كيف ستؤثر العقوبات الأمريكية في قطاع التكنولوجيا الروسي؟

آية سيد
المكونات الإلكترونية

تهدف العقوبات الأمريكية إلى عزل روسيا عن الاقتصاد التكنولوجي العالمي وإحباط قدراتها العسكرية.


أعلن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن، يوم الخميس الماضي 24 فبراير الحالي 2022، عن فرض عقوبات على موسكو بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

وشملت هذه العقوبات إجراءات تمنع روسيا من ممارسة أعمال تجارية بعملات رئيسة إلى جانب عقوبات على البنوك والشركات المملوكة للدولة، وقال بايدن إن الهدف هو منع موسكو من الوصول إلى الأسواق الرأسمالية والمالية الأمريكية، كما شملت أيضًا حظرًا كاملًا لبيع أشباه الموصِّلات إلى روسيا. في هذا السياق تناولت عدة تقارير تأثير هذه العقوبات على قطاع التكنولوجيا الروسي تحديدًا.

هل تمثل العقوبات ضربة لطموحات بوتين الاستراتيجية؟

قال بايدن في كلمته يوم الخميس الماضي إن القيود على واردات روسيا من التكنولوجيات المهمة مثل أشباه الموصلات، سوف تقيّد إمكانية وصولها إلى “الأموال والتكنولوجيا اللازمة لمناطق استراتيجية من اقتصادها وتُضعف قدرتها الصناعية لسنوات مقبلة.” وأضاف أن العقوبات ستضعف قدرة روسيا على تحديث جيشها وصناعة طيرانها وبرنامجها الفضائي، وهي ضربة كبرى لطموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستراتيجية بعيدة المدى، بحسب ما نقلت مجلة وايرد الأمريكية المهتمة بالتكنولوجيا في 24 فبراير 2022.

وحظرت وزارة التجارة الأمريكية التعامل التجاري مع 49 كيانًا روسيًّا له علاقات بالجيش الروسي، وقالت “الحلفاء سيحذون الحذو نفسه”. مضيفة أن هذه الإجراءات تشمل الإلكترونيات الدقيقة وأجهزة الاتصال عن بُعد وأجهزة الاستشعار وإلكترونيات الطيران وغير ذلك. وأفادت مجلة فورتشن في تقرير لها بتاريخ 25 فبراير 2022 أنه رغم أن أمريكا لديها قاعدة صغيرة نسبيًّا لتصنيع أشباه الموصلات فقط فإن الشركات الأمريكية رائدة في مجال تصميم أشباه الموصلات وبراءات اختراع الرقائق.

استهلاك محدود وتأثير كبير

ذكر تقرير مجلة وايرد أن روسيا تمثل 0.1% فقط من مشتريات الرقائق العالمية. وقال المدير التنفيذي لجمعية صناعة أشباه الموصلات الأمريكية جون نيوفر: “في حين أن تأثير القواعد الجديدة في روسيا قد يكون كبيرًا فإن روسيا ليست مستهلكًا مباشرًا لأشباه الموصلات”. وأضاف التقرير أن التركيز على التكنولوجيات الحيوية مثل أشباه الموصلات قد يُلحق الضرر بتقدم روسيا وبقدراتها العسكرية والسيبرانية.

وأوضح تقرير آخر لمجلة فورتشن أن شركة “آي دي سي” للأبحاث تُقدّر قيمة سوق الرقائق الروسية بـ50 مليار دولار في التجارة من أصل 4.5 تريليون دولار للصناعة العالمية. وفي هذا الصدد قال مدير برنامج التكنولوجيا والسياسة العامة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن جيم لويس، إن “الحظر سيؤثر في قطاع التكنولوجيا الروسي كثيرًا”. وأضاف أن هذا “سيضع حدًّا لطموحات روسيا في قطاع التكنولوجيا وسيؤخرها أكثر في هذا المجال” بحسب ما نقلت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.

فرصة للصين

أوضح تقرير فاينانشال تايمز أن بعض المحللين يتوقعون أن بعض الشركات الصينية قد تساعد روسيا في التحايل على قيود الصادرات. وقال الأستاذ المساعد في جامعة نورث إيسترن الاتحادية في فلاديفوستوك بروسيا أرتيوم لوكين، إن “انسحاب منافسي هواوي من روسيا ومن التعاون في صناعة معدات شبكات الجيل الخامس سوف يُفسح مجالًا لهواوي”. ولفت التقرير أيضًا إلى أن القيود الأمريكية على صادرات التكنولوجيا قد تغري شركات أشباه الموصلات الصينية باستغلال هذه الفجوة لصالحها.

وقد ذكر التقرير أن شركة تصنيع أشباه الموصلات الدولية “إس إم آي سي، أكبر مُصنّع رقائق في الصين” خاضعة للعقوبات الأمريكية بالفعل بعد أن حددت الحكومة الأمريكية أن بعض الرقائق التي صنعتها انتهت مع مستخدمين مرتبطين بالجيش. وعلى الرغم من خسارتها إمكانية الوصول إلى المعدات اللازمة لبناء خطوط إنتاج متقدمة تكنولوجيًّا فإن الشركة قد استطاعت شراء معدات لتوسيع قدرتها باستخدام تكنولوجيا أقدم.

احتمال مُستبعد

في السياق نفسه رفض مسؤول بارز في إدارة جو بايدن فكرة أن الصين سوف تساعد روسيا في التحايل على العقوبات التي وقعتها عليها الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب صحيفة فاينانشال تايمز. وقال المسؤول: “الصين وحدها لا تستطيع تزويد روسيا بكل الاحتياجات الضرورية للجيش الروسي. وبالتأكيد لا تستطيع تعويض موسكو عن كل شيء تقيِّده هذه القواعد، خاصة أنها تتعلق بإنتاج أشباه الموصلات.

وأضاف مسؤول الإدارة الأمريكية: “تمثل الصين 16% فقط من القدرة العالمية لإنتاج أشباه الموصلات”. وقال الباحث في معهد بيرستون للاقتصاد الدولي بواشنطن مارتن تشورزيمبا: “حتى الصين، بنظامها الإيكولوجي المزدهر والدعم الحكومي الكبير، فشلت في إنتاج رقائق متقدمة. ولا يمكن التصور أن روسيا تستطيع فعل هذا وحدها. لا سيما في ظل الحصار الاقتصادي الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية”.

ربما يعجبك أيضا