ما بين قرار الحرب وتنافس النخب السياسية الروسية.. هل يسقط بوتين؟

عمر رأفت
ما بين قرار الحرب في أوكرانيا وتنافس النخب السياسية الروسية .. هل يسقط بوتين؟

ترى النخب السياسية في روسيا أن العملية العسكرية في أوكرانيا بمثابة حرب موسعة ضد حلف شمال الأطلسي (الناتو) وليست ضد كييف فقط.


ذكرت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية أن قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشن عملية عسكرية في أوكرانيا كان هدفه ترك بصمة واضحة في التاريخ.

وقالت المجلة الأمريكية إن قرار بوتين جاء في صالح أيضًا من جوانب أخرى، فأدى إلى توحيد النخب الروسية جميعها لدعم القرار، بغض النظر عن قناعاتهم السياسية والأيدولوجية المختلفة.

هل يرحل بوتين؟

أشارت ناشيونال إنترست إلى أن صقور روسيا يعدون الحرب ليست مع أوكرانيا فقط، ولكنها مع الناتو على نحو كامل، لكنهم يخشون الهزيمة لأنه سيترتب عليها تراجع نفوذ موسكو العالمي، وزعزعة الاستقرار في الداخل.

وقالت النخب الروسية ومنها الكتلة الليبرالية إن روسيا يجب أن تكون في موقف قوة، وتحقق انتصارات في تلك الحرب من أجل التفاوض على رفع العقوبات المفروضة عليها، وعلى الكيانات الخاصة بها.

وتحدثت المجلة الأمريكية عن التقارير التي تفيد بإمكانية عزل بوتين من منصبه، إما بسبب انقلاب عليه أو بسبب مرضه، وقالت إن تلك التقارير ما هي إلا سوء فهم للهيكل السياسي الروسي، والكيانات التي تعمل في ظل بوتين.

ما بين قرار الحرب في أوكرانيا وتنافس النخب السياسية الروسية .. هل يسقط بوتين؟

ما بين قرار الحرب في أوكرانيا وتنافس النخب السياسية الروسية.. هل يسقط بوتين؟

تنافس الكيانات السياسية في روسيا

في الوقت الذي يوجد فيه معسكرين أيديولوجيين رئيسين بروسيا، هما الليبراليين والصقور، فإنه يوجد أيضًا العديد من الكيانات التي تتنافس على النفوذ السياسي، وتتشكل من خلال العلاقات الأسرية، والمصالح التجارية، والصداقات الشخصية، والمنافسات المشتركة.

وحسب ناشيونال إنترست، يمكن تقسيم النخبة الروسية إلى 3 فئات بناءً على أدوارها ومسؤولياتها، “سيلوفيكي، وتكنوقراط، وأوليجارشية”، ويمثل سيلوفيكي وكالات إنفاذ القانون والأمن.

ورغم أن تلك النخب تميل إلى مشاركة وجهات نظر متشابهة، ونما تأثيرها الجماعي بقدر ملحوظ في ظل حكم بوتين، فإنه يوجد منافسة شديدة بينها. وتراقب سيلوفيكي أعضاء العشائر المتنافسة والتحقيق معهم، ومحاكمتهم مع حماية حلفائهم.

بوتين يحقق التوازنات

يوفر التكنوقراط نفوذًا بيروقراطيًّا، ويمكنهم المساعدة في تأمين العقود والإعانات الحكومية، ولكن كل هذا بتصاريح من أجهزة الأمن. في ما اعتاد الأوليجارشية البارزين العمل في الأجهزة الأمنية، مثل رئيس روسنفت، إيجور سيتشين، والرئيس التنفيذي لشركة الدفاع روستيك، سيرجي تشيميزوف.

وقالت ناشيونال إنترست إن تلك الكيانات أو النخب تحاول التنافس في ما بينها من أجل نفوذ وسلطة أوسع وأكبر، وسط بيئة يتفشى فيها الفساد، هذا الأمر يستغله بوتين على نحو ذكي، ويعمل من خلاله على الحفاظ على توازن القوى ومنع أي فصيل من أن يصبح أقوى من الآخر.

ما بين قرار الحرب في أوكرانيا وتنافس النخب السياسية الروسية .. هل يسقط بوتين؟

ما بين قرار الحرب في أوكرانيا وتنافس النخب السياسية الروسية.. هل يسقط بوتين؟

هيكلة جديدة بسبب الحرب الأوكرانية

ضربت المجلة الأمريكية مثالًا على ذلك، في عام 2016، أنشأ بوتين الحرس الوطني، برئاسة حارسه الشخصي السابق، فيكتور زولوتوف، ليكون قوة موازية لوزارة الداخلية الروسية، وتلك القوة يتبعون الرئيس الروسي ويعطونه ثقلًا حال وقوع تظاهرات.

وكان يوجد تعديلات بالجيش الروسي خلال الفترة الأخيرة، فجرى تعيين العقيد ألكسندر لابين، رئيسًا لهيئة الأركان العامة للقوات البرية، وأصبح، فاليري جيراسيموف، رئيسًا للأركان العامة الروسية، وأدى ذلك إلى إعادة تأكيد سيطرة وزارة الدفاع الروسية وكبح جماح مؤسس فاجنر، لفجيني بريجوزين، ورئيس جمهورية الشيشان، رمزان قديروف.

وحسب ناشيونال إنترست، تحدث عدد قليل من النخبة ضد الحرب واستمرارها، مثل ميخائيل فريدمان وأوليج ديريباسكا، وهذا بعدما فقدوا نفوذهم في روسيا، وفرض عليهم الغرب عقوبات.

الانقلاب ضد بوتين لن ينجح

ذكرت المجلة الأمريكية أن أي انقلاب ضد بوتين الآن لن ينجح، بل أن الكيانات كلها تحاول إثبات ولائها للرئيس الروسي، وجميعها تخضع لمراقبة صارمة من خدمة الحماية الفيدرالية FSO، وهي وكالة أمنية مكلفة بحماية بوتين. وسيؤدي الانقلاب على بوتين، حال حدوثه، إلى صراع قوي على السلطة بين العشائر.

وقد يؤدي هذا الصراع إلى عدم الاستقرار السياسي، الذي قد يضعف المجهود الحربي الروسي. ومن ناحية أخرى، فإن معسكر سيلوفيكي ينظرون إلى الهزيمة في أوكرانيا على أنها تهديد وجودي، لذا فانهم يواصلون دعم بوتين.

وذكرت ناشيونال إنترست أنه في حال رحيل بوتين، فإن خليفته يمكن أن يكون له علاقات وثيقة مع سيلوفيكي، مثل النائب الأول لرئيس الأركان، سيرجي كيرينكو، أو عمدة موسكو، سيرجي سوبيانين.

هزيمة روسيا ستكون ذلًا

وصفت المجلة الأمريكية أن الهزيمة العسكرية لروسيا في أوكرانيا ستكون بمثابة إذلال في داخل وخارج روسيا، وستفقد موسكو مصداقيتها بالنظر إلى الخسائر الكبيرة، والخسائر الاقتصادية التي قد تتكبدها.

وأشارت ناشيونال إنترست إلى أن هذا الأمر يمكن أن يؤدي كذلك إلى زيادة الاحتجاجات، والحركات الانفصالية التي من شأنها زعزعة استقرار موسكو، وربما تؤدي إلى تفكك روسيا كليًّا.

وبالنسبة إلى الصقور الروسية، أشارت المجلة الأمريكية إلى أن الصراع الدائر الآن بمثابة حرب ضد الولايات المتحدة والغرب، وقد بدأ العديد منهم حياتهم المهنية في الاستخبارات السوفيتية أو الكي جي بي، ويعدون توسع الناتو استمرارًا للحرب الباردة، وتهديدًا مباشرًا للأمن الروسي.

معاداة الولايات المتحدة

تلوم الصقور الروسية الولايات المتحدة على تأجيج المشاعر المعادية لروسيا في أوكرانيا، من خلال دعمها للثورة البرتقالية 2004-2005 وانتفاضة ميدان 2013-2014، والتي يعدونها انقلابًا مدعومًا من الولايات المتحدة.

وصرح سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، وهو يعتبر ثاني أقوى شخصية في روسيا، بأن الحرب في أوكرانيا بمثابة مواجهة عسكرية ضد الناتو، مضيفًا أن الولايات المتحدة تريد إضعاف روسيا وتدميرها.

ربما يعجبك أيضا