب المواجهة، إذا تعاملت باريس وبرلين على أساس براجماتي، خصوصًا أن الاتحاد الأوروبي يمر بالعديد من التحولات، وتوازن القوى يتغير، وكذلك يوجد تحالفات جديدة، قبل انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي في عام 2024″.

توازن القوى

بحسب صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، في تقرير نُشر 22 سبتمبر الماضي، قد يكون لصعود ميلوني أيضًا تداعيات مهمة على توازن القوى في بروكسل، إذا تمكنت من الحفاظ على شعبيتها حتى انتخابات عام 2024، ما قد يمنحها وحلفائها صوتًا أقوى في بعض أهم القرارات في التكتل.

ويتزايد نفوذ الأحزاب اليمينية في السويد وإسبانيا، ويوجد احتمالات أن تجلب ميلوني حزب أوربان إلى حظيرتها، حتى لو توترت العلاقات بين الزعيمين، بسبب قرب أوربان من روسيا منذ الحرب، ولكن المحللة في مركز الأبحاث التابع للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، تيريزا كوراتيلا، تقول إن العلاقة بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي لا تزال قوية للغاية.

ربما يعجبك أيضا