كيف تستفيد الولايات المتحدة من الصين في الشرق الأوسط؟

آية سيد
3 بؤر توتر في الشرق الأوسط تؤثر في الأسواق العالمية

الشرق الأوسط لديه القدرة على أن يصبح عبئًا ماليًّا وعسكريًّا على الصين، ما قد يمنح الولايات المتحدة أفضلية في منافستهما الحالية.


قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية إن الولايات المتحدة يجب أن تعيد التفكير في مواقفها الحالية تجاه توّسع الصين في الشرق الأوسط.

وفي تحليل، نشر يوم الأحد 18 يونيو 2023، قال المحلل الأمني لشؤون الشرق الأوسط، سيميون ميلر، ومحلل الشأن الصيني، جاريت إينجر، إن الولايات المتحدة يمكن أن ترى في تلك التحركات فرصة للسماح للصين بارتكاب أخطاء باهظة التكلفة.

الهيمنة على الخليج العربي

لفت المحللان إلى أن إحدى المصالح الأمريكية الأكثر إلحاحًا في الشرق الأوسط، هي الأمن البحري، خاصة في مضيق هرمز، وتنقل حاملات النفط قرابة 17 مليون برميل يوميًّا. ولحماية هذه المصلحة الحيوية، تُبقي واشنطن على آلاف القوات والمنشآت العسكرية الأمريكية في الخليج العربي.

لكن الوجود البحري الصيني المتزايد في الخليج، جعل البعض في واشنطن يتكهنون بأن دول المنطقة تبتعد عن دائرة النفوذ الأمريكية وتتجه نحو بكين. وحسب هذه الحُجة، ستحاول الصين تأكيد هيمنتها في الخليج، كما تفعل في بحر الصين الجنوبي، وتهدد عبور الطاقة البحرية الأمريكية في المنطقة، مُسببةً ضررًا هائلًا للاقتصاد الأمريكي.

اقرأ أيضًا| هل تستعد الصين للحرب مع الولايات المتحدة؟

سلاح ذو حدين

رأى المحللان أنه بدلًا من النظر إلى الوجود البحري الصيني المتزايد في الخليج بأنه تهديد، يتعين على واشنطن إدراك منافع المشاركة الصينية في الشرق الأوسط، مثل الاستقرار الإقليمي، بعد الوساطة التي أدت إلى التقارب السعودي الإيراني.

إلا أن الشرق الأوسط لديه القدرة على أن يصبح عبئًا ماليًا وعسكريًا على بكين، ما قد يمنح الولايات المتحدة أفضلية في منافستها الحالية مع الصين، حسب ما جاء في التحليل.

التورط في الصراعات

إذا تورطت الصين في صراعات الشرق الأوسط، قد يستنزف مواردها، ويحد من قدرتها على تحدي القوة الأمريكية في الجبهات الأخرى، وفق المحللين. وأشارا إلى أن بكين استثمرت 200 مليار دولار في أمريكا اللاتينية، وتضغط على دول أمريكا الجنوبية لإنشاء قواعد عسكرية بها، لكن إذا أصبحت منشغلة بالشرق الأوسط، قد يجبرها هذا على خفض أولوية المشروعات الأخرى.

وأشار الباحثان إلى أن الصين تسير بالفعل في ذلك الاتجاه، فعلى سبيل المثال، ادى اضطهاد المسلمين داخلها أدى إلى ظهور عشرات الجماعات الصينية المسلحة في سوريا والعراق وأفغانستان. وكذلك وقعت تفجيرات في أفغانستان وباكستان تستهدف رعايا بكين. وكذلك شيدت قاعدة بحرية في جيبوتي، ونشرت قوات في سوريا، ما جعلها هدفًا مغريًا للجماعات الإرهابية، مثل داعش.

اقرأ أيضًا| هل ستحظى الصين بنفوذ عسكري في الشرق الأوسط؟

النفوذ الاقتصادي

رأى المحللان أن المخاوف إزاء استخدام الصين لنفوذها الإقليمي الجديد للإضرار بالمصالح الاقتصادية الأمريكية، خاصة في ما يتعلق بالطاقة، لا تحمل ثقلًا كبيرًا. وأوضحا أنه بفضل الاندماج الأمريكي القوي في التجارة العالمية، فإن أي ضرر للأمن البحري أو أمن الطاقة الأمريكي في المنطقة سيضر بجهات فاعلة دولية أخرى، تحاول الصين تعزيز العلاقات معها.

وأضافا أن الولايات المتحدة لديها قدر كبير من النفوذ في بحر الصين الجنوبي ودوله، وغيره من المناطق الحيوية للنفوذ والتجارة الصينيين. وفي حالة ممارسة بكين للنفوذ في الشرق الأوسط بطريقة تضر بالمصالح الاقتصادية الأمريكية، تستطيع واشنطن الرد بسهولة.

إجراءات استباقية

يمكن للولايات المتحدة اتخاذ بعض الإجراءات الاستباقية، إذا أرادت تعظيم المخاطر المكلفة للصين، وفق المحللين، مثل تقليل المصالح المشتركة بين الصين وسكان المنطقة، مع ترك بعض المساحة للنفوذ الصيني. فمثلًا، الاعتراف بجهود حفظ السلام الصينية بطريقة إيجابية سيزيل العداء المتبادل تجاه الولايات المتحدة، كمصلحة مشتركة مع بعض الجهات الفاعلة.

وينبغي على الولايات المتحدة أيضًا التركيز على تقليص وجود الصين العسكري الكثيف في الشرق الأوسط، ما يترك فجوات قد تحاول بكين سدها. وبهذه الطريقة، ستصبح المصالح والقوات الصينية أهدافًا بارزة للإرهابيين.

وختامًا، قال المحللان إنه ينبغي على واشنطن التصرف بحسم فقط، إذا تعرضت المصالح الأمريكية لتهديد مباشر. بخلاف ذلك، كل ما تحتاج واشنطن إلى فعله هو مراقبة تطور الأحداث بحذر وتجنب التدخل السابق لأوانه.

اقرأ أيضًا| هل يحق للصين التجسس على الولايات المتحدة؟

ربما يعجبك أيضا