هل تستفيد الولايات المتحدة من تركيا لاحتواء إيران في المنطقة؟!

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

الأربعاء الماضي، صرح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في مؤتمر صحفي: “قلنا بشكل شفاف لنظام الأسد والروس في سوريا، إنه يجب على الإيرانيين الانسحاب من هناك”. “ليس عليهم فقط مغادرة الجنوب الغربي، الأمر الذي له تأثير كبير على إسرائيل ويعرِّض مرتفعات الجولان للخطر، ولكن عليهم الخروج من هذا البلد بأکمله”.

وقبل يوم من هذه التصريحات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، نفتالي بينيت، إن إسرائيل ستواصل إجراءاتها في سوريا ضد الميليشيات المدعومة إيرانيًا حتى مغادرة القوات الإيرانية البلاد.

وقد ذكرت تقارير إعلامية نقلا عن مصادر إسرائيلية أن إيران بدأت بإخراج قواتها من سوريا، بعد ضربات عدة تلقتها على الأراضي السورية.

الواضح، أن التواجد العسكري لإيران في المنطقة الذي تعاظم بعد توقيع الاتفاق النووي، هو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخروج من الاتفاق النووي.

ولذلك تأتي خطة إخراج إيران من المنطقة ضمن أهداف سياسة “أقصى ضغط” التي تمارسها واشنطن من خلال العقوبات على طهران؛ لإجبارها على الانصياع للمطالب الأمريكية.

ومطلب خروج إيران من المنطقة، مهم بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، الذين لا يمكن تمرير أي اتفاق بين طهران وواشنطن دون تحقيق الأمن وضمانة ذلك بالنسبة لهم. وخاصة أمن إسرائيل. وربما ترامب يحتاج إلى الدعم الإسرائيلي بقوة للدعاية الانتخابية إذا ما ترشح لولاية رئاسية ثانية.

الاستفادة من تركيا

منذ انسحاب جزء من القوات الأمريكية من سوريا في أكتوبر 2019، وإيران تعزز من تواجدها داخل هذا البلد. وكذلك بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، وإيران تصر على استمرار قوة نفوذها في الدول التي تتدخل بشؤونها في المنطقة؛ لإثبات عدم تأثرها بمقتل قائد العمليات الخارجية. رغم أن عملية مقتل سليماني أكدت رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في الصدام بشكل مباشر مع إيران.

وحسب تقرير تحليلي لصحيفة آرمان الإيرانية، فإن هناك أطرافًا داخل الإدارة الأمريكية ترفض تورط واشنطن في حرب على إيران بما يزيد من معاناة الاقتصاد الأمريكي. وأن هذه الأطراف تدفع الرئيس ترامب إلى التقارب مع تركيا واستخدامها في سياسة احتواء إيران في المنطقة. أي أن تلعب تركيا دورًا في مناطق النفوذ الإيراني والتصدي له. ويعزز التقرير هذا الرأي بأن اعتماد واشنطن على أنقرة يدفعها للابتعاد عن التعامل بشكل مباشر مع المجموعات الإرهابية مثل “داعش”، والمجموعات المسلحة الكردية مثل “قوات سوريا الديموقراطية”. خاصة أن تركيا نفسها لديها قلق من النفوذ الإيراني في مناطق مجاورة لها، وكذلك تقلق على مصالحها من التهديدات الإيرانية.

مؤشرات

في سوريا، ورغم سريان وقف لإطلاق النار منذ شهرين وفقاً للاتفاق التركي- الروسي، تقوم تركيا بتحريك المليشيات المسلحة الموالية لها بما يقوي موقفها في منطقة غرب سوريا، وبالتالي ضعف الموقف السوري وحليفه الإيراني هناك. فقد هاجم تنظيم “حراس الدين” المتشدد، القوات السورية الحكومية هناك. وينشط فصيل حراس الدين، المرتبط بتنظيم القاعدة ويضم نحو 1800 مقاتل بينهم جنسيات غير سورية، وفق المرصد السوري، في شمال غرب سوريا. ويقاتل مع مجموعات متشددة إلى جانب هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تعد التنظيم الأوسع نفوذاً في إدلب. وهذه التنظيمات تتلقى الدعم والتوجيه من تركيا.

كذلك، فإن استفادة الولايات المتحدة الأمريكية من تركيا في احتواء إيران والحد من نفوذها في المنطقة، قد تكون نقطة في صالح جماعة “الإخوان المسلمين”، التي تستخدمها تركيا في إدارة وتنفيذ ملفاتها الخارجية، على غرار مليشيات إيران الشيعية.


فإلى جانب سوريا، يأتي الملف اليمني ضمن أولويات المتحدة الأمريكية لطمأنة الحلفاء في الخليج. والواضح من خلال تقارير الرصد والمراقبة، أن تركيا تسعى إلى توسيع نفوذها وتأثيرها في الملف اليمني، الذي ستصطدم فيه مع إيران، وتعزز من قوة الإخوان المسلمين هناك.

فقد تزايد النشاط التركي في اليمن خلال الآونة الأخيرة، في ظلّ مؤشرات على رغبة أنقرة في استثمار الملف اليمني في الصراع مع دول التحالف العربي، من جانب. ومن جانب آخر، احتواء النفوذ الإيراني هناك بما يحقق الرؤية الأمريكية تجاه تركيا ودورها في المنطقة.

وتزايد عمليات الإخوان المسلمين في اليمن في مناطق شبوة وسقطري، وتعز التي يسيطر عليها تيار الإخوان الموالي لقطر بشكل كامل عن طريق القيادي الإخواني حمود سعيد المخلافي الذي افتتح عددًا من المعسكرات لتجنيد عناصر الإخوان ودعوة اليمنيين إلى العودة من الجبهات الحدودية للانضمام إلى تلك المعسكرات التي يعتقد أنها ستلعب دورا في المرحلة القادمة. يُظهر أن تركيا ومعها قطر تسعيان إلى تمهيد الأرضية المناسبة لعودة أهمية دورهما داخل اليمن.

ربما يعجبك أيضا