ما بعد كورونا.. “رحلة الذهاب للعمل” فكرة بالية قابلة للتغيير

كتبت – علياء عصام الدين

بعد أن أجبر انتشار فيروس كورونا  المستجد الكثير من أصحاب العمل والمؤسسات على نقل العمل إلى المنزل وتفعيل نظم العمل عن بُعد، يطرح هذا التغير تساؤلات عدة حول جدوى رحلة الذهاب اليومي إلى العمل.

لاشك أن العالم بعد كورونا سيتغير كثيرًا، وبمجرد انتهاء الفيروس ستظهر لا محالة نظم عالمية جديدة في شتى المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية لتصبح أكثر مواءمة لعالم كورونا وما بعده.

هكذا هي الطفرات الكبرى في التاريخ تسحق الكثير من الأفكار لتأتي مكانها أخرى أكثر فاعلية وعملية وقدرة على مجاراة التغيرات الطارئة، فالتجربة خير برهان، وفي كثير من الأحيان لا يجرب الإنسان إلا إذا أجبرعلى التغيير.

نظرة جديدة

في دراسة حديثة لاثنين من علماء المستقبل المحترفين نشرها موقع “ذا صن” البريطاني تم كشف الصورة التي قد يبدو عليها العالم بعد زوال الفيروس والقضاء عليه فيما يتعلق بقطاع الأعمال والعمل عن بُعد.

ويعتقد العالمان أننا قد نشهد اختلافات جوهرية في نظم العمل القديمة وساعاتها والتي اثبتت عدم جدواها في ضوء الانتقال للعمل عن بعد.

يقول توم تشيزرايت -أحد العلماء المختصين في هذا الشأن- سنشهد نهاية قريبة لساعات العمل الاعتيادية، وستدرك الشركات أن البشر ليسوا روبوتات، وأن العمل بطرق أكثر إنتاجية يتطلب تنظيم يوم العمل تبعًا لساعة الجسم الطبيعية، وقد نستغني في هذه الحالة عن رحلة العمل الشاقة اليومية لمقرات العمل.

أكثر إنتاجية

يرى توم أنه من الصعب أن نتخيل عودة جميع العاملين في المكاتب إلى حياتهم القديمة بهذه البساطة، لاسيما بعد أن يدرك أصحاب الأعمال والمدراء أن إنتاجية العاملين لم تتأثر بل قد تزداد بسبب توفير طاقة مهدرة كانت تذهب سدى في رحلة العمل اليومية. 

يقول الخبير المستقبلي إيان بيرسون: “سنرى المزيد من الناس في عالم ما بعد كورونا يتخلون عن رحلة الذهاب إلى العمل، وسيبقى الكثيرون في منازلهم في كثير من الأحيان، وبالتالي ستقل بشكل تلقائي الانتقالات، وكذلك استخدام المواصلات العامة الذي سيؤثر بدوره على البيئة ويقلل من الازدحام والتلوث وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.

ومن المتوقع في ظل هذه التغييرات أن تطرأ اختلافات على جوهر العمل وطبيعته وعن جدوى وجود مكان للعمل من الأساس، وإن كان ذلك قد يضيف للعمل أو يغير طبيعته، وإذا كان يمكن أن ينجز العمل دون قصور أو ارتباك أو خلل بشكل تام من المنزل.

وتؤكد الدراسات الحديثة أن العمل عن بعد يحسن إنتاجية الموظف بنسبة تصل إلى 13% وهي نسبة كبيرة قد تزيد من قوة الوضع التنافسي بالنسبة للشركة في السوق.

ويقلل العمل عن بعد نسبة غياب الموظفين بشكل كبير ففي حال إصابة الموظف بوعكة صحية خفيفة فإن العمل من المنزل قد يوفر له الراحة اللازمة التي تمنعه من الغياب.

ويتيح العمل من المنزل إمكانية قصوى في توظيف كفاءات عالية ونادرة من أي مكان في العالم دون التقيد بالمنطقة الجغرافية التي تنشط فيها الشركة فقط. 
أكثر توفيرًا

مما لاشك فيه أن العمل عن بعد يخفض التكاليف حيث توفر الشركات حال اعتمادها خيار العمل عن بُعد تكاليف شراء أو تأجير مقرات العمل وتكاليف المكاتب والمعدات والتجهيزات ولوازم مقر العمل فضلًا عن توفير النفقات الجارية كالكهرباء والإنترنت.

وليست ممارسات العمل عن بُعد فكرة جديدة أو مبتكرة فقد انتشرت في العديد من قطاعات الأعمال قبل ظهور الفيروس التاجي لكنها كانت مسبتعدة في كثير من الأحيان من بعض المؤسسات نظرًا لأنها لم تقم بتجربتها ولمخاوف عدم الالتزام والسيطرة من جانب ومشاكل التواصل من جانب آخر.

وينتشر نظام العمل عن بُعد في قطاعات التسويق وتطوير التطبيقات والمبيعات والصحافة الإلكترونية.

وقد ارتفعت نسبة أعداد العاملين من المنزل العام الحالي وفقًا لـ”جلوبال وركلبليس أناليتكس” إلى 140% عالميًا.

وفي تقرير لشركة تطوير نظم مؤتمرات الفيديو “أوللابس” ثبت أن 16% من شركات العالم وظفت العاملين عن بعد بشكل خاص.

وتوقعت منصة العمل عن بعد “أب ورك” أن تقوم 73% من المؤسسات والإدارات في العالم بتوظيف موظفين عن بعد بحلول 2028.

ووفقًا لتقرير”أوللابس” فإن العمل عن بُعد ملائم لأنواع معينة من الأعمال لاسيما تلك التي تتطلب أوقاتًا طويلة من البحث والتفكير والكتابة.

ربما يعجبك أيضا