ما أهمية التحالف الأمريكي الأوروبي في مواجهة النفوذ الاقتصادي للصين؟

آية سيد
أهمية التحالف الأمريكي الأوروبي في مواجهة النفوذ الاقتصادي للصين

عندما تغفل الولايات المتحدة وأوروبا عن أهمية التحالف بينهما، ويشمل ذلك في المجال الاقتصادي، تبتهج الأنظمة الاستبدادية.


قال كاتبان أمريكيان إن التحالف الأمني القوي بين الولايات المتحدة وأوروبا في معارضة روسيا أظهر أهمية الوحدة العابرة للأطلسي في الحفاظ على السلام.

لكن الكاتبان، في مجلة “ناشيونال إنترست“، الجمعة 11 نوفمبر 2022، انتقدا ما وصفاه بالتقصير من الجانبين، فيما يتعلق بالقضاء على الرأسمالية الاستبدادية للصين وقوتها الجاذبة بأنحاء العالم.

أهمية التحالف التجاري

النائب السابق لمدير عام منظمة التجارة العالمية، روفوس يركسا، والشريك بمؤسسة “مكلارتي أسوشيتس” للاستشارات الدولية، كيلي ميميان هوك، أشارا في مقالهما إلى وجود مشاحنات بين أوروبا وأمريكا في أمور تتراوح من التجارة الرقمية إلى السياسة الصناعية، ما يهدد بتقويض القيادة المشتركة للتجارة العالمية، التي استمرت أكثر من 75 عامًا.

ولفت الكاتبان بأهمية التحالف بين الجانبين، لأن الرد على “العدوان المتأصل” في النموذج الاقتصادي الصيني ضروري بقدر مواجهة التحديات العسكرية، وعلى الرغم من أن التهديد قد يكون أقل حدة، قال الكاتبان إنه بمرور الوقت “يصبح خبيثًا ونخاطر بخسارة ركائز مجتمعاتنا الحرة”.

رهان خطير

قال الكاتبان إن صعود الصين أضعف الدعم للتجارة المفتوحة في كل من أوروبا و الولايات المتحدة، خاصةً أنه كان مصحوبًا بالاضطرابات التي سببتها جائحة كوفيد-19، وقيود سلاسل الإمداد، والحرب الروسية الأوكرانية. وقالا إن نتيجة ذلك، أن أصبح تركيز السياسة يتجه إلى الداخل، وأصبحت مصطلحات إعادة الاستثمارات وإضفاء الطابع الإقليمي كلمات طنانة.

لكن الانسحاب من الأسواق الدولية، وتعليق الآمال على الاكتفاء الذاتي سيكون خطأ جسيمًا، من وجهة نظر الكاتبين. فالتجارة العالمية لا تزال تنمو، والقطاعات الاستراتيجية معولمة. وتجاهل هذه الحقيقة والفشل في مواءمة المصالح الأمريكية والأوروبية يعني الدخول في مقامرة خطيرة.

وفي هذا السياق، قال الكاتبان: “نحن نحتاج إلى بناء قوة اقتصادية في الداخل، والحفاظ على الريادة في الابتكار، لكن ليس على حساب الانسحاب من معركة الحفاظ على مكاسبنا العالمية المشتركة”.

تنويع التحالفات

في معركة الحفاظ على المكاسب العالمية المشتركة، قوة التحالفات الاستراتيجية حاسمة. وبحسب الكاتبين، نحن نعيش في واقع جديد من “العولمة المفككة”، فلا تزال السياسات التجارية مهمة، لكنها تعمل في مناطق نفوذ أعيد مواءمتها بأنماط معدلة من التجارة والاستثمار.

ولفت الكاتبان، في مقالهما، إلى أن تعددية الأطراف ستظل قائمة، لكن تشكلها التكتلات المتنافسة أكثر من الممارسات متعددة الأطراف. ومن هذا المنطلق، تكون الغلبة للتحالفات الإقليمية والانتقائية. وتحتاج أوروبا والولايات المتحدة إلى تحالفات متنوعة بأنحاء العالم.

لكن لأسباب تاريخية وتجارية، يجادل الكاتبان على ضرورة أن يكون الرابط العابر للأطلسي حجر الزاوية، الذي لا غنى عنه، لأوروبا وأمريكا، وأن يكون قادرًا بنحو استثنائي على أداء دور حامل لواء ديمقراطية السوق، في عالم يشهد إعادة مواءمة.

التوافق الأمريكي الأوروبي

استشهد الكاتبان بتصريح المفوض الأوروبي للتجارة، فالديس دومبروفسكيس، عندما قال في واشنطن، الشهر الماضي، إنه “من الضروري أن يبقى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على وفاق، في الوقت الذي نواجه تحديات عالمية متداخلة”.

ووفق الكاتبين، لا ينبغي أن تستخدم الولايات المتحدة أو أوروبا مستوى التحول الديمقراطي في بلد ما، كاختبار حاسم وحيد للعلاقة التجارية، على الرغم من أن اعتماد أوروبا الزائد على الطاقة الروسية كان درسًا قاسيًّا للجميع.

ولفت يركسا وهوك إلى أنه عندما تغفل الولايات المتحدة وأوروبا عن أهمية التحالف بينهما، ويشمل ذلك في المجال الاقتصادي، تبتهج الأنظمة الاستبدادية. لأنها تخفي بعض المشكلات الثنائية القائمة منذ فترة طويلة، والخطوات الأخيرة لتوحيد الجهود عجزت عن تحقيق المواءمة الاستراتيجية الحقيقية.

الصراع التجاري

يتبنى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سياسات تجذبهما أكثر نحو الصراع التجاري. وذكر الكاتبان أن إلقاء نظرة خاطفة على سعي الاتحاد الأوروبي لـ”السيادة الرقمية”، أو القيود على الواردات الزراعية، إلى جانب سياسة الرقائق الأمريكية أو خططها لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، يثير التساؤلات بشأن فهم الأهمية الوجودية للتحالف بينهما.

وأضاف يركسا وهوك أن هذه الديناميكية “تقوض القدرة التنافسية لأمريكا وأوروبا، وتبدد آمال التوصل إلى أجندة أمن اقتصادي مشتركة. وأوصى الكاتبان باستخدام آليات مثل “مجموعة الـ7″ و”مجلس التجارة والتكنولوجيا الأمريكي الأوروبي” لوقف التراجع. ولكن أشارا إلى ضرورة فهم مخاطر الانشغال بأمور جانبية في أثناء الأزمة.

الوحدة العابرة للأطلنطي

لفت الكاتبان إلى أن اختيار أوروبا وأمريكا الاستباقي لعدم الإضرار بمصالح أحدهما الآخر، يتطلب إحساسًا بالحاجة المُلحة والدافع السياسي من المستويات العليا. وقالا: “تحتاج أجندتنا إلى أن تكون أكبر وأكثر جرأة، عبر التخلص من التمييز، وتبني الوحدة العابرة للأطلسي، مع السعي لجعل سلاسل الإمداد أكثر مرونة”.

وأضافا: “معًا فقط نستطيع مواجهة التهديدات الجيوسياسية، ومعًا فقط، إلى جانب حلفاء مثل اليابان وكوريا الجنوبية وغيرهما، نستطيع صياغة القواعد المستقبلية للتجارة متعددة الأطراف”. وختامًا، قال يركسا وهوك إنه عبر سد الفجوات في الرؤى الأمريكية والأوروبية للنظام الجيواقتصادي المستقبلي، “نستطيع تجاوز هذا العصر من منافسة القوى العظمى”.

ربما يعجبك أيضا