روسيا مستعدة للتفاوض وأوكرانيا تشكك.. هل تبدأ المحادثات قريبًا؟

محمد النحاس

"كل الحروب تنتهي عن طريق التفاوض"، مع ذلك يرى الخبراء أن التصريحات التي تتحدث عن المحادثات ليس لديها رصيد يدعمها من واقع الميدان، فما سبب ذلك؟


أبدى الكرملين، في أكثر من مناسبة خلال هذا الأسبوع، استعداده للتفاوض بشأن إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المستعرة منذ 10 أشهر.

لكنّ الوضع الميداني يشهد تصعيدًا متبادلًا، وتكثف موسكو ضرباتها على البنية التحتية الأوكرانية، في حين استهدفت كييف قاعدة عسكرية روسية، وأعلن الرئيس الروسي، في وقت سابق هذا الشهر، دخول أسلحة متطورة جديدة للجيش.

التعاون مع أوروبا

دعا وزير الخارجية الروسي، سيرجى لافروف، المسؤولين الأوروبيين إلى “العودة إلى الواقع”، و”التخلص من رهاب روسيا”، مردفًا “سيدرك الأوروبيون آنذاك ضرورة بناء شراكة متوازنة بين موسكو والعواصم الأوروبية”، وفق ما نقلته وكالة “تاس” الروسية، اليوم الثلاثاء 27 ديسمبر 2022.

ولفت الوزير إلى أن موسكو “ستواصل العمل مع الأوروبيين القلائل الذين يُقدّرون صداقتهم مع روسيا”، مشددًا على اتباع بلاده “نهجًا واقعيًّا”، وأنه إذا ما ظهر مسؤولون أوروبيون لديهم “توجهات وطنية”، ويدركون ضرورة التعاون مع موسكو، والمنفعة المتبادلة المترتبة على هذا التعاون، سيتضح عندئذ أن روسيا لا تمثّل أي تهديد للأوروبيين.

استعداد روسي وتشكيك أوكراني

على ذات المنوال، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده مستعدةٌ للتفاوض مع جميع أطراف النزاع، وشدد على أن أوكرانيا والغرب، هم من يرفضون التفاوض، مشيرًا إلى أن بدء المحادثات أمر متروك لهم، وفق ما نقلته وكالة أنباء “رويترز” من مقابلة أجراها بوتين، يوم الأحد، مع التلفزيون الروسي الرسمي.

2022 09 30T133506Z 288246664 RC2PRW9N2HAP RTRMADP 3 UKRAINE CRISIS PUTIN scaled e1664558081885 1

في مقابل هذه التصريحات الروسية، التي تُبدي استعدادًا لبناء الشراكات مع أوروبا، وبدء المحادثات مع كييف، ترى أوكرانيا أن روسيا تريد إطالة أمد الحرب. ودعا مستشار الرئيس الأوكراني، ميخايلو بودولياك، روسيا إلى “العودة إلى الواقع”، لافتًا إلى أن موسكو لا ترغب في التفاوض، لكنها تحاول التنصّل من المسؤولية.

GettyImages 1244219741

قمة سلام

تحدثت كييف في ذات سياق التفاوض، وأعلن وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، أن بلاده ترغب في عقد “قمة سلام” بنهاية فبراير المقبل، في الأمم المتحدة. وقال الرئيس الأوكراني إن كييف ترغب في أن تكون الهند وسيطًا في تنفيذ صيغة السلام، التي أعلنها.

وقدم زيلنسكي “صيغة للسلام” في نوفمبر الماضي، لقادة دول مجموعة الـ20، التي تولت الهند رئاستها هذا العام، وفي المقابل وخلال مؤتمر صحفي، أجراه المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، شدد على أن موسكو “تركز على شروطها الخاصة، ولن تتبع إملاءات الآخرين”.

خبراء يشككون

في ظل هذه التصريحات المتبادلة، التي لا تخلو من تناقض، استبعد الخبير في الشأن الدولي، سمير رمزي، إجراء أي مفاوضات حاليًّا، لافتًا إلى التصعيد الميداني المتبادل من أطراف النزاع، وتدفّق الدعم العسكري من الولايات المتحدة، التي أعلنت تسليم أوكرانيا منظومة “باتريوت” الصاروخية الدفاعية، على خلفية زيارة زيلنسكي الأخيرة إلى واشنطن.

21dc prezy 1 1 3054 videoSixteenByNine3000 scaledويتفق الباحث المتخصص بالشأن الأوروبي بمركز الأهرام للدراسات، بهاء محمود، مع هذا الرأي، ويرى أن التصريحات الأوكرانية “لا تتسق مع الواقع”، خاصة أن الروس ما زالوا يسيطرون على أكثر الأراضي، التي ضمها الكرملين للاتحاد الروسي في سبتمبر الماضي.

الضغط على أوروبا

يرى الباحث بمركز الأهرام أنّ التصريحات الروسية تأتي للضغط على العواصم الأوروبية، في وقت تعاني فيه من ارتفاع الأسعار والتضخم، لافتًا إلى أن السبب في تأزم العلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي “تبعية الدول الأوروبية للولايات المتحدة في ما يتعلق بنهج التعامل مع موسكو”، في حين تستفيد واشنطن من النزاع.

ويلفت بهاء محمود إلى أنه بعد تعطّل خط أنابيب “نوردستريم”، أبدى الروس استعدادهم لضخ الغاز لأوروبا عن طريق أوكرانيا، وعلى الرغم من عدم اتضاح كيفية تلقي كييف الغاز خلال الحرب الجارية، فإنها كانت تعتمد على نحوٍ رئيس في إمداد الغاز على موسكو.

وتابع أن التصريحات الأوكرانية مبالغ فيها، لافتًا إلى أن الحديث عن الانتصار يبدأ بعد “إخراج الروس من الأراضي الأوكرانية، لا حين تتمكن الدفاعات الجوية من صد بعض الضربات الروسية”.

8640

إطالة النزاع

في سؤاله عن احتمال خفض التصعيد، يرى خبير الشأن الدولي، سمير رمزي، أن ذلك ليس مرجحًا في الوقت الحالي، موضحًا أن المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا تشي بأن الأخيرة تستعد لمواجهات أشد عنفًا، خلال الفترة المقبلة، وعلاوةً على ذلك، فإن الدول الغربية تراهن على إطالة أمد النزاع، ما يزيد الضغوط الاقتصادية والعسكرية على الكرملين.

fea when will war in ukraine end

ويضيف رمزي أن ملامح التوافق ما زالت غير بادية، فكييف تصر على تراجع روسيا إلى ما قبل حدود 24 فبراير، في حين يرفض الكرملين خطوة كهذه، ولا يُبدي استعدادًا لها، مضيفًا أنها يمكن فهم تصريحات المسؤولين الروس على إنها إخلاء للمسؤولية أمام المجتمعين الدولي والمحلي، في وقت يتجه فيه النزاع للتصاعد يومًا بعد آخر.

وعلى الصعيد الميداني، لا يلوح في الأفق أمارات تهدئة محتملة، بل على النقيض، تواصل روسيا استهداف البنية التحتية الأوكرانية، وشن الهجمات الصاروخية وضربات المسيّرات، في حين تستمر كييف في استهداف القوات الروسية المتمركزة في مناطق دونباس ودونيتسك الانفصالية.

ربما يعجبك أيضا