ما سبب تغير استراتيجية الأمن القومي الياباني إلى الأبد؟

محمد النحاس
مَن وراء تغيير استراتيجية الأمن القومي الياباني إلى الأبد؟ وما التداعيات؟ 

التحول في سياسة اليابان الدفاعية.. كيف بدأ؟ وما أسبابه؟ وما علاقة الصين به؟


كان تيتسورو كورو هو المدير العام لأمانة وزير الدفاع الياباني عام 2013، عندما بدأت إدارة رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي في تشكيل أمانة مجلس الأمن القومي.

وفي هذا الصدد، يستعرض التقرير، الذي نشر بصحيفة (Nikkei asia) المتخصصة في الشأن الآسيوي، أمس الثلاثاء 11 إبريل 2023، قصة التحول في سياسة اليابان الدفاعية إلى الأبد، فما تفاصيل هذا التحول؟ وما علاقة الصين به؟ وكيف غيّر نمط اليابان؟

بداية تشكيل المجلس 

في عام 2013 بدأت إدارة رئيس الوزراء السابق، شينزو آبي، في تشكيل مجلس الأمن القومي، وذلك بعد عقود من التزام طوكيو سياسة تنأى بموجبها عن النهج الهجومي، وتكتفى بالاحتفاظ بقدرات دفاعية محدودة، وفق ما ينص عليه الدستور الياباني، واكتفت طوكيو بهذا النهج إثر دورها في الحرب العالمية الثانية. 

ولكن هذا النهج بدأ في التغير عندما أنشأت اليابان مجلس الأمن القومي، في ظل تنامي المخاطر الجيوسياسية بالمنطقة، وعند تشكيل المجلس، يحكي المستشار الخاص لأمانة الأمن القومي في اليابان ونائب وزير الدفاع السابق، تجربته آنذاك.

اقرأ أيضًا: استراتيجية الأمن القومي الياباني.. تحول تاريخي في العقيدة العسكرية

ويقول تيتسورو كورو: “طلب مني مكتب رئيس الوزراء إرسال أفضل الموظفين لدينا إلى الأمانة العامة الجديدة، وكان بعض زملائي قلقين من أن الوزارة ستصبح فارغة إذا أرسلنا أكثرهم كفاءة، ولكننا فعلنا ذلك على كل حال”، وفق التقرير.

صياغة تصور أمني

بحسب النائب السابق للأمين العام لمجلس الأمن القومي نوبشيجي تاكاميزاوا، فإن إنشاء المجلس مكّن الحكومة من صياغة تصوّر للوضع الأمني ​​الدولي والإقليمي، بما في ذلك التحديات الخطيرة التي تمثلها الصين بالمنطقة، مضيفًا: “كان هذا التغيّر ثوريًّا”.

وأوضح أن تبادل المعلومات الاستخباراتية الحساسة بين المسؤولين مكّن اليابان من إجراء “تقييم شامل”، أرسى بعد ذلك أساسًا جيدًا لتبادل وجهات النظر مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول ذات التفكير المماثل”، حسب ما نقل التقرير. 

الخلاف بين بكين وطوكيو

الخلاف بين طوكيو وبكين ليس جديدًا، ولكن ما دفع اليابان إلى تغيير سياستها، زيادة هذه التوترات، ففي عام 2010، أوقفت بكين جميع الزيارات الحكومية مع طوكيو، إثر اصطدام قارب صيد صيني بسفينة خفر السواحل اليابانية قرب جزر سينكاكو التي تديرها اليابان، ومختلف على سيادتها مع الصين.

وبحسب التقرير، فقد حرضت الصين على تظاهرات ضد اليابان عام 2012، في ظل خلافات مع اليابان على جزر سينكاكو، ويلفت المسؤول الدفاعي السابق، تاكاميزاوا، إلى أن اليابان شعرت في ذلك الوقت بتصميم قوي من الصين على تغيير الوضع الراهن بالقوة، كما كانت الصين تُسرّع من أنشطتها في بحر الصين الجنوبي. 

وأضاف: “قيّمنا من خلال هذه الملاحظات، أن الصين سوف تمضي قدمًا في هذا المسار، وتشاركنا مخاوفنا مع الأمريكيين، الذين كانوا منشغلين في ذلك الوقت بمحاولة التواصل مع الصين”، كما نقل التقرير. 

محورية الدور الياباني في المنطقة

يعتقد مسؤول في مجلس الأمن القومي الياباني، طلب عدم ذكر اسمه، أنه “لسنوات اعتقد الشعب الياباني أن الطريق إلى السلام يجب أن يأتي عن بالتزام الحياد، ولكن من الواضح أن السلام لن تصل إليه اليابان بأيدٍ عارية، بل لا بد من تحقيق الردع اللازم لتحقيقه”.

وظهر هذا جليًّا في استراتيجية اليابان للأمن القومي الأخيرة، كما أنه، ووفق المقال، فاجأ فوميو كيشيدا واشنطن بسياسته، حيث كان يعتبر بداية أقرب لنهج “الحمام”، وربما أكثر تعاطفًا مع الصين من آبي، ولكنه كان سريعًا في إدانة موقف الروس من الحرب في أوكرانيا، والالتحاق بسيل العقوبات ضد روسيا.

وعلاوةً على ذلك، فقد تعهد فوميو كيشيدا برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، واتخذ قرارًا بالسعي لاكتساب قدرات هجومية مضادة، بدلًا من الاقتصار على الدفاعية.

بيئة متغيرة 

يرى الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية لشرق آسيا بجامعة إنديانا، آدم ليف، في مقال له، بصحيفة واشنطن كوارترلي أن القوى الدافعة لتطور سياسة الأمن القومي لليابان أكبر بكثير من أي زعيم، مردفًا: “المحرك الأساسي للتحول في سياسة الدفاع اليابانية، بيئتها الخارجية المتغيرة”. 

ولم تكن لغة استراتيجية الأمن القومي ودية، في الحديث عن الصين، ورأتها تهديدًا جيوسياسيًّا، وأدانت “عدائية الحزب الشيوعي”، وحذر مسؤول في مجلس الأمن القومي، من أن ميزان القوى الإقليمي في الوقت الحالي، لا يصب في صالح الولايات المتحدة وحلفائها.

ويقول المسؤول الذي لم يسمه التقرير: “الصين لديها 2000 صاروخ في المنطقة، وأمريكا صفر”، وذلك إثر المعاهدات التي وقعتها واشنطن مع الاتحاد السوفيتي للحد من سباق التسلح النووي، في حين عملت الصين على ما يعرف باستراتيجية منع الوصول والحرمان من الدخول (‭ .(‬A2/‭AD

اقرأ أيضا: في تحول تاريخي.. اليابان تقدم مساعدات للجيوش الأجنبية

ربما يعجبك أيضا