لماذا قررت باكستان الانتقام من اللاجئين الأفغان؟

ماذا فعلت باكستان مع لاجئي أفغانستان؟

شروق صبري
المواجهة المتصاعدة بين الحكومة الباكستانية وطالبان باكستان

إن الدولة الباكستانية معروفة بفتقارها إلى عادات الحكم، ولكنها  تصرفت بقوة غير عادية تجاه اللاجئين الأفغان في الأشهر الأخيرة، فماذا فعلت؟


في ظل استيائها الشديد من تقاعس كابول، وعجزها عن وقف هجمات حركة طالبان، وجدت باكستان كبش فداء لفشلها من الأفغان الذين يفترض أنهم يقيمون بشكل غير قانوني داخل حدودها ولذلك قررت ترحيلهم.

وفي أكتوبر 2023، أعلنت الحكومة المؤقتة المدعومة من الجيش أن “الأجانب غير الشرعيين”، في إشارة إلى اللاجئين الأفغان الذين يقيمون في باكستان، سيغادرون البلاد بحلول الأول من نوفمبر، وإلا سيواجهون الاعتقال والطرد.

اللاجئون

من الناحية النظرية، لن يتأثر كل اللاجئين الأفغان، على الأقل في الوقت الحالي، إذ يوجد مليون أفغاني لديهم تصاريح قابلة للتجديد تسمح لهم بالبقاء، في حين أن نحو 800 ألف يحملون بطاقات المواطن الأفغاني التي تمنحهم الحق المؤقت في البقاء، ولكن لا تمنحهم الحماية الكاملة المستحقة للاجئين بموجب القانون الدولي.

وقالت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، يوم 9 يناير 2024، إن ما يقدر بنحو 1.7 مليون أفغاني يفتقرون إلى الوثائق اللازمة حتى للإقامة المؤقتة. وهذه المجموعة، التي تضم أكثر من نصف مليون شخص فروا من أفغانستان بعد أن استعادت طالبان السلطة في أغسطس 2021، أصبحت الآن في مرمى السلطات الباكستانية.

الفرار من أفغانستان

منذ انقضاء الموعد النهائي في نوفمبر2023 بدأت السلطات المحلية والشرطة حملة قمع غير مسبوقة في جميع أنحاء البلاد، حيث قاموا بمضايقة الأفغان واحتجازهم وإساءة معاملتهم بشكل غير قانوني، بما في ذلك أولئك الذين يحملون وثائق قانونية وأدلة تسجيل، كما استولوا على الممتلكات ودمروها.

أجبرت الحملة آلاف اللاجئين الأفغان على الاختباء، وعاد ما يقدر بنحو 450 ألف أفغاني، بعد مطاردتهم وخوفهم على سلامتهم إلى أفغانستان والمصير الغامض الذي ينتظرهم في البلد الذي أرادوا الفرار منه.

مصير غامض

ووفق المجلة الأمريكية، فلا علاقة لهذه الحملة القمعية بالهجرة غير الشرعية أو بضغوط استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين، بل إنها تعكس خلافاً متزايداً بين إسلام أباد والنظام في كابول، فمنذ عام 2021، عانت باكستان من موجة من الهجمات التي شنتها حركة طالبان، المعروفة أيضًا باسم حركة طالبان الباكستانية.

وهذه الجماعة المسلحة، تختلف عن حركة طالبان الأفغانية لكنها مرتبطة بها، وتقوم منذ أكثر من 15 عامًا بضرب أهداف باكستانية، باستخدام ملاذات آمنة داخل أفغانستان، خاصة منذ عام 2021. وقد حاولت باكستان عبثًا إقناع حركة طالبان الأفغانية، بالتحرك لكبح جماح حركة طالبان الباكستانية. لكن طالبان لم تتعاون بشكل كامل، إذ كانت تريد من باكستان أن تتفاوض مع حركة طالبان الباكستانية وتستجيب لمطالب الجماعة.

حركة طالبان

في الحقيقة فإن التهديد الإرهابي الذي تواجهه باكستان هو من صنعها، نتيجة لقرارها غير المدروس بدعم حركة طالبان الأفغانية حتى في حين كانت قواتها متورطة في معارك مع النسخة الباكستانية من حركة طالبان. وبسبب شعورها بالإحباط، تقوم إسلام أباد الآن بطرد الأفغان لتعميق الأزمة الإنسانية عبر الحدود والضغط على كابول.

لكن هذه السياسة قد ترتد على الحكومة الباكستانية، فتنجح فقط في إحداث المزيد من الفوضى، وكل هذا في حين تحول البشر إلى كرة قدم سياسية يتم قذفها عبر الحدود.

105912935

قوات الأمن الباكستانية

ترحيب بارد

فر العديد من الأفغان إلى باكستان وإيران عندما غزا السوفييت بلادهم في عام 1979. ولجأ كثيرون آخرون إلى البلاد عندما وصلت طالبان إلى السلطة لأول مرة في التسعينيات. جاءت الموجة الأخيرة بعد عودة طالبان إلى السلطة في عام 2021.

وعلى الرغم من الترحيب باللاجئين الأفغان في باكستان في البداية، فقد تدهورت المواقف العامة تجاههم بمرور الوقت، خصوصا في المراكز الحضرية مثل كراتشي، أكبر مدينة في البلاد، حيث يثير تمركزهم ذكريات لا أساس لها من الصحة.

القلق والمخاوف

القلق الاقتصادي والمخاوف من الاستبدال الثقافي. العلاقات الثنائية المتوترة، والاعتقاد السائد بأن الأفغان يجب أن يكونوا ممتنين إلى الأبد لكرم باكستان، والصور النمطية التي تصور اللاجئين كمجرمين غير متحضرين، و”إرهابيين”، و”مهربين”، و”تجار مخدرات” تثير الشكوك والعداء والتمييز تجاههم في الحياة اليومية.

وقد دافع المسؤولون الباكستانيون عن عمليات الطرد باعتبارها تطبيقًا روتينيًا للقوانين الباكستانية دون تحديد أي من قوانين البلاد يتطلب الترحيل المفاجئ لأكثر من مليون لاجئ ومهاجر. وقد برر كبار أعضاء مجلس الوزراء هذه الإجراءات بادعاءات لا أساس لها بأن الأفغان متورطون في الإرهاب داخل باكستان.

الهجمات الإرهابية

من المؤكد أنه منذ استيلاء طالبان على كابول في عام 2021، شهدت البلاد ارتفاعًا كبيرًا في الهجمات الإرهابية التي تشنها حركة طالبان باكستان.

وتشير التقديرات الباكستانية الرسمية إلى ارتفاع بنسبة 60 % في مثل هذه الهجمات منذ أغسطس 2021، مما أدى إلى مقتل أكثر من 2200 شخص. لكن هناك القليل من الأدلة التي تربط تلك الهجمات بمجتمعات اللاجئين داخل البلاد.

ربما يعجبك أيضا