مخطوطات الرهبان تكشف عن علاقة بين البراكين وخسوف القمر

بسام عباس
بركان ثائر

لم يتخيل رهبان العصور الوسطى عند وصفهم خسوف القمر بأنهم يدوّنون تأثيرات البراكين العملاقة التي حدثت قبل ذلك ببضعة أشهر.


كشفت دراسة جديدة عن طريقة مبتكرة للتحقق من تاريخ البراكين، من خلال دراسة أوصاف خسوف القمر في مخطوطات رهبان العصور الوسطى.

وحدد علماء المناخ نحو 400 حسابًا توثق 119 خسوفًا للقمر، تضمنت 37 منها معلومات عن لون القمر وخسوفه، ما ساعد العلماء على تحديد حدوث وشدة الانفجار البركاني في ذلك الوقت.

سجلات ناقصة للبراكين

أوضحت دراسة جديدة أن الأرض مرت بفترة باردة، عرفت باسم العصر الجليدي الصغير، قبل أن يبدأ البشر في تسخين الكوكب بحرق الوقود الأحفوري في القرن 19، ويعتقد العلماء أن موجة البرد هذه ناجمة جزئيًّا عن الانفجارات البركانية، التي أدت لحجب أشعة الشمس.

وأضافت الدراسة، التي أجراها فريق بحثي من جامعة جنيف بقيادة سيباستيان جيليت، ونشرتها مجلة نيتشر، يوم الأربعاء 5 إبريل 2023، أن السجلات التي توثق هذه البراكين قليلة، وتأتي معرفتنا لها من الآثار التي خلفها الجليد القطبي وحلقات الأشجار، وتكون مجزأة ومتناقضة في بعض الأحيان.

الخسوف الغامق

أوضحت الدراسة أن الباحثين جمعوا مئات السجلات عن خسوف القمر من جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وآسيا، ووثقوا 187 حالة خسوف بين عامي 1100 و1300، ودققوا في الأوصاف، التي تعطي معلومات عن سطوع القمر ولونه في أثناء الكسوف، وكان معظم هؤلاء رهبانًا أو رجال دين أوروبيين، يكتبون باللاتينية.

d41586 023 00939 9 25207784

سجلات لخسوف القمر قي العصور الوسطى

وصنّف الباحثون لون وسطوع القمر في كل خسوف كلي، فكلما كان الخسوف أكثر إشراقًا، كان الغلاف الجوي أكثر وضوحًا في ذلك الوقت، في حين يشير الخسوف الغامق إلى مستوى أعلى من جزيئات الهباء في الغلاف الجوي العلوي، وهو مؤشر على النشاط البركاني الأخير.

وتابعت الدراسة أن الباحثين وضعوا بيانات الكسوف جنبًا إلى جنب مع محاكاة سلوك جزيئات الهباء في الغلاف الجوي، ومطابقتها مع رصد الأقمار الصناعية الحديثة، والأدلة المناخية من سجلات حلقات الأشجار التاريخية، ما سمح لهم بتقدير توقيت الانفجارات بقدر أكثر دقة، وتحديد الانفجارات، التي وصلت إلى طبقة الستراتوسفير.

 كيف تؤثر البراكين على الخسوف؟

أوضحت الدراسة أن الانفجارات البركانية الضخمة عندما ثتور، تطلق الرماد والحمم البركانية، التي تنطلق إلى طبقة الستراتوسفير الأرضية، وتظل عالقة بها لعدة أشهر، ما يجعل القمر أكثر احمرارًا وأكثر قتامة في أثناء الكسوف، مثل ما يحدث عند اندلاع حرائق الغابات الكثيفة.

وأضافت أن من أبرز الأمثلة على ذلك غروب الشمس البركاني، الذي شوهد في جميع أنحاء أستراليا في الأشهر التي أعقبت ثوران بركان تونجا في يناير 2022، مشيرة إلى أن وجود هذه المادة في طبقة الستراتوسفير، سيجعلها تنتشر بأنحاء الأرض.

وذكرت أن كثافة المواد البركانية الموجودة في طبقة الستراتوسفير يؤثر في سطوع القمر في أثناء الخسوف، ففي الأشهر التي تلي أي انفجار بركاني كبير، سيكون خسوف القمر أشد قتامة من المعتاد.

 كيف تؤثر البراكين في المناخ

أفادت الدراسة أن الانفجارات البركانية يمكن أن تقذف كميات هائلة من الرماد وثاني أكسيد الكبريت وغازات أخرى في الغلاف الجوي، ما يتسبب في التبريد أو الاحترار، وكلاهما مؤقت، ويعتمد التأثير على ما يقذفه البركان بالضبط، ومدى ارتفاع العمود، وموقع البركان.

وأضافت أن ثاني أكسيد الكبريت، إذا وصل إلى طبقة الستراتوسفير، يتفاعل مع بخار الماء لتشكيل حجاب طويل الأمد من رذاذ الكبريتات، ويمنع هذا الهباء مع الرماد البركاني الإشعاع الشمسي ويبعثره، ما يؤدي إلى تبريد سطح الأرض.

وأشارت إلى أن الانفجارات البركانية الكبيرة، مثل ثوران بركان بيناتوبو في الفلبين عام 1991، وثوران بركان تامبورا عام 1815 في إندونيسيا، أدت إلى انخفاض طفيف في درجة الحرارة العالمية في السنوات التي أعقبتها، فبعد تامبورا، شهدت أوروبا وأمريكا الشمالية “عامًا بدون صيف” في عام 1816.

اقرأ أيضًا| دراسة حديثة تكشف علاقة تغير المناخ بزيادة الأعاصير

اقرأ أيضًا| هل تغير المناخ وراء نفوق الكائنات البحرية بجميع أنحاء العالم؟

ربما يعجبك أيضا