وزير مالية أفغاني سابق يصبح سائق «أوبر» في شوارع واشنطن.. «صور»

هالة عبدالرحمن

وكان الوزير يبحث عن بعض الدولارات ليعود بها إلى منزله وأولاده، قائلا أنه بعدما كان نجاحه يقاس بمليارات الدولارات أصبح نجاحه إذا أكمل 50 رحلة في يومين، للحصول على مكافأة قدرها 95 دولارًا، وكانت الوظيفة هي طريقته الأخيرة من أجل إعالة زوجته وأربعة أطفال بعد أن استنفد مدخراته المتواضعة.


حتى الصيف الماضي 2021، كان خالد بايندا، وزيرًا للمالية في حكومة أفغانستان. ويشرف على ميزانية تبلغ 6 مليارات دولار.

فما أسباب استقالته وسط أكبر معركة شهدتها السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. أوضح الوزير الأفغانى السابق، البالغ من العمر 40 عامًا، أنه ليس عليه أن يكون يائسًا، فهي فترة استراحة مؤقتة من المأساة الدائرة فى بلاده.

afghan minister 58658c64 a77f 11ec 801d 40d8d9e21cbe

وزير أفغاني يصبح سائقًا

بعد سبعة أشهر من سقوط كابول في أيدي طالبان، كان الوزير الأفغاني يقود سيارته من طراز “هوندا أكورد”، متجهًا شمالًا على الطريق السريع 95 من منزله في وودبريدج بفيرجينيا، في اتجاه العاصمة الأمريكية، واشنطن. قائلًا “بعدما كان نجاحه يقاس بمليارات الدولارات أصبح نجاحه إذا أكمل 50 رحلة في يومين، للحصول على مكافأة قدرها 95 دولارًا”.

وأوضحت “واشنطن بوست” في حديثها مع الوزير الأفغاني السابق، أن حالة بايندا نتيجة لوعود كبار المسؤولين الأمريكيين الكاذبة قبل إنهاء حرب أفغانستان، التي بدأت قبل 20 عامًا بوعود رفيعة الأفق بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وانتهت برئيس أمريكي يلوم المسؤولين الأفغان مثل خالد بايندا، على الفوضى التي تركوها وراءهم.

حلم الديمقراطية في أفغانستان تبدد

أوضح الوزير الأفغاني السابق أنه كان يؤمن بكل الأشياء التي قال الأمريكيون إنهم يناضلون من أجلها مثل الديمقراطية وحقوق المرأة وحقوق الإنسان، كذلك عمل في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبنك الدولي، وفي عام 2008 جاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة، فالتحق بجامعة إلينوي بمنحة فولبرايت.

حتى في السنوات الأخيرة من الحرب، بعد أن تقلصت الطموحات الأمريكية في ترْك دولة مستقرة وديمقراطية إلى مجرد المغادرة، كان بايندا جزءًا من مجموعة صغيرة من الإصلاحيين الشباب المتعلمين في الغرب، والذين ما زالوا يعتقدون أنه من الممكن بناء دولة كفؤة وديمقراطية.

وفاة والدته بفيروس كورونا

أصبح بايندا، نائب وزير المالية في عام 2016، مصممًا على إصلاح بعض التخطيط السيئ الذي جعل الحكومة غير قادرة على إنفاق ما يصل إلى 50 في المائة من ميزانيتها السنوية. بمرور الوقت ترك الحكومة في عام 2019 وانتقل مؤقتًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وبعد ذلك بعامين، عاد إلى كابول ليخوض تجربة مروعة في أحد مستشفيات أفغانستان، في نوفمبر 2020، فقد توفيت والدته إصر إصابتها بفيروس كورونا، وعاد إلى العاصمة الأفغانية للعمل في مشروع قصير الأجل للرئيس الأفغاني وقتها، محمد أشرف غني أحمد زي. بعد بضعة أسابيع، عرض عليه الرئيس الأفغاني أشرف غني منصب وزير المالية.

توليه وزارة المالية في عهد الريس الأفغاني أشرف غني

بعدما عرض عليه الرئيس الأفغاني، حينها، أن يتولى وزارة المالية حثته زوجته وزملاؤه السابقون على رفض العرض، لأن حركة طالبان كانت تتقدم والأمريكيين يرحلون، والفساد يستنزف مبالغ ضخمة من عائدات الحكومة، والتهديدات بالاغتيال حقيقية. لكن الظروف في المستشفى ومعاناة والدته أقنعت بايندا بأنه يتعين عليه تولي الوظيفة.

وما دام يعتقد أنه لا يزال يوجد احتمال ضئيل للنجاح فإنه كان عليه أن يحاول. فقد أخبر الوزير السابق زوجته بأنه يتمنى لو لم يقبل المنصب مطلقًا، وأضاف: “رأيت الكثير من القبح، وفشلنا، لقد كنت جزءًا من الفشل، ومن الصعب أن تنظر إلى بؤس الناس ولا تشعر بالمسؤولية”.

ممثل هولييود أرنولد 1

وزير المالية الأفغاني السابق

أسباب استقالة بايندا والفرار من البلاد

كان خالد بايندا قد استقال من منصبه، بوصفه وزيرًا للمالية، قبل أسبوع من سيطرة طالبان على كابول، عندما انتقده الرئيس أشرف غني في اجتماع عام، ثم سخر منه بصفة خاصة بسبب فشل الوزارة في دفع مبلغ صغير نسبيًا لشركة لبنانية. ويتذكر بايندا: “لقد كان الرئيس غاضبًا بسبب التوتر الناجم عن رحيل الأمريكيين وتقدم حركة طالبان”.

ولم يعتقد بايندا أن الحكومة كانت على وشك السقوط، لكنه شعر أنه فقد ثقة الرئيس به. حتى إنه كان يشعر بالقلق من أن “غني” قد يكون قد أوقفه بتهم باطلة، لذلك سرعان ما استقل طائرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كانت زوجته وأطفاله الذين غادروا، قبل أسبوع، في انتظاره.

يوم سقوط كابول

في 15 أغسطس، وهو اليوم الذي انهارت فيه الحكومة، استيقظ خالد بايندا الساعة 2 ظهرًا، وعلم أن “طالبان” أصبحت مسؤولة عن أفغانستان وكتب ردًا: “الآن بعد أن انتهى الأمر، كان لدينا 20 عامًا ودعم العالم بأسره لبناء نظام من شأنه أن يعمل لصالح الناس، لقد فشلنا فشلًا ذريعًا، كل ما بنيناه كان بيتًا من الورق تحطم بهذه السرعة، بيتًا من ورق بني على أساس الفساد”.

وأكمل “اختار البعض منا في الحكومة السرقة حتى عندما كانت لدينا فرصة ضئيلة وأخيرة”. وبشأن ما حدث فى أفغانستان، قال بايندا إن الأفغان يتحملون المسؤولية، لأنه لم يكن لديهم الإرادة الجماعية للإصلاح والجدية، وألقى اللوم على الأمريكيين أيضًا لتسليم البلاد لطالبان وخيانة القيم التى كان يفترض أنها حركت معركتهم بالأساس.

 

 

ربما يعجبك أيضا