هل تستطيع إيران تعويض إمدادات النفط والغاز الروسية؟

آية سيد

بعد فرض عقوبات على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، تبحث الدول عن بديل لإمدادات الطاقة الروسية، ويأمل البعض أن تستطيع إيران تعويض تلك الإمدادات.. فما إمكانية أن يتحقق ذلك؟


يأمل الكثيرون أن يسمح الاتفاق النووي الإيراني الجديد لطهران بأن تتولى تعويض إمدادات الطاقة الروسية إلى الغرب، التي تعد سلاح موسكو في وجه أوروبا.

لكن محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني والحرب الروسية الأوكرانية أصبحتا متشابكتين في نظام جيوسياسي جديد. في هذا الإطار أورد تقرير في صحيفة آسيا تايمز، بتاريخ 9 مارس الحالي، أن الاتفاق النووي الإيراني الجديد سيعيد الإمدادات الإيرانية إلى الأسواق العالمية.

الاستفادة من العقوبات على روسيا

أفاد التقرير أن المثقفين الإيرانيين والنقاد الغربيين رأوا أنه إذا استخدمت إيران أوراقها بالطريقة الصحيحة فسوف تتمكن من استغلال عزلة روسيا الجديدة عن النظام المالي العالمي وأسواق الطاقة العالمية، لإحياء اقتصادها المتداعي، وذلك عن طريق صادرات الطاقة التي تملأ الفراغ الذي خلّفته الإمدادات الروسية الخاضعة للعقوبات.

وبحسب التقرير فإن إيران تمتلك ثاني أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي بعد روسيا، ورابع أكبر احتياطي نفط مؤكد في العالم. وإذا أُعيد إحياء الاتفاق النووي قد تصبح إيران المُصدِّر الرئيس للنفط والغاز، مثلما كانت في الفترة التي أعقبت توقيع الاتفاق النووي الأصلي عندما سجل اقتصادها معدل نمو قدره 12.5% في 2016-2017.

هل تستطيع إيران تعويض الإمدادات الروسية؟

ذكر التقرير أن الخبراء يعتقدون أن الحالة المتدهورة لبنية الطاقة التحتية في إيران وحقيقة أن 80% من الغاز الطبيعي الذي تنتجه يُستهلك محليًّا تعني أنها لا تستطيع أن تحل محل الإمدادات الروسية على الفور. هذا يفسر جزئيًّا لماذا تتردد أوروبا في فرض عقوبات شاملة على صادرات الطاقة الروسية، لا سيما الغاز الطبيعي الذي يمثل 40% من واردات أوروبا.

وقال المدير الإداري لشركة “أورينت ماترز” للاستشارات ببرلين، ديفيد جليلفاند، “في حالة الغاز الطبيعي تواجه إيران عقبات هائلة في البنية التحتية، لأنها متصلة بخطوط أنابيب بعدد قليل جدًّا من الدول الإقليمية، أبرزها العراق وتركيا، ولا تمتلك أي محطات للغاز الطبيعي المُسال. وعلاوة على هذا تصارع طهران من أجل تلبية الطلب المحلي ولا تملك القدرة على زيادة الصادرات في المدى القريب والمتوسط”.

رأي مختلف

على الجانب الآخر رأى عالم الجيولوجيا وعضو هيئة التدريس بكلية جاكسون للدراسات الدولية بجامعة واشنطن الأمريكية، سكوت مونتجومري، أن إيران ستكون قادرة على أن تحل محل الصادرات الروسية في فترة من 6 إلى 8 أشهر، بحسب ما ورد في التقرير.

وقال مونتجومري: “في تقديري إذا رُفعت العقوبات الآن فإن إيران تستطيع إنتاج ما يكفي لتصدير 1-1.2 مليون برميل في اليوم, ومضاعفة هذا الرقم قبل نهاية 2022 الحالي. وإذا ذهب معظم هذا الإنتاج إلى أوروبا يمكن أن يحل محل معظم النفط الروسي الذي يبلغ 2.4 مليون برميل في اليوم”.

التطلُّع شرقًا

لفت التقرير إلى أن المؤشرات التي تدل على أن طهران ستسعى إلى إقامة ائتلافات جديدة، بعيدًا عن علاقاتها مع الصين وروسيا القليلة، إن وُجدت. وقال مدير برنامج إيران في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، أليكس فاتانكا، إن إيران تحتاج إلى عامل واحد لكي تصبح مُوّرد طاقة أساسيًّا إلى أوروبا وهو “قرار سياسي في أوروبا وفي طهران بأن يعدَّا أنفسهم شركاء استراتيجيين في قطاع الطاقة”. لكنه قال إن الإرادة السياسية ليست موجودة في الوقت الحالي.

وأضاف فاتانكا أن “طهران تأمل في أن سياسة التطلع شرقًا نحو الصين ستنقذ قطاع الطاقة، لكن لا جدوى في أن تصبح إيران لاعب نفط ذا عميل واحد”. وأشار التقرير إلى أن مراقبين آخرين يرون أنه من المستبعد أن تبتعد إيران عن سياسة التطلع شرقًا، لأن عدم ثقتها بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا جزء أساسي في عقلية إدارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي.

تحذير من الاعتماد على النفط الإيراني

في هذا السياق ذكر موقع قناة سي إن بي سي الأمريكية، في 9 مارس الحالي، أن زعيم الأقلية في مجلس النواب الأمريكي، كيفين مكارثي، صرّح بأن الولايات المتحدة الأمريكية تحتاج لرفع إنتاج النفط بدلًا من التطلع إلى إيران أو فنزويلا، اللتين تحكمهما أنظمة ديكتاتورية. وتساءل مكارثي: “لماذا تأخذ مليارات الدولارات التي تمنحها للرئيس الروسي وتعطيها لديكتاتور آخر يموّل الإرهاب في أنحاء العالم؟”.

وطالب مكارثي، مثل زملائه الجمهوريين، بأن تنتج أمريكا المزيد من النفط. وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية بإمكانها، وينبغي عليها، أن تصبح مزوّدًا عالميًّا كبيرًا للنفط. وقال: “يمكننا أن نصبح مستقلين في مجال الطاقة، بل يمكننا أن نصبح مهيمنين ونوّرد الطاقة للعالم أجمع. هذا سيجعل أمريكا أقوى وسيجعل العالم أكثر أمانًا”.

 

ربما يعجبك أيضا