هل يحقق بايدن أهدافه من الضربات على الجماعات المدعومة إيرانيًا؟

محلل أمريكي: من الصعب ردع إيران فقط عن طريق ملاحقة وكلائها

آية سيد
هل يحقق بايدن أهدافه من الضربات على الجماعات المدعومة إيرانيًا؟

بالضربات على العراق وسوريا، تحاول إدارة بايدن تحقيق توازن دقيق بين ردع وكلاء إيران وتجنب التصعيد في المنطقة.


شنت الولايات المتحدة ضربات عسكرية على أكثر من 85 هدفًا تابعًا لجماعات مدعومة إيرانيًا في العراق وسوريا، أول من أمس الجمعة 2 فبراير 2024.

وجاءت هذه الضربات ردًا على مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة العشرات في هجوم على قاعدة أمريكية بالقرب من الحدود الأردنية السورية. وحسب تحليل للزميل بمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية، دانيال بايمان، تهدف هذه الضربات إلى معاقبة هذه الجماعات وردعها، إلى جانب إرسال رسالة قوية لإيران.

وكلاء إيران

أشار بايمان، في التحليل الذي نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية الجمعة 2 فبراير، إلى أن الهجوم على القوات الأمريكية، الذي نفذته جماعة “كتائب حزب الله” العراقية المدعومة من إيران في 28 يناير المنقضي، كان جزءًا من حرب واسعة، ومنخفضة الحدة، يشنها وكلاء إيران على القوات الأمريكية وإسرائيل.

وفي العراق وسوريا، ضربت الجماعات المدعومة إيرانيًا القوات الأمريكية أكثر من 150 مرة منذ تولي الرئيس جو بايدن المنصب، في حين تشتبك إسرائيل وحزب الله اللبناني في هجمات شبه مستمرة على بعضهما البعض. وشن الحوثيون في اليمن هجمات صواريخ ومسيّرات على إسرائيل والشحن الدولي في البحر الأحمر، مزعزعين التجارة العالمية.

وحسب المحلل الأمريكي، تسعى إيران لاستخدام هذه الهجمات لزيادة تكلفة وجود القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وطردها من المنطقة نهائيًا، وتصوير نفسها كقائد لـ”محور مقاومة” مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل.

تحقيق التوازن

بالضربات على العراق وسوريا، تحاول إدارة بايدن تحقيق توازن دقيق، وفق بايمان. فمن ناحية، تسعى لإنهاء الهجمات، عبر التوضيح لإيران ووكلائها أنهم سيدفعون ثمن قتل الجنود الأمريكيين وإضعاف قدراتهم على شن المزيد من الهجمات في المستقبل. كما يسعى بايدن لطمأنة الأمريكيين أنه لن يقف مكتوف الأيدي في وجه العدوان الأجنبي.

ضربات أمريكية

ضربات أمريكية

ومن ناحية أخرى، تريد الإدارة تجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط. لكن الحفاظ على هذا التوازن سيكون صعبًا بسبب السياسات الإقليمية المشحونة وصعوبة استخدام القوة العسكرية بطريقة محسوبة ضد إيران أو وكلائها.

ردع طهران

قبل الضربات الأخيرة، نفذت الولايات المتحدة هجمات محدودة على الوكلاء الإيرانيين ومعداتهم العسكرية لكنها تجنبت ضرب إيران نفسها. لكن بايمان رأى أنه من الصعب ردع إيران فقط عن طريق ملاحقة وكلائها.

هذا لأن أحد الأسباب التي تجعل طهران تعمل مع الجماعات المسلحة هو كسب إمكانية الإنكار الرمزي على الأقل، ما يسمح لها بالادعاء، ولأعدائها بالتظاهر أنهم يصدقون، أنها ليست مسؤولة عن أي هجمات.

لكن في الواقع، تسيطر إيران على بعض الوكلاء، مثل “كتائب حزب الله” العراقية، ولديها قدر كبير من النفوذ على آخرين، مثل الحوثيين في اليمن. وهكذا، تستطيع إيران القتال دون المخاطرة بقواتها.

مصالح خاصة

لفت المحلل إلى أن وكلاء إيران لديهم مصالحهم الخاصة أيضًا. فهؤلاء الوكلاء يضمرون كراهية حقيقية للولايات المتحدة وإسرائيل، ويعتبرون أنفسهم مقاتلين أبطال من أجل عقيدتهم.

وتخدم الهجمات كذلك الأهداف السياسية لهذه الجماعات. وعلى سبيل المثال، قارنت “كتائب حزب الله” هجماتها مع ما وصفته بسلبية الجماعات المنافسة، معززةً مكانتها وسط المجتمع السياسي الذي يشهد منافسة شديدة بين الجماعات المسلحة في العراق.

وبالنسبة لإيران، يُعد دعم هذه الجماعات طريقة لإبراز استعدادها للدفاع عن المسلمين ما تعتبره، ومعظم المنطقة، حملة ذبح أمريكية إسرائيلية ضد الفلسطينيين.

خطر التصعيد

7 معلومات عن الطائرة B 1

معلومات عن القاذفة بي-1 التي نفذت الضربات الأمريكية

أشار بايمان إلى أنه بالنسبة لوكلاء مثل الحوثيين، لا يوجد الكثير لتدميره، ما يحد من تأثير الضربات الأمريكية. لكن استهداف إيران مباشرة يخاطر برد إيراني أكبر، ما قد يخلق دورة تصعيدية. هذا لأنه من الصعب على النظام الإيراني تكبد هجوم عسكري دون رد. ولذلك حذرت طهران مسبقًا أنها سترد على أي هجوم أمريكي.

وكذلك قد يصعّد الوكلاء هجماتهم ضد الولايات المتحدة، والرد الأمريكي قد يزيد نفور الرأي العام في دول الوكلاء، الذين تجنبوا التصعيد حتى الآن، لكن الضغط من إيران قد يغير حساباتهم.

تجنب الحرب الأوسع

قد تسعى إيران والكثير من وكلائها إلى تجنب الحرب الأوسع والرد على الضربات الرمزية. ووفق بايمان، تعلم طهران أن جيشها لا يملك فرصة لربح معركة مباشرة ضد الولايات المتحدة. وإضافة إلى هذا، لا يحظى النظام بشعبية، في ظل الاحتجاجات واسعة الانتشار ضد حكمه الاستبدادي.

وبينما بدت الضربات حتمية، بدا أن الجانبين يتجنبان التصعيد. وادعت طهران أنها ليس لها علاقة بالهجوم على القوات الأمريكية في الأردن، وتحدثت واشنطن عن الضربات قبلها بأيام، ما أتاح لإيران وقادة الجماعات الرئيسة إعادة نشر جنودهم والاختباء، والحد من الخسائر.

وفي الختام، استبعد المحلل أن تُحدث الضربات الأمريكية تأثيرًا كبيرًا على المستوى الإقليمي، لأن النطاق المحدود للأهداف التي تضربها واشنطن لن يُحدث ضررًا كبيرًا يجبر طهران على تغيير حساباتها، ولن يخلق حاجة سياسية قوية لدى إيران كي تصعّد انتقامها.

ربما يعجبك أيضا