من سوريا إلى أوكرانيا.. «فاجنر» أصبحت وحشًا لا يتوقف عن القتل

بسام عباس

سلطت المعارك الشرسة في شرق أوكرانيا الضوء على مجموعة فاجنر الروسية التي يقودها يفجيني بريجوزين المقرب من الرئيس الروسي بوتين.


تناولت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية تاريخ مجموعة فاجنر المرتزقة ودورها الحالي في القتال الدائر في أوكرانيا، والهجوم الروسي على مقاطعة دونيتسك.

وقالت الوكالة إن المعارك الشرسة أنتجت بعض أكثر المواجهات دموية، منذ أن أرسلت روسيا قواتها إلى أوكرانيا، حيث اضطر مرتزقة فاجنر إلى “السير على جثث زملائهم”، كما ذكرت السلطات الأوكرانية.

مؤسس فاجنر

قالت الوكالة الأمريكية إن يفجيني بريجوزين (61 عامًا) اعترف بامتلاكه المجموعة في سبتمبر الماضي، قبل أن يعلن هذا الشهر أنه أسسها وقادها وموّلها، وذكرت أنه استغل علاقاته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للفوز بعقود حكومية روسية مربحة أكسبته لقب “طباخ بوتين”.

وأضافت، في تقرير نشرته أمس الجمعة 27 يناير 2023، أن نفوذه توسع ليشمل أعمالًا أخرى، بما في ذلك امتلاك منافذ إعلامية ومنصات سيئة السمعة، تقود “جيوشًا إلكترونية” بحسابات مزورة تنشط على وسائل التواصل الاجتماعي، أدت في النهاية إلى اتهامه بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016.

أين تنشط فاجنر؟

أوضحت الوكالة الأمريكية أن مرتزقة فاجنر رُصدت للمرة الأولى في شرق أوكرانيا، بعد فترة وجيزة من ضم روسيا إلى شبه جزيرة القرم في 2014، مشيرة إلى أن روسيا دعمت الانفصاليين في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، إلا أنها أنكرت إرسال قوات عسكرية رغم وجود الكثير من الأدلة تكشف عكس ذلك.

وإلى جانب أوكرانيا، تنتشر عناصر فاجنر في سوريا، وقاتلوا في ليبيا، وتعمل المجموعة أيضًا في جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، وبحسب وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، تستغل المجموعة وصولها إلى الذهب والموارد الأخرى في إفريقيا لتمويل عملياتها في أوكرانيا.

 وحشية مروعة

أفادت أسوشيتد برس أن دولًا غربية وخبراء من الأمم المتحدة، اتهموا مرتزقة فاجنر بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في جمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا ومالي وأوكرانيا، ففي ديسمبر 2021، اتهم الاتحاد الأوروبي المجموعة بارتكاب “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء وتنفيذ “أنشطة مزعزعة للاستقرار”.

وذكرت الوكالة بعض الحوادث التي تكشف وحشيتها المروعة، منها مقطع فيديو نُشر على الإنترنت في عام 2017، يُظهر مجموعة من مرتزقة فاجنر، وهم يعذبون رجلًا سوريًّا، ويقتلونه بطريقة بشعة، لافتة إلى أن السلطات الروسية تجاهلت مطالب وسائل إعلام ونشطاء حقوقيين بالتحقيق في جريمة القتل.

دور فاجنر في أوكرانيا

قالت الوكالة إن فاجنر لعبت دورًا متزايدًا في الحرب، فعانت القوات الروسية النظامية من الاستنزاف الشديد، وفقدت السيطرة على بعض الأراضي التي استولت عليها في سلسلة من الانتكاسات المهينة، وأن بريجوزين ادعى الفضل لمجموعته في الاستيلاء على مدينة سوليدار، متهمًا وزارة الدفاع الروسية بمحاولة سرقة انتصاره.

وقال بريجوزين إن فاجنر هي من تقود الهجوم على مدينة باخموت التي حاولت القوات الروسية الاستيلاء عليها منذ شهور، ولكنها لم تتمكن من ذلك، وخلال الأشهر الماضية أجرى بريجوزين جولة في السجون الروسية لتجنيد مقاتلين، ووعد بالعفو عمن ينضمون إلى مجموعته في حال أكملوا ستة أشهر على خطوط المواجهة.

أعداد مرتزقة فاجنر

قالت الوكالة الأمريكية إن الولايات المتحدة تقدر أن فاجنر فقدت نحو 50 ألف فرد في القتال في أوكرانيا، بما في ذلك 10 آلاف متعاقد ونحو 40 ألفًا من المدانين الذين جندتهم، وتقدر الولايات المتحدة أيضًا أن المجموعة تنفق نحو 100 مليون دولار شهريًّا في القتال.

وقال مسؤولون بريطانيون إن مرتزقة فاجنر ارتفع عددهم من ألف مقاتل إلى ما يقرب من 20 ألف مقاتل في أوكرانيا، في علامة على اعتماد روسيا المتزايد على الشركة العسكرية الخاصة لدعم حربها، وفق شبكة بي بي سي.

خلافات مع المؤسسة العسكرية

قالت أسوشيتد برس إن وصول فاجنر إلى الأسلحة الكورية الشمالية، يعكس خلافاتٍ طويلة المدى مع القيادة العسكرية الروسية، يعود تاريخها إلى الفترة التي أعقبت إنشاء المجموعة، مشيرة إلى مقطع فيديو يظهر عددًا من مرتزقة فاجنر في أوكرانيا يسبون رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الروسي الجنرال، فاليري جيراسيموف.

وأضافت أن بريجوزين نفسه انتقد كبار الضباط العسكريين في الأشهر الأخيرة، متهمًا إياهم بعدم الكفاءة، وأن تصريحاته كانت غير مسبوقة بالنسبة إلى النظام السياسي الروسي الخاضع لسيطرة مشددة، لافتةً إلى أن بوتين هو الوحيد القادر على توجيه مثل هذه الانتقادات.

سفك الدماء

في وقت سابق من هذا الشهر، أبدى بوتين ثقته بالجنرال جيراسيموف من خلال تكليفه بمسؤولية مباشرة عن القوات الروسية في أوكرانيا، وهي خطوة فسرها بعض المراقبين أيضًا على أنها رسالة لبريجوزين، الذي خفف إلى حد ما، من انتقاداته للقيادة العسكرية الروسية.

وعندما سُئل بريجوزين مؤخرًا عن مقارنة وسائل الإعلام بينه وجريجوري راسبوتين، وهو راهب اكتسب تأثيرًا قويًّا على آخر قيصر لروسيا بادعائه القدرة على علاج مرض الهيموفيليا لابنه، قال بريجوزين: “أنا لا أوقف نزيف الدماء، لكني سفكت دماء أعداء وطننا الأم”.

فاجنر والعقوبات الغربية

قالت الوكالة الأمريكية إن الولايات المتحدة فرضت عدة العقوبات على بريجوزين وفاجنر، وشددت وزارة الخزانة من العقوبات ضد فاجنر والشركات والأفراد التابعين لها، وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات مماثلة على بريجوزين وعدة أشخاص مرتبطين بالمجموعة وثلاث شركات طاقة مقرها روسيا، مرتبطة بالمجموعة في سوريا.

وأضافت أن بريجوزين سخر من العقوبات الغربية، وقال: “لقد أجرينا تحقيقًا داخليًّا للنظر في الجرائم المزعومة التي ارتكبها فاجنر، لكننا لم نعثر على أدلة على ذلك”، متحديًا من يلقون بتلك الاتهامات بإرسال دليل واحد عليها.

ربما يعجبك أيضا