من بلوشستان إيران.. جيش العدل يهدد نظام الملالي

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي

بين الحين والآخر، تعلن جماعات مقاومة سنية في إيران عن مهاجمتها لمليشيا الملالي والحرس الثوري في مناطق إيرانية، إعلاناً بالرفض للقمع الإيراني والتهميش الممنهج ضد الأقليات السنية واعتبارهم جماعات إرهابية.

وُلدت تلك الجماعات من رحم المعاناة واضطهاد نظام الخميني، ليتجرع كأسًا من مرارة الشعب السوري واليمني وما عانياه من همجية المليشيا الشيعية الداعمة لإيران.

ينشط جيش العدل في محافظة سيستان وبلوشستان، تقول إنها تقاتل القوات الإيرانية لاستعادة حقوق البلوش وأهل السنة، وتعتبرها طهران جماعة إرهابية، وقد أعلن مسؤوليته، اليوم الأربعاء، عن هجوم استهدف الحرس الثوري الإيراني، مما أسفر عن مقتل 20 شخصًا، وقال الحرس الثوري، في بيانه اليوم، إن حافلة تقل أعضاءه تعرضت لهجوم انتحاري بسيارة ملغومة.

التأسيس

جماعة جيش العدل، وهي جماعة سنية معارضة إيرانية في إقليم سيستان وبلوشستان.

بدأت الجماعة، نشاطها بعد أشهر من إعدام عبد المالك ريغي زعيم حركة “جند الله” البلوشية بعد اعتقاله خلال المحاولة للسفر إلى قرغيزستان عبر إرغام الطائرة التي كانت تقله على الهبوط في “بندر عباس” جنوبي البلد.

تقول حركة جيش العدل: “إنها تقاتل القوات الإيرانية لاستعادة حقوق أهل السنة في البلد وتتهم السلطات الإيرانية بممارسة مخططات طائفية في الإقليم وباقي المناطق التي يقطنها السنة”.

وكانت حركة جيش العدل، قد قتلت 14 من حرس الحدود في 27 أكتوبر 2013، وإسقاط مروحية تابعة للحرس في ٢٦ نوفمبر 2013 على الحدود مع باكستان. وردت إيران بإعدام 16 من السجناء البلوش.

قائد الجيش هو “عبد الرحیم ملازاده”، الذي يصدر بياناته باسم “صلاح الدین فاروقي”، أمير جيش العدل، من مواليد 1979 بمدينة “راسك” التابعة لإقليم بلوشستان، ويعتبر من أبرز قاعدة المقاومة في بلوشستان، وكان ضمن جند الله التي أسسها عبد المالك ريغي، والآن حاج صلاح الدين يقود جيش العدل البلوشي على نهج الأمير ريغي.

ولأمير جيش العدل علاقات وثيقة بقبائل البلوش في منطقة بلوشستان الباكستانية، حيث توجد صلة قرابه وعاش عددًا من السنوات بين أبناء هذه المنطقة؛ الأمر الذي يعطي له دعمًا قويًا من بلوش باكستان والذين يعانون أيضا من اضطهاد من قبل الحكومات الباكستانية.

ويعتبر هو القائد والمخطط الاستراتيجي لعمليات جيش العدل في بلوشستان، والتي قام خلال ما يقرب من عامين من تأسيس التنظيم بالعشرات من العمليات المسلحة ضد قوات الحرس الثوري الإيراني، والمسؤولين والمصالح الإيرانية بإقليم سيستان وبلوشستان.

وقد ألحقت طهران الإقليم بأراضيها عام 1928، ويعد من أكبر المحافظات إيرانية، بينما انضم جزء من الإقليم إلى باكستان بعد عام على قيامها عام 1947 ليصبح رابع أقاليمها.
 
هيراركية الجماعة

يتشكل “جيش العدل” من ثلاث كتائب تحمل أسماء ثلاثة من عناصر الجماعة الذين قتلوا في مواجهات عسكرية مع قوات النظام الإيراني، أو أعدموا من قبل النظام في السجن، وهم: عبد الملك ملا زاده، نعمت الله توحيدي، والشيخ ضيائي، بالإضافة إلى كتيبة أمنية تقوم بمهام الرصد والاطلاع.

ولقائد “جيش العدل” علاقات وثيقة بقبائل البلوش في منطقة بلوشستان الباكستانية وتربطه ببعضهم  صلة قرابة وعاش بضع سنوات بينهم، ويعتبر فاروقي القائد والعقل الاستراتيجي للجماعة في بلوشستان.

المرجعية الفكرية

يعرّف “جيش العدل” نفسه على صفحته الرسمية بموقع “تويتر” بأنه “حركة جهادية في بلاد فارس تسعى لإسقاط الحكومة الإيرانية وتحكيم الشريعة الإسلامية”.

وفي حوار مع صحيفة “الرياض” السعودية نشر يوم 15 أغسطس/ آب 2015، يصف قائد جيش العدل فاروقي جماعته بأنها “منظمة دفاعية وعسكرية أُسست لصون الحقوق الوطنية والدينية للشعب البلوشي وأهل السنة في إيران”.

وترفع جماعة “جيش العدل” مبدأ الجهاد من أجل استعادة الحقوق، وتتهم في بياناتها السلطات الإيرانية بممارسة مخططات طائفية في بلوشستان وباقي المناطق التي يقطنها السنة في إيران.

ويقول قائد الجماعة في ذات الحوار إن طهران عمدت إلى عدم إشراك الشعب البلوشي في نظام حكم الدولة الإيرانية، وإنها ترتكب ما أسماها مظالم وجرائم تتمثل في استهداف دينه وأرضه وهويته القومية.

العمليات المنفذة

نفذت جماعة “جيش العدل” – حسب موقعها على تويتر – عدة هجمات ضد قوات الأمن الإيرانية، ففي 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2013 قتلت 14 من الحرس الثوري الإيراني، وفي 26 نوفمبر/ تشرين الثاني التالي أكدت الجماعة إسقاطها مروحية.

وفي 23 مارس 2014 أعدمت عنصرًا من الحرس الثوري الإيراني، وفي 6 فبراير/ شباط 2016 خطفت خمسة إيرانيين قرب الحدود مع باكستان وجرى نقلهم – حسب مزاعم إيرانية – إلى  باكستان.

غير أن أبرز العمليات التي استفزت إيران كانت يوم 26 أبريل 2017 في منطقة مير جاوه، حيث قتل عشرة من عناصر الحرس الثوري بينهم ثلاثة ضباط، وتبنت الجماعة الإيرانية المعارضة المسؤولية عن الحادث.

وفي أبريل 2017 حذرت إيران من أنها ستضرب قواعد من وصفتهم بالإرهابيين إذا لم تتصد باكستان لهم، جاء ذلك بعد أيام من هجوم شنته جماعة “جيش العدل” أسفر عن مقتل عدد من عناصر حرس الحدود الإيراني.

وقال رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري إن المناطق الحدودية لباكستان مع إيران تحولت إلى ملاذ ومعقل لتدريب وتجهيز من سماهم بالإرهابيين.

وتنفي باكستان باستمرار وجود ما يسمى جيش العدل على أراضيها أو اتخاذ أراضيها منطلقا لعناصره، وتطالب في المقابل طهران بتزويدها بأي معلومات عن الجماعة في باكستان لتتخذ هي الإجراء المناس.

واحتلت إيران إقليم بلوشستان عام 1928 تحت وطأة الاستعمار البريطاني ويضمّ منطقتي سيستان وبلوشستان وتعتبره إيران أكبر ثالث محافظة ضمن جغرافيتها وتبلغ مساحة الإقليم (ضمن جغرافية ما تسمّى بإيران) 247,000 كيلومتر مربع، بينما احتلّت باكستان 437,190 كيلومتر مربع من الإقليم عام 1947، كما تحتل أفغانستان 80,000 كيلومتر مربع منذ عام 1893.
   

ربما يعجبك أيضا