للرد على اغتيال العاروري.. هل يلجأ حزب الله إلى التصعيد؟

اغتيال العاروري في لبنان فتح الباب لمرحلة جديدة من التصعيد في المنطقة

آية سيد
حرب إسرائيل على غزة

في ظل غياب المؤشرات على خفض التصعيد، ليس من الواضح ماذا ستستفيد إسرائيل أو وكلاء إيران من الصراع الشامل وكيف سيبدو الانتصار.


فتحت الغارة الإسرائيلية التي استهدفت القيادي بحركة حماس، صالح العاروري، في لبنان، الباب على مصراعيه لمرحلة جديدة من التصعيد في الشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد، رأت المدير المشارك بشركة “أودري جروب” للاستشارات الاستخباراتية والأمنية بلندن، بوركو أوزسيليك، أن حجم وتوقيت رد الوكلاء الإقليميين لإيران، وعلى رأسهم حزب الله، على عملية الاغتيال سيؤثر في تطور الخطوط الحمراء للأطراف المتحاربة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

تصاعد الأحداث

في تحليل بمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أول من أمس الجمعة 5 يناير 2024، لفتت أوزسيليك إلى أن توازن الردع بين إسرائيل والوكلاء المسلحين المدعومين إيرانيًا بلغ حافة الهاوية على مدار الأيام القليلة الماضية.

ففي 1 يناير الحالي، أرسلت إيران السفينة الحربية “ألبرز” إلى البحر الأحمر، مهددةً الائتلاف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة لمنع هجمات الحوثيين على أحد أهم ممرات الشحن في العالم.

وبعدها بيوم، استهدفت غارة بمسيّرة العاروري، أحد مؤسسي كتائب القسام وحلقة الاتصال مع شبكة مقاتلي إيران الملتزمين بمحاربة إسرائيل، في معقل حزب الله ببيروت، ما انتهك سيادة لبنان ووجه ضربة لكلا من حزب الله وحماس.

اغتيال صالح العاروري

اغتيال صالح العاروري

تفجيرات إيران

في 3 يناير، قُتل أكثر من 103 أشخاص، وأُصيب المئات غيرهم، أثناء مراسم إحياء ذكرى قائد الحرس الثوري السابق، قاسم سليماني، في إيران. وبينما أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، فإن حصيلة الوفيات المرتفعة صدمت الدولة وسترفع المخاطر في منطقة متوترة بالأساس.

وأشارت الباحثة إلى أن إيران أحجمت حتى الآن عن الدخول في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وفي حين هدد المسؤولون الإيرانيون بالانتقام بسبب تفجيرات كرمان، يظل “الصبر الاستراتيجي” مرجحًا أكثر في المدى القريب.

خطورة الحسابات الخاطئة

رغم اشتعال الوضع، رأت أوزسيليك أن اللاعبين الرئيسين في هذه الحرب، وهم إسرائيل، والولايات المتحدة، وإيران، ليسوا في عجلة لمنح الضوء الأخضر لتصعيد كبير من شأنه أن يجرهم وحلفاءهم إلى حرب بلا نهاية.

لكن وتيرة وحدّة الاستفزازات الأخيرة ربما تعني أن أي حسابات خاطئة أو خلل في إطلاق النار قد يتسببوا في عواقب غير مقصودة. وبينما يخطط حزب الله للرد على اغتيال العاروري، لا شك في أنه يمتلك وسائل فتاكة ومدمرة في ترسانته.

لكن خياراته لها حدود، وفق الباحثة. ورغم أن مخزونه توسع بنحو هائل على مدار السنوات الماضية، عن طريق نقل الأسلحة من إيران عبر سوريا، فإن الرد على إسرائيل الذي يتجاوز خطًا أحمر جديدًا لن يخدم مصالح حزب الله النهائية.

التداعيات على لبنان

رجحت أوزسيليك أن يكون التأثير غير المباشر في لبنان، الذي يعاني أوضاع اقتصادية متدهورة، مدمرًا.

وحسب الباحث غير المقيم بالمجلس الأطلسي، كمال علام، لم يعد حزب الله يحظى بنفس الشعبية التي كان عليها في 2006 عندما خاض حربًا مع إسرائيل. والآن، في الوقت الذي يُطلق على لبنان “صومال البحر المتوسط”، قد يتردد حزب الله قبل إهدار ما تبقى من نفوذه هناك.

خيارات حزب الله

وفق أوزسيليك، سيسعى حزب الله للرد بطريقة تبدو مناسبة في أعين مؤيديه. وفي حين أنه لا يمكن التنبؤ بما قد يبدو عليه هذا الرد، توجد بعض الاحتمالات الممكنة. وقد يُظهر حزب الله ضبط النفس، ويمنح حماس مساحة لتخطيط ردها.

ومنذ بدء الحرب، كان حزب الله منخرطًا في قصف منتظم عبر الحدود ضد إسرائيل. واستخدام حزب الله لأسلحة أحدث، بقدرات توجيه أكثر دقة، أو صواريخ تصل إلى عمق إسرائيل، قد يمثل تصعيدًا، ما يُعقّد حسابات إدارة جو بايدن ويعزز صرخات حلفاء بنيامين نتنياهو اليمينيين المتطرفين المؤيدة للحرب.

استهداف عناصر حماس بالخارج

في الأسابيع الأخيرة، أشار المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون إلى أن أعضاء حركة حماس بالخارج “أهداف مشروعة”، ويشمل ذلك المتواجدين في تركيا، وقطر، ولبنان. وردًا على هذا، حذرت أنقرة تل أبيب من أنها ستواجه “عواقب وخيمة” إذا حاولت اغتيال أفراد حماس على الأراضي التركية.

صالح  العاروري

صالح  العاروري

وفي 2 يناير الحالي، اعتقلت الشرطة التركية 30 شخصًا يُشتبه في اضطلاعهم بأنشطة تجسس دولية لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي. ومن المرجح بشدة أن هذه العملية كانت تهدف لمنع إسرائيل من التخطيط لأعمال عنف ضد قادة حماس داخل تركيا.

تغيير قواعد اللعبة

في حين أن الضربات ضد قيادات حماس ستُضعف القدرات العسكرية والعملياتية والاستراتيجية، والروح المعنوية، للحركة، فإنها لن تكون بمثابة الضربة القاضية لحماس. ولفتت الباحثة إلى أن الأمر الذي لا جدال فيه هو أن دعم الفلسطينيين لحماس لن يضعف بسهولة. بل أن الدعم الشعبي للحركة في الضفة الغربية ازداد منذ بدء الحرب.

ومنذ اغتيال العاروري، تعرضت إسرائيل لانتقادات بسبب تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله في لبنان، مؤذنة ببدء مرحلة جديدة مرتفعة المخاطر. وفي ظل غياب المؤشرات على خفض التصعيد، ليس من الواضح ماذا ستستفيد إسرائيل أو وكلاء إيران من الصراع الشامل وكيف سيبدو الانتصار.

ربما يعجبك أيضا