كيف تعزز الولايات المتحدة تعاونها مع اليابان وكوريا الجنوبية؟

آية سيد
كيف تعزز الولايات المتحدة تعاونها مع اليابان وكوريا الجنوبية؟

أصبح الوضع اليوم مثاليًّا على المستويين الإقليمي والداخلي لترسيخ التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.


لفت تحليل في مجلة فورين أفيرز الأمريكية إلى وجود فرصة فريدة من نوعها لتعزيز العلاقات الثلاثية بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.

ووفق مؤسسة بروكنجز الأمريكية، تتمثل هذه الفرصة في وجود رئيس أمريكي ذي نزعة دولية، وقائد كوري جنوبي جريء له طموحات تتجاوز شبه الجزيرة الكورية، ورئيس وزراء ياباني عازم على ترسيخ السياسة الأمنية الاستباقية لبلاده.

تذبذب العلاقات

كان التعاون الثلاثي بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة متقطعًا وغير منتظم، على مدار العقود الـ3 الماضية، حسب التحليل الذي كتبه محللو مؤسسة بروكنجز، أندرو يو وميريا سوليس وهانا فورمان، ونشرته فورين أفيرز اليوم الثلاثاء 15 أغسطس 2023.

وبدأت جهود التنسيق في منتصف التسعينات ردًّا على ظهور البرنامج النووي لكوريا الشمالية، التي أطلقت أول صاروخ باليستي متعدد المراحل فوق اليابان في 1998. وفي العام نفسه، اتخذت طوكيو وسيول خطوة مهمة باتجاه معالجة تاريخهما المؤلم.

واجتمع رئيس كوريا الجنوبية، كيم داي جنج، ورئيس وزراء اليابان، كيزو أوبوتشي، في طوكيو، واعترف أوبوتشي باحتلال اليابان الاستعماري لكوريا الجنوبية من 1910 حتى 1945، وقدم اعتذارًا رسميًّا، ما هدأ التوترات وساعد واشنطن في النهوض بالعلاقات الثلاثية.

محاولات أمريكية

أشار المحللون إلى أن العداوات والسياسات الداخلية استمرت في عرقلة الضلع الياباني والكوري الجنوبي في الشراكة الثلاثية. وبعد ثالث اختبار نووي لكوريا الشمالية، عقد الرئيس الأمريكي باراك أوباما قمة مع رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، ورئيسة كوريا الجنوبية، بارك جن هي، لإظهار الوحدة في وجه موقف بيونج يانج العدائي.

اقرأ أيضًا| «فورين أفيرز»: الولايات المتحدة تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها في آسيا

وأدت جهود أوباما أيضًا إلى توقيع اتفاقية في 2015 لحل قضية “نساء المتعة”، وهو مصطلح يشير إلى آلاف النساء الكوريات اللاتي أجبرتهن اليابان على الاسترقاق الجنسي خلال الحرب العالمية الثانية.

إلا أن خليفة بارك، مون جاي إن، كان ناقدًا للاتفاقية وألغى الأساس الذي توصلت إليه الحكومتان لتعويض الضحايا وعائلاتهن بأموال يابانية. وفي 2018، أمرت المحكمة العليا لكوريا الجنوبية الكثير من الشركات اليابانية بتعويض العمال الذين لم يحصلوا على أجورهم في أثناء الحرب العالمية الثانية.

فرصة سانحة

أصبح الوضع اليوم مثاليًّا على المستويين الإقليمي والداخلي، على حد تعبير المحللين، ولذلك تتطلع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لترسيخ التعاون الثلاثي.

وساعد قرار الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، بمنح الأولوية للعلاقات مع طوكيو، الذي قابله نهج فوميو كيشيدا البراجماتي تجاه العلاقات مع سيول، في إصلاح ضلع طوكيو-سيول في العلاقة الثلاثية.

وفي الوقت ذاته، يشير المحللون إلى أن نظرة بايدن الدولية الليبرالية، ورغبته في تعزيز التحالفات والمؤسسات، تجعله نصيرًا حقيقيًّا للتعاون الثلاثي.

نجاح غير مضمون

على الرغم من التقدم السريع الذي تحقق العام الماضي، ليس النجاح المستقبلي مضمونًا. ولفت المحللون إلى أن تعاون يون مع اليابان، قوبل بالمقاومة في سيول.

وعلى الرغم من أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في كوريا الجنوبية بعد 4 سنوات، فإن خسارة المقاعد في الانتخابات البرلمانية العام المقبل، أو حدوث تغيير في الحكومة عقب يون، قد تعرقل التعاون الثلاثي مجددًا.

وفي الولايات المتحدة، دعمت الإدارات الديمقراطية والجمهورية العلاقات الثلاثية بنحو عام. إلا أن رفض الرئيس دونالد ترامب للتحالفات، ونهج إدارته الذي اتسم بعدم التدخل تجاه العلاقات المتدهورة بين سيول وطوكيو، لا يحفز على الثقة بأنه إذا فاز رئيس جمهوري سيدعم التعاون الثلاثي بقدر بايدن.

قمة ثلاثية

رأى المحللون أنه من الضروري أن يستفيد القادة الـ3 من هذه اللحظة قبل أن تتغير الأحوال السياسية مرة أخرى، لافتين إلى أن قمة كامب ديفيد، التي ستنعقد في 18 أغسطس الحالي، ستكون لها أهمية خاصة، لأنها أول اجتماع بينهم مخصص للتعاون الثلاثي.

ودائمًا ما تحمل أجندة سيول وطوكيو وواشنطن الطرائق الجديدة لتعزيز الردع ضد بيونج يانج، ومن المرجح أن تبحث القمة تفاصيل الاتفاق على مشاركة المعلومات بشأن الاختبارات الصاروخية لكوريا الشمالية.

اقرأ أيضًا| كوريا الشمالية تتخذ إجراءات جديدة.. هل تستعد بيونج يانج للحرب؟

ومن المرجح أن تعالج القمة أيضًا الثغرات المحتملة الأخرى أو سوء الفهم المتعلق بالتخطيط لحالات الطوارئ النووية. وسيكون القادة متطلعين إلى البناء على بيان بنوم بنه، الذي جرى إعلانه في نوفمبر الماضي.

العلاقات مع الصين

يظل التعاون في مجال الأمن الاقتصادي، الذي يشمل مرونة سلاسل الإمداد، أولوية قصوى للدول الـ3. وحسب المحللين، تجد كوريا الجنوبية واليابان أنفسهما في موقف مماثل عندما تنظران إلى الغموض المحيط بالمنافسة الأمريكية الصينية.

ورغم التأييد الأمريكي الأخير لنهج “الحد من المخاطر” في العلاقات الاقتصادية مع الصين، تستمر الشكوك بشأن رغبة إدارة بايدن وقدرتها على إبقاء تركيز إجراءاتها الدفاعية الاقتصادية منسقة مع الحلفاء. وستزداد هذه الشكوك مع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية في 2024.

ولفت المحللون إلى أن الاختلافات بشأن الصين حتمية، لأن اليابان أكثر استعدادًا من كوريا الجنوبية لتشديد قيود الصادرات إلى الصين تماشيًا مع القيود الأمريكية. ويرجع هذا إلى القرب الجغرافي والمخاطر الاقتصادية الأكبر نسبيًّا في علاقة كوريا الجنوبية بالصين.

ترسيخ التعاون

قال المحللون إن كيشيدا ويون وبايدن سيبحثون عن طرائق لإضفاء الطابع المؤسسي على التعاون، عبر عقد قمة سنوية مثلًا، مشيرين إلى أن إضفاء الطابع المؤسسي سيساعد في الحفاظ على التعاون الثلاثي في وجه التغيير السياسي الداخلي، أو تدهور العلاقات بين سيول وطوكيو.

وتعكس رعاية إدارة بايدن للعلاقة الثلاثية نهجها الأوسع تجاه بناء النظام في منطقة الهندوباسيفيك. إلا أن توطيد التعاون الثلاثي يحمل خطر تصعيد التوترات مع كوريا الشمالية، فضلًا عن أن هذا النوع من بناء التحالفات قد يستفز الصين وروسيا. وقد تدفع واشنطن، دون قصد، بكين وموسكو وبيونج يانج إلى التقارب أكثر.

ولهذا السبب، من المهم أن تشرح الولايات المتحدة أهداف هذا التعاون وتوضح ما لا تمثله الشراكة، لأن التعاون الأمني والتخطيط للطوارئ ليسا مصممين لإنتاج مجتمعات دفاعية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو). ووفق المحللين، هذه الرسالة ستكون مهمة لكيفية استقبال المنطقة لهذا التعاون الثلاثي، وكيفية تفاعل الناخبين في سيول وطوكيو معه.

ربما يعجبك أيضا