هل تفسد مذكرة توقيف بوتين زيارة الزعيم الصيني لموسكو؟

قبل أيام من رحلة مرتقبة للرئيس الصيني إلى موسكو، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

واتهمت المحكمة بوتين بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، بينها خطف ونقل الأطفال والمراهقين الأوكرانيين من مناطق محتلة إلى روسيا الاتحادية، علمًا بأن موسكو لا تعترف بالجنائية الدولية التي تحاكم المتهمين بجرائم الحرب.

استحالة تنفيذ مذكرة الاعتقال

أشارت مجلة نيوزويك الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 17 مارس 2023، إلى أن مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب أمر صعب، خاصة في قضية روسيا ،لأن موسكو لم تصادق على نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية في عام 1998.

ونوهت بأن روسيا لن تسلم بوتين للمحاكمة، ما لم يسافر هو إلى إحدى الدول التي صدقت على القانون لتحتجزه، وبالتالي سيكون من المستحيل تقريبًا على سلطات المحكمة تنفيذ المذكرة.

إفساد علاقة بوتين مع الصين

مذكرة التوقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا تؤدي إلى ملاحقة قضائية فورية، ولكنها قد تضر إحدى أهم علاقاته، وهي العلاقات التي طورها بنحو منهجي خلال العام الماضي مع الصين.

وحسب المجلة الأمريكية، ترى الولايات المتحدة أن الصين انحازت إلى روسيا في حرب أوكرانيا، وهو ما دفع الحلفاء الغربيين لحث الصين على التواصل مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، حتى تكون بكين طرفًا محايدًا في الصراع.

زيارة شي لموسكو

أشارت نيوزويك الأمريكية إلى أنه بصرف النظر عن الأمور اللوجستية المعقدة، جاءت مذكرة اعتقال بوتين قبل أيام من اجتماع حاسم بين الزعيم الروسي، والرئيس الصيني شي جين بينج.

وكانت وزارة الخارجية الصينية أعلنت أمس الأول الخميس، أن شي سيزور موسكو، من الاثنين إلى الأربعاء، بناء على دعوة من بوتين. وستكون هذه أول رحلة لشي إلى روسيا منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وهي زيارة توصف بأنها مؤشر واضح على مدى قرب البلدين في العام الماضي.

هل تصر بكين على دعم موسكو؟

أشارت نيوزويك إلى أن زيارة شي المرتقبة لموسكو، تعد أحدث علامة على مدى جرأة بكين في طموحاتها لتصبح لاعبًا عالميًّا رئيسًا.

ونقلت المجلة عن قائد الجيش الأمريكي المتقاعد في أوروبا بن هودجز، قوله إن “الصين العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يجب أن تفكر في مصداقيتها ودورها في العالم، خاصة إذا كانت تفكر أيضًا في تقديم مساعدة كبيرة لروسيا”.

موقف الصين من روسيا

على الرغم من أن الصين سعت لتصوير نفسها على أنها محايدة في الحرب الروسية الأوكرانية، تنظر الولايات المتحدة إليها على أنها تقف إلى جانب روسيا، ورفضت الإدارة الأمريكية مذكرة الصين بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

ومن جانبها، نددت الصين بالعقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، وانتقدت رد فعل حلف شمال الأطلسي (الناتو) على الحرب، وقالت إن شراكة موسكو وبكين “لا حدود لها”.

شي في وضع حرج

قال المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، مايكل كيميج، لمجلة نيوزويك، إن ظروف زيارة شي ستكون أقل من مثالية، ومن غير المحتمل أن يتناول شي مذكرة المحكمة الجنائية الدولية خلال رحلته إلى موسكو. وأضاف: “لا يوجد شيء من شأنه أن يعيق العلاقات بين الصين وروسيا”.

وعلى النقيض، قالت الباحثة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، إليونورا تافورو، إنه حتى لو كان توقيت أمر اعتقال بوتين تصادف مع زيارة شي لموسكو، فإن الأمر قد يجعل الرئيس الصيني يشعر بالتوتر لأنه يواجه ضغوطًا غربية متزايدة، للتوقف عن دعم النظام الروسي.

شي لا يشعر بالقلق

قال مدير هيئة التدريس في برنامج الدراسات الروسية والأوروبية الآسيوية وشرق أوروبا بجامعة نورث وسترن، جوردان جانس مورس، لمجلة نيوزويك: “من الصعب أن نتخيل أن أمر التوقيف سيغير حسابات الرئيس شي في ما يتعلق بزيارته المقبلة إلى روسيا”.

وأضاف مورس أنه “على المستوى الجيوسياسي، من المحتمل أن يشعر شي بالأمان الكافي لدرجة تغنيه عن القلق من تجنب الولايات المتحدة أو أوروبا له. ومع ذلك، يمكن أن تتغير هذه التصورات إذا أظهرت الصين المزيد من المشاركة العلنية في خطة سلام الحرب الأوكرانية الأسبوع المقبل”.