هل تمثل الوساطة الصينية بين السعودية وإيران اختبارًا للولايات المتحدة؟

شيماء مصطفى
الاتفاق السعودي الايراني

أعلنت الصين التوصل إلى الاتفاق بين الرياض وطهران، بعد محادثات استمرت 4 أيام في بكين، ولم يكشف عنها في حينها، وأثار هذا التدخل شكوكًا في واشنطن بشأن دوافع بكين.


ينطوي الاتفاق المفاجئ بين إيران والسعودية، على استعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما تدريجيًّا، ما يثير اهتمام الولايات المتحدة.

وقد يفسح الاتفاق المجال لوضع حد لبرنامج طهران النووي، ويعزز وقف إطلاق النار في اليمن، إضافة إلى ما يمثله دور الصين كوسيط للسلام في منطقة تتمتع فيها الولايات المتحدة الأمريكية بالنفوذ، وفق تحليل لوكالة أنباء رويترز، اليوم السبت 11 مارس 2023.

التنافس الأمريكي الصيني

قال المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي، أمس الجمعة، إن المملكة العربية السعودية أبقت المسؤولين الأمريكيين على اطلاع بالمحادثات مع إيران، رغم عدم ضلوع واشنطن فيها مباشرة.

وأصبحت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين شائكة بدرجة كبيرة حول قضايا تتراوح من التجارة إلى التجسس، وتتنافس القوتان بنحو متزايد، على النفوذ في مناطق بعيدة عن حدوديهما.

دور الصين في الاتفاق السعودي الإيراني

أراد كيربي، في ما يبدو، التقليل من دور الصين في تطور، أمس الجمعة، فقال إن البيت الأبيض يعتقد أن الضغط الداخلي والخارجي، بما في ذلك الردع السعودي الفعال ضد الهجمات من إيران أو وكلائها، هو الذي جلب طهران في النهاية إلى طاولة المفاوضات.

ولكن المسؤول الكبير السابق في الولايات المتحدة والأمم المتحدة، جيفري فيلتمان، قال إن دور الصين هو الجانب الأهم في الاتفاقية، لا إعادة فتح السفارات بعد 6 سنوات من القطيعة.

وأضاف فيلتمان الباحث في معهد بروكنجز: “سيجري تفسير ذلك، وربما هذا هو الصحيح، على أنه صفعة لإدارة بايدن وكدليل على أن الصين هي القوة الصاعدة”.

المحادثات النووية

يأتي الاتفاق في وقت تسرع فيه إيران وتيرة العمل في برنامجها النووي، بعد محاولات أمريكية فاشلة على مدى عامين لإحياء اتفاق عام 2015 الذي كان يهدف إلى منع طهران من صنع قنبلة نووية.

وتعقدت هذه الجهود بسبب حملة القمع العنيفة التي شنتها السلطات الإيرانية على الاحتجاجات والعقوبات الأمريكية المشددة على طهران لاتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.

441899Image1

مسار ممكن لإسرائيل وأمريكا

قال نائب رئيس قسم السياسة بمعهد الشرق الأوسط، بريان كاتوليس، إن الاتفاق يتيح للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل يمثل “مسارًا ممكنًا جديدًا” لإحياء المحادثات المتوقفة بشأن القضية النووية الإيرانية مع وجود شريك محتمل في الرياض.

وأضاف: “السعودية قلقة للغاية بشأن برنامج إيران النووي، وحتى يكون هذا الانفتاح الجديد بين إيران والسعودية ذا مغزى ومؤثرًا، فسيتعين أن يتطرق إلى المخاوف بشأن برنامج إيران النووي”.

السلام في اليمن

يقدم اتفاق الجمعة أيضًا بارقة أمل في إيجاد سلام مستقر باليمن، حيث يُنظر على نطاق واسع إلى الصراع الذي اندلع عام 2014 على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران. وصمدت هدنة جرى الاتفاق عليها بوساطة من الأمم المتحدة في إبريل الماضي، إلى حد كبير، رغم انتهاء العمل بها في أكتوبر دون اتفاق بين الطرفين على تمديدها.

وقال سفير الولايات المتحدة السابق لدى اليمن جيرالد فايرستين، إن الرياض “لم تكن لترضى بذلك دون الحصول على شيء ما”.

دور متزايد للصين

قال كبير الدبلوماسيين الأمريكيين لشؤون شرق آسيا في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، دانييل راسل، إن توسط الصين في الاتفاق يمكن أن يكون له “تداعيات مهمة” بالنسبة إلى واشنطن.

وأضاف أنه من غير المعتاد أن تتصرف الصين بمفردها للتوسط في اتفاق دبلوماسي يخص نزاعًا ليست طرفًا فيه. وتابع: “السؤال هو: هل هكذا ستكون الأمور في ما سيأتي؟ وهل يمكن أن تكون تلك مقدمة لجهود وساطة صينية بين روسيا وأوكرانيا عندما يزور الرئيس الصيني شي موسكو؟”.

تأثير الاتفاق في الصين

قال المحلل البارز لشؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية نيسان رافاتي، إنه ليس من الواضح، في ما يخص إيران، إن كان الاتفاق سيأتي بنتائج جيدة للولايات المتحدة الأمريكية أم لا.

وأضاف: “المشكلة هي أنه في الوقت الذي تزيد فيه واشنطن وشركاؤها الغربيون الضغط على الجمهورية الإسلامية، ستعتقد طهران أنها تستطيع كسر عزلتها والاعتماد، في ضوء الدور الصيني، على غطاء من القوى الكبرى”.

ورفض النائب الجمهوري رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، مايكل ماكول، تصوير الصين لنفسها على أنها وسيط سلام، قائلًا إنها “ليست طرفًا مسؤولًا ولا يمكن الوثوق بها كوسيط نزيه أو محايد”.

وساطة بكين مقابل تراجع واشنطن

من جهته، قال كيربي: “بالنسبة إلى النفوذ الصيني في الشرق الأوسط أو في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية، ليس الأمر كما لو أننا نغض الطرف، نحن بالتأكيد مستمرون في مراقبة الصين، وهي تحاول كسب نفوذ وموطئ قدم في أماكن أخرى حول العالم من أجل مصالحها الذاتية”.

وقال الباحث بمركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية، جون ألترمان،  إن مشاركة بكين تعزز شعورًا بتنامي القوة والنفوذ الصينيين، ما يغذي الحديث عن تضاؤل النفوذ العالمي للولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع: “الرسالة التي ترسلها الصين دون مواربة، هي أنه في حين أن الولايات المتحدة هي القوة العسكرية المهيمنة في الخليج، فإن للصين حضورًا دبلوماسيًّا قويًّا، ويمكن القول إنه متنام”.

ربما يعجبك أيضا