هل ينجو الدولار من أزمة سقف الديون الأمريكية؟

آية سيد
هل ينجو الدولار من أزمة سقف الديون الأمريكية؟

إحدى المخاوف الكبرى المتعلقة بالعجز المحتمل عن سداد الديون هي أن هذا الحدث سيعطي المزيد من الزخم لخلع الدولار الأمريكي عن عرشه باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسة في العالم.


تواجه الولايات المتحدة خطر العجز عن سداد ديونها، إذا لم يستطع الجمهوريون والديمقراطيون التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الديون قبل 5 يونيو المقبل.

وفي هذا السياق، حذر كبير الاقتصاديين بمركز سميث للبحوث وتصنيفات الائتمان المالي، سكوت ماكدونالد، من ارتفاع خطر الحسابات الخاطئة وسقوط الولايات المتحدة في التخلف عن السداد، ما يؤثر سلبًا في الدولار والدور الأمريكي في العالم.

لعبة خطيرة

في مقال بمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، يوم الاثنين 29 مايو 2023، قال ماكدونالد إنه على الرغم من التوصل لاتفاق مبدئي بين قادة الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، يكمن الجزء الأصعب في تمرير الاتفاق في الكونجرس الأمريكي، لأن المتشددين في كلا الحزبين قد يعقدون الأمور.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الولايات المتحدة لم تعجز عن سداد ديونها من قبل، لكن النخبة السياسية الحالية فتحت الباب أمام هذه الاحتمالية. ويتوقع الكثيرون أن يتمسك الحزبان بموقفهما حتى اللحظة الأخيرة، ثم يتوصلان لاتفاقية. وحينها، سيعلن كل جانب الانتصار، لأن الجانب الآخر لم يصمد.

والمشكلة في هذه اللعبة، حسب ماكدونالد، هي أنه لا يمكن لأي جانب التراجع، بسبب السياسات الداخلية للحزب، أو السماح بالتخلف عن السداد. لكن هذا يخاطر بحدوث سوء تقدير وسقوط الولايات المتحدة في التخلف عن السداد، ما يحمل تبعات على الدولار والدور الأمريكي في العالم.

اقرأ أيضًا| معركة رفع سقف الديون.. هل تتخلف أمريكا عن السداد؟

عواقب متعددة

حسب وزارة الخزانة الأمريكية، سقف الديون هو “المبلغ الإجمالي المصرح للحكومة الأمريكية باقتراضه للوفاء بالتزاماتها القانونية القائمة”. وفي الوقت الحالي، يبلغ سقف الديون 31.46 تريليون دولار. ولفت ماكدونالد إلى أن الفشل في رفع سقف الديون الفيدرالي سيؤدي إلى عواقب متعددة.

وتشمل هذه العواقب العجز عن سداد الدين السيادي، وأزمة مالية، وتراجع اقتصادي (بتداعيات عالمية)، وخسارة الوظائف، وإغلاق أجزاء من الحكومة، والتعليق المحتمل لمدفوعات نظام ميديكير للتأمين الصحي، وتخفيض تصنيف الديون السيادية الأمريكية.

وتزداد المشكلات تعقيدًا بسرعة كبيرة، بناءً على مدة استمرار العجز والالتزامات التي لم يجري الوفاء بها، وفق ماكدونالد. ومن جهتها، حذرت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، من أنه في حالة عدم رفع سقف الديون سريعًا، سيتعين “اتخاذ قرارات صعبة بشأن الفواتير التي لن تُسدد”.

اقرأ أيضًا| الأزمة والحل.. ماذا قد يعني تخلف واشنطن عن سداد ديونها؟

تهديد عرش الدولار

لفت الخبير الاقتصادي إلى أن إحدى المخاوف الكبرى المتعلقة بالعجز المحتمل عن سداد الديون هي أن هذا الحدث سيعطي المزيد من الزخم لخلع الدولار الأمريكي عن عرشه باعتباره العملة الاحتياطية الرئيسة في العالم.

وشدد ماكدونالد على أهمية هذا الأمر، لأن دولًا مثل الصين، وروسيا، وجنوب إفريقيا، وغيرها، بدأت في إجراء جزء من تعاملاتها التجارية بعملات أخرى للهرب من تسليح الحكومة الأمريكية المحتمل لعملتها الوطنية، مثلما كان واضحًا في العقوبات الاقتصادية ضد روسيا.

وعلى الرغم من أن الابتعاد عن الدولار الأمريكي ليس مرجحًا في المدى القريب، فإن هذا الاتجاه ليس في صالح واشنطن. هذا لأن العجز عن السداد بسبب غياب الإرادة السياسية سيضع حدًا لقدرة واشنطن على طباعة الأموال في صورة سندات خزانة وغيرها من الأوراق المالية.

اقرأ أيضًا| نحو عالم متعدد العملات.. صفقة بين البرازيل والصين للتخلي عن الدولار

نظام منهك

سقف الديون ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه الولايات المتحدة، وفق ماكدونالد، الذي أشار إلى أن أزمة سقف الديون في حد ذاتها مجرد عرض لشيء أكثر إشكالية، وهو نظام سياسي منهك، وربما يكون معطلًا.

وأوضح ماكدونالد أن الأرضية المشتركة التي تُصنع على أساسها القوانين انكمشت بشدة، كما أن الحل الوسط أصبح كلمة مرفوضة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالميزانيات والعجز.

بصيص من الأمل

في الختام، قال ماكدونالد إن ما يمنح الأمل في الأزمة الحالية هو أن المعتدلين في كلا الحزبين يريدان التوصل لاتفاق. وعلى الرغم من أن المتشددين سيعارضون الاتفاق على الأرجح ويعقدون تمريره، تشير الاحتمالات إلى وجود عدد كافي من المعتدلين في الحزبين لدفع الاتفاق في مجلسي النواب والشيوخ.

وبالتطلع إلى المستقبل، من المحتمل أن تُحل أزمة سقف الديون قبل أن تنفد الأموال من الحكومة أو بعدها بوقت قصير. لكن طبيعة السياسة الأمريكية تترك الباب مفتوحًا أمام المزيد من التدهور في صنع السياسات الاقتصادية الأمريكية، ما يؤدي إلى إضعاف دور الدولار وتقويض القيادة العالمية الأمريكية.

ربما يعجبك أيضا