مبادرة فرنسية للحل.. هل يتحرر انتخاب رئيس لبنان من سطوة إيران؟

يوسف بنده

الفشل المتكرر لإتمام أي استحقاق سياسي دخل لبنان يعني أن هذا البلد بات رهن التفاهمات الإيرانية مع القوى الدولية والإقليمية.


أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الأربعاء الماضي 21 ديسمبر 2022، أنه لا حل لأزمات سوريا ولبنان والعراق إلا بتقليص دور إيران.

ولطالما فشل برلمان لبنان في إتمام أي استحقاق سياسي سريعًا، حتى إنه لم يستطع انتخاب رئيس للجمهورية في 10 مناسبات منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في 31 أكتوبر الماضي.. فماذا يمكن أن تفعل فرنسا؟

لبنان بلا رئيس.. ما دور إيران؟

تلعب إيران عبر حليفها الداخلي بلبنان “حزب الله”، دورًا واضحًا في فرض هيمنتها على أي استحقاق سياسي داخل بيروت، وهو ما اعترف به المرشد الإيراني أخيرًا. ولا يزال لبنان من دون رئيس منذ نحو 3 أشهر، رغم انعقاد 10 جلسات حتى الآن، بسبب الانقسامات الحادة بين نواب “حزب الله” الموالي لإيران، وخصومهم، حسب تقرير لـ”فرانس 24“.

وتدير البلد الذي يعاني انهيارا اقتصاديًّا حادًّا، حكومة مستقيلة محدودة الصلاحيات، برئاسة نجيب ميقاتي، تتولى تصريف الأعمال. ويعني هذا حاجة ملحة إلى المبادرات الخارجية لإنقاذ الوضع الاقتصادي، من خلال تشكيل أركان النظام السياسي، بانتخاب رئيس ومن بعده رئيس وزراء لتشكيل الحكومة الجديدة.

AP20245464388739

مبادرة فرنسية

تحريكًا للملف اللبناني، قال ماكرون في تصريحات إلى صحفيين خلال عودته بطائرته إلى فرنسا من “مؤتمر بغداد 2” بالأردن، إنه سيطلق مبادرات في الأسابيع المقبلة لدعم لبنان، لكنه نفى أن تكون على شكل مؤتمر دولي لدعم هذا البلد العربي الغارق في أزمات سياسية واقتصادية متفاقمة.

وحسب تقرير لـ”سكاي نيوز“، صرّح ماكرون: “سنعمل على مشاريع ملموسة فقد تطرقت مع العاهل الأردني إلى مشروع في قطاع الكهرباء للبنان”. وأضاف: “ما يهمني هو اللبنانيين واللبنانيات، لأن الطبقة السياسية التي تعيش على حساب البلد ليست لديها الشجاعة للتغيير”.

3 26 800x549 1

تحقيق التوازنات

يقول الكاتب اللبناني، فارس خشّان في إذاعة «راديو سوا»، إنه يبدو جليًّا أنّ فرنسا والقوى الإقليمية التي تشاركها الاهتمام بلبنان قد انتهت من “هندسة” الحل لمشكلة لبنان، وإن الحلّ يقوم على معادلة مركبة، بحيث يكون الاتفاق، في آن واحد، على رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة والتوازنات في مجلس الوزراء.

وهذا يعني أنّه إذا كانت لـ”حزب الله”، ومن خلفه إيران، الغلبة في شخص رئيس الجمهورية، ستكون الغلبة للقوى المناوئة في شخص رئيس الحكومة، مع مراعاة التوازن في توزيع القوى بمجلس الوزراء، شرط أن تلتزم جميعها ببرنامج إصلاحي اقتصادي حدد إطاره صندوق النقد الدولي.

إيران والعالم العربي .. لبنان نموذجا

ويوضح خشان أنه لتمرير هذا التصوّر، تراهن فرنسا على قنوات اتصالها مع “حزب الله” التي تعتقد بأنها أثبتت فاعليتها في المرحلة النهائية لمفاوضات اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل. وتعتبر فرنسا أنه لا بد من العمل على “تحييد” أي قوة يمكن أن تقف حجر عثرة أمام تنفيذ هذه الخطة.

بأمر إيران

كتبت جنان شعيب في موقع إذاعة “صوت بيروت“، تتهم “حزب الله” بتعمد تعطيل الحياة في لبنان، إن “لبنان لا يزال موقعًا لتهريب السلاح وفتح جبهات قتال وتجارة المخدرات، ما يصب في مشروع حزب الله التخريبي لعزل لبنان عن محيطه العربي، وبالتالي المزيد من التدهور الاقتصادي وشل البلاد”.

وأضافت أن مصير لبنان بات بأمر النظام الإيراني في طهران، موضحة أنه “من الطبيعي جدًّا ألا يسعى حزب الله سياسيًّا عبر نوابه بالسلطة للاستقرار الدستوري، إلا إذا أصدر نظام الملالي الإيراني قراره بالشأن اللبناني، وفي هذه الحالة قد نشهد انفراجات في المنحى الرئاسي”.

670651 1853673220

ماذا يريد «حزب الله»؟

يقول المحلل السياسي، رفيق خوري، في موقع “إندبندنت عربية“،  إنه لا انتخاب لرئيس الجمهورية في لبنان، لأن حزب الله يصر على رئيس يطمئن المقاومة الإسلامية التي تفعل ما تريد، ولو على حساب لبنان”، معتبرًا الحكومة الحالية لتصريف الأعمال مجرد “بطة عرجاء”، أي عاجزة عن انتشال لبنان من أزماته.

ويضيف خوري أن الإشكالية في موضوع “حزب الله” أنه ليس مجرد حزب، بل فرقة في الحرس الثوري الإيراني، يؤمن بولاية الفقيه، ويخدم المشروع الإقليمي الإيراني، باعتبار أن “سلاحه وتمويله وأكله وشربه من إيران” كما يعترف الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.

لبنان الضعيف

حسب تقرير لمعهد واشنطن الأمريكي، تنظر إيران إلى لبنان كرهينة، وبالتالي لا ترى حاجة إلى اعتماد إصلاحات سياسة اجتماعية واقتصادية للبنان، أو للعراق أو سوريا في هذا الصدد. وعلى العكس من ذلك، يعني بناء لبنان مزدهر نشوء دولة أكثر قوة، الأمر الذي لا يصب في مصلحة إيران و”حزب الله”.

وبخصوص الصراع على اسم رئيس الدولة، يقول التقرير إن هدف “حزب الله” اليوم يتمثل بالحفاظ على سيطرته واستعادة القوة التي فقدها في الانتخابات النيابية، من خلال فرض خياره للرئيس المقبل ورؤيته للحكومة المقبلة، ومنع أي محاولات لإصلاح المؤسسات في لبنان.

IRAN

احتجاجات إيران

تواجه إيران حركة احتجاجات شعبية منذ منتصف سبتمبر الماضي. وحول علاقتها بانتخابات الرئاسة في لبنان، يقول الكاتب عوني الكعكي في مقاله بصحيفة “الشرق” اللبنانية، إنه لا انتخاب لرئيس جمهورية لبنان ما دامت الثورة في إيران، وإن الاستحقاق الرئاسي لن يكون لبنانيًّا، بل سيكون اتفاقًا بين الولايات المتحدة وإيران.

ويوضح الكعكي في مقال آخر، أن النظام الإيراني يعزز نفوذه وأزماته الخارجية ليجبر الداخل على الالتفاف حوله، بدلًا من التفرغ للسلطة ونقدها. ويبرهن الكعكي على كلامه بأن إيران استفادت من حربها مع العراق، وكذلك من الغزو الأمريكي للعراق، وكل ذلك عزز نفوذ النظام بالخارج وشعبيته بالداخل.

ربما يعجبك أيضا