خطة بيل جيتس لمنع الجائحة المقبلة.. لماذا ستفشل؟

آية سيد

طرح الملياردير الأمريكي بيل جيتس في كتابه الجديد خطة لمنع حدوث جوائح مستقبلية لكنها أغفلت بعض النقاط المهمة.


أصدر الملياردير الأمريكي، بيل جيتس، يوم 3 مايو 20222 كتابًا بعنوان “كيف نمنع الجائحة المقبلة” (How to Prevent the Next Pandemic).

وبحسب المدونة الشخصية لبيل جيتس، تدور فكرة الكتاب على التركيز على الاستثمارات المهمة التي تنفع الجميع، وهكذا قد يصبح كوفيد-19 آخر جائحة على الإطلاق، وتهدف هذه الخطة إلى احتواء التفشي في غضون الـ100 يوم الأولى قبل أن ينتشر حول العالم.

كيف نمنع الجائحة المقبلة؟        

               

في كتابه، يشرح جيتس الخطوات اللازم اتخاذها للاستعداد لمنع الجائحة التالية، وتتمثل في تطوير أدوات أفضل، وتحسين مراقبة الأمراض عن طريق إنشاء فريق عالمي للاستجابة والاستنفار، وتعزيز الأنظمة الصحية. ويشدد على أن هذه الخطوات، إضافة إلى التقدم الهائل الذي تحقق على مدار العامين الماضيين في فهم الأمراض المعدية، ترتقي إلى خطة للقضاء على الجائحة كتهديد للبشرية.

ووفقًا لجيتس، توفر الخطة فرصة لجعل الأمور أفضل. فهذه الخطوات، حتى لو لم يكن العالم يواجه جائحة، ستجعل الناس في صحة أفضل، وتنقذ الأرواح، وتقلص الفجوة الصحية بين الأغنياء والفقراء، موضحًا أن الأدوات التي تمنع التفشي قد تساعد في علاج أمراض مثل نقص المناعة المكتسبة، وحماية الأطفال من أمراض مميتة مثل الملاريا.

الفريق العالمي للاستجابة والاستنفار

بحسب تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، في 13 مايو 2022، يستهدف جيتس تشكيل فريق عالمي للاستجابة والاستنفار يتكون من 3 آلاف شخص من الخبراء في علم الأوبئة، وعلوم البيانات، واللوجيستيات، والاتصالات وغيرها من التخصصات. ووفقًا لتقديرات جيتس، ستبلغ تكلفة الفريق مليار دولار سنويًّا، وستموله حكومات الدول الثرية ومتوسطة الدخل.

ورأى تقرير لمجلة نيو ساينتست البريطانية، في 2 مايو 2022، أن اقتراح جيتس مثير للجدل. فبحسب جيتس، سيكون الفريق تحت إدارة منظمة الصحة العالمية، لكنه لم يوضح لماذا إضافة طبقة جديدة من البيروقراطية سيكون أفضل من تعزيز منظمة الصحة العالمية نفسها.

مآخذ على خطة جيتس «الجيدة»

وفقًا لتقرير نيو ساينتست، لم يوضح جيتس أيضًا كيف سيتفادي هذا الفريق العالمي تفضيل بعض الدول لمصالحها الوطنية، مثل خفض الولايات المتحدة لتمويل منظمة الصحة العالمية في 2020، أو قرار الصين في 2021 بمنع المزيد من التحقيقات في منشأ كوفيد-19.

وأشار التقرير إلى أن أحد أكبر العيوب في كتاب جيتس هو الإغفال، فالكتاب يفتقد لمسألة التقليل من خطر انتشار المرض في المقام الأول، عبر معالجة تجارة الحيوانات البرية، أو الصناعات التي تعمل في الأماكن البرية. وأحد المآخذ الأخرى كان أنه يطرح الكثير من الأفكار والمبادئ الجيدة، لكنها في أغلب الأحيان تكون واضحة للدرجة التي تشكك في حاجتها لكتاب كامل.

الإغفال عن مشكلة الصين

لفت تقرير فورين بوليسي إلى أن جيتس لم يذكر في كتابه أبدًا أن القادة الصينيين أمضوا شهرًا وهم ينفون وجود تفشي لكوفيد-19 من الأساس، وكيف عرقلت الصين جهود الاستجابة الفاعلة.

وأشارت المجلة إلى أنه في 1 يناير 2020، فرضت السلطات المحلية في ووهان رقابة على 8 أطباء بتهمة “ترويج الشائعات”، بسبب تحذيرهم لزملائهم من تفشي فيروس جديد، وكذلك أخرّت الصين لمدة أسبوع نشر جينوم الفيروس، وهو ضروري لتطوير التشخيص واللقاحات، وحجبت معلومات مهمة أخرى عن مسؤولي منظمة الصحة العالمية طوال يناير 2020.

الطبيعة السياسية لقرارات الصحة

يركز جيتس في كتابه على مراقبة الأمراض، ويعتمد نهجه على تجاربه مع الدول ذات الدخل المنخفض التي تبلّغ عن التفشي بسرعة وتطلب المساعدة، لكنه لا يتطرق للإجراءات الصينية التي هدفت إلى إخفاء تفشي كوفيد-19. فبكين لم تعترف بخطورة التفشي حتى أواخر يناير 2020، رغم ظهور أدلة في ديسمبر 2019 على وجود الفيروس.

ولفت تقرير فورين بوليسي إلى أن جيتس لم يتناول هذه المشكلة الواضحة. ويظل غافلًا عن الطبيعة السياسية للقرارات المتعلقة بالصحة العامة، ويركز بدلًا من ذلك على الحلول التقنية. لكنها، بحسب التقرير، ليست كافية لمنع الجائحة المقبلة.

انعدام المساواة الاقتصادية

لفت موقع ﭬوكس الأمريكي، في 10 مايو 2022، إلى أن جيتس يتطرق من حين لآخر إلى انعدام المساواة الاقتصادية، وكيف فاقمت الأزمات الصحية. لكنه يتغاضى إلى حد كبير عن الأسباب الجذرية للمشكلة وكيفية حلها. فجيتس يرى انعدام المساواة سوء توزيع للموارد.

لكن بحسب التقرير، أطلقت جائحة كوفيد-19 جرس إنذار بأن تخصيص الموارد يتعلق بالطريقة التي يعمل بها الاقتصاد والاقتصاد العالمي. ووفقًا لخبيرة الاقتصاد في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، سارة ستيفانو، كان واضحًا منذ بداية الجائحة أن الرأسمالية ستفاقم تأثيرها. وقالت ستيفانو، “نظامنا الاقتصادي كان مسؤولًا عن الطريقة التي تطورت بها الأزمة”.

حل التناقض الاقتصادي

أشار التقرير إلى أن العالم في أثناء محاولته احتواء الجائحة، أعاد تنظيم العمال إلى أساسيين وغير أساسيين. ونتيجة لهذا، لقى الأمريكيون من الطبقة العاملة حتفهم بمعدلات مرتفعة في الجائحة جزئيًّا، لأن هؤلاء الذين يحظون بحماية وتعويض أقل من غيرهم، كانوا مسؤولين على نحو غير متكافئ عن تماسك النسيج الاجتماعي.

وفي الوقت نفسه، كافأ النظام القليل من الأشخاص بأرباح مرتفعة، مثل شركات الصناعات الدوائية التي حققت أرباحًا قياسية من لقاحات وأدوية كوفيد-19. ولفت التقرير إلى أنه من المستحيل منع الجوائح المستقبلية دون حل هذا التناقض الاقتصادي.

 

ربما يعجبك أيضا