كيف تسهم إفريقيا في تحول الولايات المتحدة إلى الطاقة الخضراء؟

آية سيد
ما دور إفريقيا في تحول الولايات المتحدة إلى الطاقة الخضراء؟

تغفل الإدارة الأمريكية عن أهمية إفريقيا عندما يتعلق الأمر بأهم قضيتين على أجندتها، وهما تغير المناخ والتحول إلى الاقتصاد الأخضر.


نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تحليلًا يلفت إلى أهمية إفريقيا في تحول الولايات المتحدة إلى الطاقة الخضراء.

ورأى نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية سابقًا، ويتني شنايدمان، والزميلة غير المقيمة بمؤسسة بروكنجز، فيرا سونجوي، أن إدارة الرئيس جو بايدن تغفل عن أهمية الدور الذي قد تلعبه إفريقيا في تغير المناخ والتحول إلى الاقتصاد الأخضر.

تحسين العلاقات

أشار المحللان المتخصصان في الشأن الإفريقي، في تحليلهما المنشور أمس الخميس 3 أغسطس 2023، إلى أن جو بايدن بذل جهودًا أكثر من أي رئيس أمريكي آخر لتعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية.

وتجلى هذا عندما استضاف 50 قائدًا إفريقيًّا في ديسمبر الماضي، في قمة استمرت 3 أيام، والتزام الإدارة الأمريكية باستثمار 55 مليار دولار في القارة على مدار الـ3 أعوام المقبلة. وظهر أيضًا في زيارة عدد من المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى إلى القارة، وتعهد بايدن بزيارتها قبل نهاية العام.

فرصة ضائعة

تغفل الإدارة الأمريكية عن أهمية إفريقيا، عندما يتعلق الأمر بأهم قضيتين على أجندتها، وهما تغير المناخ، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، وفق المحللين.

اقرأ أيضًا| القمة الأمريكية الإفريقية.. بايدن يسعى للتغلب على الصين وروسيا في القارة السمراء

ونتيجة لهذا، تتخلى الولايات المتحدة عن فرصة لتعميق العلاقات التجارية مع القارة، وعقد شراكات مع الدول الإفريقية لتعزيز سلاسل الإمداد والإنتاج، والتنويع بعيدًا عن اعتمادها على الصين للحصول على أكثر من 50% من 26 معدنًا حرجًا.

قانون الحد من التضخم

لفت المحللان إلى قانون الحد من التضخم الأمريكي، الذي ينص أحد بنوده على حصول المستهلكين الأمريكيين على ائتمان ضريبي عند شراء سيارات كهربائية تحتوي بطارياتها على نسبة معينة من المعادن الحرجة المستخرجة أو المعالجة في أمريكا أو “أي دولة أخرى لديها اتفاقية تجارة حرة معها”.

اقرأ أيضًاهل تستطيع إفريقيا النمو دون الوقود الأحفوري؟ «تفاعلي»

وفي الوقت الحالي، تمتلك واشنطن 20 اتفاقية تجارة حرة، واحدة منها فقط مع بلد إفريقي، وهو المغرب، الذي يمتلك أكبر احتياطي معروف من الفوسفات على مستوى العالم.

وإضافة إلى هذا، لم تعد إدارة بايدن تتفاوض على اتفاقيات تجارة حرة جديدة، لصالح أطر العمل التجارية والاستثمارية غير الملزمة.

ونتيجة لهذا، لا توجد إمكانية لأن تسهم المعادن الاستراتيجية المستخرجة من إفريقيا في تحول الطاقة في الولايات المتحدة على نطاق واسع قريبًا.

الاعتماد على الصين

إذا لم تنوع واشنطن مزوديها، سيظل تحول الطاقة الأمريكي معتمدًا على قاعدة ضيقة نسبيًّا من الشركاء التجاريين، وفق المحللين.

وحسب خدمة أبحاث الكونجرس، تعتمد الولايات المتحدة بـ100% على استيراد 14 معدنًا من قائمة المعادن الحرجة، وتعتمد بأكثر من 75% على استيراد 10 معادن حرجة أخرى.

وفي ما يتعلق بالسلع المعدنية المستوردة، تعتمد الولايات المتحدة بشدة على الصين، وألمانيا، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، والمكسيك. وتهيمن الصين أيضًا على السوق العالمية في تكرير المعادن الاستراتيجية. وتمثل 78% من قدرة تصنيع خلايا بطاريات السيارات الكهربائية.

إمكانات إفريقيا

أوضح المحللان أن إفريقيا موطن 30% من الاحتياطيات العالمية للمعادن الحرجة، مثل الكوبالت والليثيوم والمنجنيز والجرافيت والنيكل، الضرورية لتكنولوجيا الطاقة المتجددة والكربون المنخفض.

وبموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، وضعت إفريقيا إطار عمل للمشاركة وأوضحت رغبتها في أن تصبح عضوًا مساهمًا في سلاسل القيمة العالمية لمعالجة المعادن الحرجة وتصنيعها. وتمتلك إفريقيا ميزة تنافسية في الإنتاج والمعالجة المبكرة لبعض أجزاء السيارات الكهربائية.

خطأ استراتيجي

حسب المحللين، ارتكبت إدارة بايدن والكونجرس خطأً استراتيجيًّا بعدم إتاحة المجال أمام الدول الإفريقية وإمدادات معادنها الحرجة للإنتاج لصالح السوق الأمريكية على أساس تحفيزي.

اقرأ أيضًا| نفاق الغرب والتحول الأخضر بإفريقيا.. معركة جديدة مع الصين

وإذا لم يُصحَح قانون الحد من التضخم سريعًا، سيؤدي دون قصد إلى تقليل العلاقات التجارية الأمريكية مع إفريقيا والتنازل عن سوق المعادن الحرجة الإفريقية إلى دول أخرى، مثل الصين.

تصحيح الوضع

رأى الكاتبان أنه يمكن تصحيح الوضع عن طريق تعديل القانون ليشمل الدول الإفريقية التي تشارك في قانون النمو والفرص في إفريقيا، الذي يتيح إمكانية الوصول دون رسوم جمركية إلى الأسواق الأمريكية لدول إفريقيا جنوب الصحراء التي تلبي شروطًا معينة في الحكم، وحقوق الإنسان، وإجراءات حماية العمال.

وحاليًّا، تشارك 36 دولة إفريقية في قانون النمو والفرص في إفريقيا، ومن ضمنها دول منتجة للمعادن الحرجة التي ستحتاج إليها أمريكا من أجل تحول الطاقة، ومنها زامبيا، وناميبيا، وتنزانيا، والجابون، وكينيا، وجنوب إفريقيا، والنيجر (حتى الآن)، والكونجو، ومن المرجح اكتشاف معادن حرجة في دول أخرى.

وختامًا، قال المحللان “بإدراج هذه الدول الإفريقية في قانون الحد من التضخم، ستعمق الولايات المتحدة علاقتها التجارية مع القارة السمراء وتعزز قدرتها على الوصول إلى المعادن الحرجة التي تحتاج إليها في تحول الطاقة، دون منح قدر أكبر من النفوذ وحصة السوق إلى منافسيها”.

ربما يعجبك أيضا