لماذا تعطل تركيا انضمام السويد إلى «الناتو»؟ «الأطلسي» يجيب

محمد النحاس

من المفيد لتركيا على المستوى الجيوسياسي، انضمام السويد إلى الناتو وتمدد الحلف، لكن أنقرة لديها مخاوف أمنية مرتبطة بنشاط حزب العمال الكردستاني، فما هذه المخاوف؟ وما علاقة السويد بها؟


أثار تعطيل تركيا انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) غضب مسؤولين غربيين، وجدد الجدل بشأن دور تركيا في الحلف.

وتناول الكولونيل المتقاعد ريتش أوزن، أسباب عرقلة الأتراك انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، في مقال له، بالمجلس الأطلسي الأمريكي، مشيرًا إلى أن معظم الأسباب ترتبط بعلاقة مزعومة بين أعضاء حزب العمال الكردستاني وستوكولهم.

مفاوضات طويلة الأمد

شهدت السويد خلال الأسابيع القليلة الماضية، مظاهرات لأنصار حزب العمال الكردستاني، الذي تعده أنقرة تنظيمًا إرهابيًّا، وحرق المصحف أمام السفارة التركية، وإعدام دمية وهمية على هيئة الرئيس التركي رجب طييب أردوغان، وفقًا للزميل الأقدم غير المقيم بالمجلس الأطلسي، بتركيا، ريتش أوزن.

وردًّا على هذه المظاهر، استبعد الرئيس التركي دعم انضمام السويد إلى الناتو، ومن غير المتوقع وفق المستشار الرئاسي التركي، والمتحدث باسم الرئاسة، إبراهيم كالين، أن تنتهي مفاوضات الانضمام إلى الحلف قبل مايو المقبل، أي قبل الانتخابات التركية.

محادثات تركية سويدية

استبعد أردوغان دعم انضمام السويد، مايو الماضي، ولكنه وافق لاحقًا، على بدء محادثات بعد الحصول على تنازلات بشأن مخاوف أنقرة الرئيسة، فما هذه المخاوف؟ ولماذا تراجع الأتراك؟

ويرى كاتب المقال أن الشكوك التركية، لا تنبع فقط من حسابات انتخابية محضة، (شعبيًّا يعارض كثير من الأتراك انضمام السويد إلى الحلف)، ولا نتيجة مشاعر الإدارة التركية المناهضة لحرية التعبير، ولا ردود الفعل المبالغ فيها على السياسة السويدية العادية.

مخاوف أنقرة

يشير الزميل الأقدم غير المقيم بالمجلس الأطلسي إلى أن الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولنبيرج، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أقرَّا بأن مخاوف تركيا بشأن حزب العمال الكردستاني، حقيقية ومشروعة.

ويعارض 90% من الأتراك انضمام السويد إلى الحلف في الوقت الحالي، ولذلك فمن الطبيعي، وفقًا لكاتب المقال، أن لا تفوت أنقرة الفرصة لمعالجة هذه القضية.

تعليق المفاوضات

تحتاج تركيا إلى مزيد من التنازلات السويدية، التي تتعلق بالنشاط المناهض لأنقرة داخل السويد، ودعم في القضايا المرتبطة بسوريا، معتقدًا أنه من مصلحة الأتراك توسع الناتو، وفقًا للكاتب.

وقال أردوغان بعد اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، يناير الماضي، إن المضي قدمًا في التفاوض مع السويد ما زال ممكنًا، إلا أنه، وبعد التوترات الأخيرة، جرى تعليق 3 اجتماعات بين المسؤولين الأتراك والسويديين.

مذكرة تفاهم

وقعت الحكومات الـ3 التركية والفنلندية والسويدية، يونيو الماضي، مذكرة تفاهم تحدد مسار التفاوض على الانضمام إلى الناتو، وتشمل 10 نقاط، ويتضمن البند الـ8 إجراء خطوات ملموسة من المتقدمين (فنلندا والسويد) لدعم الجهود الأمنية التركية.

وتخلص المذكرة إلى موافقة أنقرة في النهاية على انضمام البلدين إلى الحلف، بعد استيفاء الشروط التركية، وبالفعل اتخذت السويد بعض الخطوات في هذا الصدد، فعززت قوانين مكافحة الإرهاب في الدستور، ورفعت حظر الأسلحة المفروض على تركيا منذ 2019، وسلمت أحد المطلوبين لأنقرة.

ما نقاط الخلاف الرئيسة؟

حسب كاتب المقال، لم تلبِّ هذه الخطوات الحد الأدنى من التوقعات التركية، ولم تتخذ السويد خطوات جادة لحظر أنشطة حزب العمال الكردستاني بالسويد. وإحدى نقاط الخلاف الرئيسة، وجود 130 عنصرًا على الأراضي السويدية، تزعم أنقرة ارتباطهم بحزب العمال الكردستاني، وتطالب بتسليمهم، لكن من غير المتوقع أن تتخذ السويد خطوات في هذا الصدد.

وأحد محاور الخلاف كذلك دعم السويد وحدات حماية الشعب الكردية، وهي الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني، فقدمت السويد مساعدات مالية للمجموعة التي تدعمها كذلك واشنطن، والتي قاتلت ضد تنظيم داعش الإرهابي.

ماذا عن فنلندا؟

يشير ريتش أوزن إلى أن انضمام فنلندا قد يكون أيسر، فالتزمت الأخيرة خطًّا أكثر التزامًا بالشروط الأمنية التركية في التعامل مع حزب العمال، الذي تصنفه أنقره إرهابيًّا، وتزعم تنفيذه عمليات إرهابية على أراضيها.

وربطت فنلندا انضمامها إلى الناتو بدخول السويد الحلف، ولكن مع العرقلة التركية لانضمام ستوكهولم، قد تقدم فنلندا على هذه الخطوة منفردة، في ظل مخاوف أمنية بعد اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية فبراير الماضي 2022.

تعطيل التقارب التركي السويدي

مع اقتراب الانتخابات التركية يقول أنصار حزب العمال، إنهم يسعون لمنع دخول السويد الناتو، عن طريق مظاهراتهم المستمرة بالسويد ضد الإدارة التركية، محاولين منع التقارب التركي السويدي، علاوةً على إلحاق ضرر سياسي بموقف أردوغان، وفقًا للمقال.

ويردف أوزن بأنه سواءً فاز الرئيس التركي الحالي أم خسر، من المتوقع تواصُل المشاورات لانضمام السويد إلى الحلف، مرجحًا أن العملية لن تكون سهلة، مع ذلك فنظرًا إلى المزايا المتوقعة لكلا الجانبين من المتوقع أن توافق تركيا، وفقًا لكاتب المقال.

ويوضح أوزن الرأي سالف الذكر، الذي يخلص إلى أن تركيا ستوافق في نهاية المطاف على انضمام السويد، ذلك أن تمدد وتوسع الناتو، مفيد لأنقرة، ويعد ضمانًا جيواستراتيجيًّا لها في ظل علاقاتها الملتبسة مع الدول الأوروبية، وفشل مساعيها لدخول الاتحاد الأوروبي.

ربما يعجبك أيضا